كلما زاد اضطراب العالم، زادت جاذبية الذهب كأصل استثماري. هذه القاعدة القديمة في عالم الاستثمار تكتسب أهمية خاصة في وقت تُحدث فيه التوترات التجارية هزات عنيفة في الاقتصاد العالمي. وبالنسبة للمستثمرين الساعين لتحصين محافظهم المالية، يبدو الذهب بمثابة منارة وسط فوضى الأسواق.
بعد أن سجل مستويات قياسية خلال عامي 2024 و2025، قفز سعر الذهب متجاوزاً 3100 دولار للأونصة في 31 مارس الماضي، ليصل إلى مستوى غير مسبوق في تاريخه. وتتوقع البنوك أن يواصل الارتفاع خلال الأشهر المقبلة.
قال جاراد براون، كبير المخططين الماليين في شركة "غلوبال فاينانشيال كونسالتنتس" (Global Financial Consultants) ومقرها سنغافورة، إن تخصيص ما بين 3% إلى 10% من المحفظة الاستثمارية للذهب يوفر وسيلة تحوط فعالة ضد تراجع الأصول عالية المخاطر.
رغم ذلك، فإن الاستثمار في المعدن -حتى وإن كان لامعاً وجذاباً- لا يعني أنه آمن أو خال من المخاطر. رغم أن سعر الذهب غالباً ما يتحرك بشكل منفصل عن الأسهم أو السندات -ما يشكل أحد عناصر جاذبيته- إلا أن التقلبات تظل سمة أساسية في هذا الأصل.
ومن ثم، هل ينبغي لك أن تُقدم على الاستثمار في موجة الاندفاع الجديدة نحو الذهب؟
أولاً، ينبغي فهم الخيارات المتاحة وطريقة دخول السوق. بالنسبة للمهتمين بشراء السبائك -وهي الشكل المكرر من المعدن المستخدم في صنع القضبان أو العملات- فإن المشترين الفعليين بحاجة إلى الانتباه إلى جودة الذهب وتكاليف التخزين. أما المستثمرون في السوق المالية، فعليهم أن يدركوا أن الذهب، رغم كونه سلعة ملاذ آمن، إلا أن الصناديق المتداولة في البورصة ليست محصنة ضد ظروف الاقتصاد غير المواتية.
الشراء عند الارتفاع والبيع عند ارتفاع أكبر
قد يقلق أي مستثمر يفكر في شراء الذهب اليوم من أنه يدخل السوق عند ذروته. فقد سجل الذهب أداء مذهلاً في عام 2024، مدفوعاً بموجات شراء ضخمة من البنوك المركزية، وارتفع 19% أخرى في الربع الأول من 2025.
رغم الأسعار المرتفعة، يقول المحللون إن هناك مجالاً لتحقيق مزيد من المكاسب، شريطة اقتناص اللحظة المناسبة. وقال تريفور ييتس، كبير محللي الاستثمار في صندوق "غلوبال إكس" المتداول في البورصة: "أي تراجع في سعر الذهب يُعد فرصة للشراء".
الذهب رمز الثراء والقدسية
ترتبط الجاذبية الدائمة للذهب جزئياً بأهميته الثقافية والتاريخية. لطالما كان الذهب رمزاً للثراء والقدسية، واستخدمه الأشخاص في مختلف أنحاء العالم في الطقوس والرموز الدينية. كما أن السبائك الذهبية تُعد من الأصول المادية، فهي قابلة للنقل وتُستخدم كمخزن للقيمة، إذ تورّث المجوهرات وغيرها من القطع الذهبية من جيل إلى آخر.
يؤمن "عشاق الذهب" وهم من المتحمسين بشدة لهذا المعدن بأن امتلاك الذهب يشكل حماية من انهيار العملات الورقية، مثل الدولار. والشعور السائد لدى من يملك الذهب هو أن جزءاً من محفظته الاستثمارية محصن من الفوضى، وهو ما يفسر عادة صعود الأسعار بالتزامن مع الاضطرابات الجيوسياسية.
سجل الذهب مستويات قياسية خلال 2020 إبان وباء كورونا، ارتفع أيضاً عقب احتدام الحرب بين روسيا وأوكرانيا خلال فبراير 2022، وكذلك بعد اندلاع حرب إسرائيل مع حماس في أكتوبر 2023. رغم ذلك، لا يمكن اعتبار العلاقة بين الذهب والاضطرابات الجيوسياسية علماً دقيقاً دائماً، فعلى سبيل المثال، تراجع سعر الذهب مباشرة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن الرسوم الجمركية خلال 2025.
رؤية طويلة الأجل للذهب
يتعافى الذهب حالياً من أدنى مستوياته منذ عدة عقود، وفق مايك ماغلون، كبير الخبراء الاستراتيجيين في السلع الأساسية في "بلومبرغ إنتليجنس". وبعد اختراق حاجز الـ3 آلاف دولار للأونصة -حاجز نفسي مهم- بدأ المحللون في رفع توقعاتهم. ورفع بنك "غولدمان ساكس" توقعاته إلى 3300 دولار للأونصة مع حلول نهاية العام الجاري، فيما تتوقع شركة "ماكواري غروب" الأسترالية أن يصل الذهب إلى 3500 دولار في الربع الثاني من العام الجاري، وهو المستوى الذي يرى "بنك أوف أميركا" أنه قابل للتحقيق خلال العامين المقبلين، بحسب مذكرة للعملاء صدرت في مارس الماضي.
يرى براون أنه يجب التفكير على المدى الطويل قائلاً: "أنت لا تستثمر في الذهب عادة لتحقيق أرباح سريعة، بل بهدف حماية ثروتك والحفاظ عليها".
سيولة عبر الأسهم المرتبطة بالذهب
يمكن للمستثمرين المؤسسيين والأفراد استثمار أموالهم في الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب، والتي يستند بعضها فعلياً إلى سبائك ذهبية مادية. ويقول المستشارون إن هذه الصناديق أسهل بكثير من شراء السبائك من حيث الاستثمار، كما أن جوانب الأمان والتخزين تُدار تلقائياً (رغم أن معظم هذه المنتجات المالية تفرض رسوماً سنوية). بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الصناديق توفر سيولة عالية. رغم ذلك، يرى أنصار الذهب التقليديون أنه في حال حدوث انهيار كارثي في الأسواق، فإنك لن تملك شيئاً ملموساً.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg