منذ توقيع منكرة التفاهم التونسية الأوروبية في عام 2023... ما الدور الذي تلعبه السلطات التونسية في أزمة الترحيل القسري لمهاجرين تونسيين في إيطاليا وغيرها من الدول؟ #تونس

يريد وسام أن يفرك عينيه ويفيق من كابوس العودة إلى تونس حتى يجد نفسه مجدا في إيطاليا. لكن مع استحالة تحقيق هذه الأمنية فإن وسام مضطر لينظر إلى كل ما يحيط به مجددا بحيه الشعبي في منطقة الكبارية بالعاصمة منذ أن غادره قبل 18 عاما.

كان وسام الذي يبلغ من العمر اليوم 37 عاما، قد هاجر لأول مرة في عام 2009 أي قبل أكثر من عام من اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في بداية 2011. ورغم طول المدة التي عاشها في إيطاليا وإنجابه لطفلة من رفيقته الإيطالية هناك، إلا أنه لم ينجح في الحصول على وثائق إقامة قانونية دائمة.

وبعد سنوات قضاها في العمل المتقطع بين المطاعم وفي اختصاص الكهربائي وهو مجال تكوينه المهني في تونس، وفترات أخرى متواترة قضاها في الإيقاف، انتهى به الأمر في نهاية المطاف ضمن قائمة الموقوفين في مركز "تراباني" جنوب إيطاليا، حيث قضى مدة شهرين قبل ترحيله على متن طائرة الى تونس.

ويسرد وسام بلكنة مضطربة يغلب عليها اليأس والاحباط لـ DW عربية "الموت أرحم لي. أمي لا تعلم حتى اليوم سبب عودتي إلى تونس. ومنذ عودتي لم أغادر غرفتي. اضطررت لمغادرة الحي والبقاء بعيدا في بيت شقيقتي في منطقة فوشانة".

ويتشارك مع وضعية وسام المئات من التونسيين الذي جرى إبعادهم من إيطاليا في موجة ترحيل مكثفة منذ بداية العام الجاري عبر رحلات أسبوعية من المطارات الإيطالية، لتحط بعيدا عن تغطية وسائل الإعلام في مطار طبرقة شمال غرب تونس ومطار النفيضة - الحمامات على الساحل الشرقي.

وأدت هذه الحملة المتصاعدة منذ توقيع منكرة التفاهم التونسية الأوروبية في عام 2023، إلى تفشي حالة من الغليان الشعبي في تونس بشأن سياسات الهجرة الجديدة التي صادقت عليها السلطة ونتائجها الاجتماعية. وبدأ مهاجرون تونسيون غير نظامين يتناقلون بمشاعر الغضب والخوف، رسائل لهم في مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي، يناشدون فيها الرئيس قيس سعيد بإيقاف الحملة والتراجع عن مذكرة التفاهم.

غموض في المذكرة

في الوقت الذي كان يتحدث فيه وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي عن الإرث الحضاري والإنساني المشترك بين تونس وإيطاليا في مؤتمر "كونفدرالية الإيطاليين حول العالم" الذي احتضنته تونس في الأسبوع الأول من شهر أبريل/ نيسان وعن حركات هجرة الإيطاليين إلى تونس في الماضي، كانت موجات الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين غير النظاميين من المدن الإيطالية تسير على قدم وساق وتثير حالة من الغليان الشعبي.

بحسب بيانات وزارة الداخلية الإيطالية، رحلت روما في الربع الأول من العام الجاري 470 تونسيا من مطارات إيطالية نحو مطار طبرقة شمال غرب تونس. وفي شهر مارس/ آذار وحده تم تسيير خمس رحلات بمعدل يتراوح بين 30 و40 مرحل تونسي في الرحلة الواحدة.

الرحلات لا تأتي من إيطاليا وحدها، فوفق بيانات رسمية صدرت عن البرلمان الألماني (بوندستاغ) رحلت ألمانيا عبر رحلتين في يناير/ كانون الثاني وشباط/ فبراير هذا العام 42 تونسيا. وعادة ما يكون متوسط عدد المرحلين شهريا من المانيا ما بين 20 و30 شهريا.

وفي عام 2024 كانت ألمانيا رحلت بالفعل 293 تونسيا. ووصل إجمالي هذا العدد منذ عام 2018 إلى 1783 مهاجرا تونسيا عبر 74 رحلة، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

وبينما يتصاعد الجدل بشأن محتوى الكثير من بنود مذكرة التفاهم غير المعلنة، ينفي الرئيس قيس سعيد في رده على أسئلة مباشرة كانت وجهت له من الصحافة المحلية في إحدى زياراته الداخلية، توقيعه على ترحيل تونسيين من بين المهاجرين غير النظاميين.

وأوضح الرئيس سعيد في تصريحاته، أن تونس لم تبرم أي اتفاقية في عهده لترحيل التونسيين من الفضاء الأوروبي. لكنه أشار في المقابل إلى اتفاقيتين كانتا أمضتهما الحكومة التونسية في عامي 2008 و2011، أي قبل توليه منصب الرئيس في 2019.

مع ذلك يقول المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن "السلطات التونسية لا تنشر أية معطيات حول عمليات الترحيل وعددها وعدد المرحلين"، كما لفت إلى أن "المرحلين قسرا لا يتمتعون بأي برامج لإعادة الإندماج في تونس".

وطالب العضو في المنتدى رمضان بن عمر السلطة بإنارة الرأي العام عبر الكشف عن محتوى التعاون غير المعلن مع الاتحاد الأوروبي ودوله ونشر الأرقام الحقيقية لعدد المرحلين من دول إيطاليا وفرنسا وألمانيا على وجه الخصوص.

تنص مذكرة التفاهم لعام 2023 صراحة على ضخ تمويلات تفوق المليار أورو وحوافز اقتصادية وبرامج تعاون. وحصلت تونس بالفعل على دفعات من التمويلات وجه جزء منها إلى تعزيز قدرات خفر السواحل. وتقول منظمات حقوقية أن ايضاحات الحكومة غير كافية فيما يرتبط بمكافحة الهجرة غير النظامية.

احتقان اجتماعي يتحول إلى كرة ثلج

لكن بعيدا عن جدل الحقائق، فإن "غضب المرحلين والمهاجرين" بدأ يتحول إلى كرة ثلج في تونس وسط تحذيرات من خبراء من ارتدادات اجتماعية وسياسية.

وفي تعليقه لـDW عربية يقول الناشط المستقل المقيم في إيطاليا والمتخصص في قضايا الهجرة، مجدي كرباعي إن "الاستمرار في سياسة الترحيل الحالية بموافقة السلطة يعني المزيد من تآكل الثقة في مؤسسات الدولة وإضعاف.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من قناة DW العربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة DW العربية

حماس تعلن فقدان الاتصال مع محتجزي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر
منذ 10 ساعات
تونس .. أرقام قياسية لاكتظاظ السجون ورؤية لإصلاح المنظومة
منذ 11 ساعة
توتر متجدد بين باريس و الجزائر.. ما الأسباب وراء الأزمة الأخيرة؟
منذ 9 ساعات
في كربلاء العراقية، يتم إحياء حقول النخيل من جديد في إطار جهد وطني واسع لاستعادة قطاع الزراعة في البلاد #العراق
منذ 11 ساعة
فرنسا تعتزم طرد 12 دبلوماسياً جزائرياً واستدعاء سفيرها
منذ 9 ساعات
حماس تعلن فقدان كتائب القسام الاتصال مع مجموعة تحتجز الجندي عيدان ألكسندر
منذ 10 ساعات
عصير فاكهة يخفف من التهابات القولون التقرحي بنسبة 40%
قناة روسيا اليوم منذ ساعة
عقابًا على رفضها الانصياع لإدارة ترمب.. تجميد منح فيدرالية ب2.3 مليار دولار لجامعة هارفارد #أميركا
قناة العربية منذ 6 ساعات
مفتاح جديد للسيطرة على ضغط الدم المرتفع
قناة روسيا اليوم منذ ساعة
خلال اتصال هاتفي.. تراشق لفظي بين ماكرون و نتنياهو بعد إعلان فرنسا اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية #فلسطين
قناة العربية منذ 4 ساعات
السلطات المصرية تغلق عيادة ابنة أصالة نصري
قناة روسيا اليوم منذ ساعة
وصفة كريم الأرز.. سر نضارة الكوريات وبشرتهن الزجاجية
قناة العربية منذ 34 دقيقة
مصر.. تشميع 11 فرعا لمحل حلويات شهير كان قد أثار ضجة في البلاد والسعودية
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
افتتاح "مول" في مدينة رام الله يتحول لترند، ما القصة؟ #نكمن_في_التفاصيل
اندبندنت عربية منذ 19 ساعة