تعاني إيمان عبد العاطي، التي تربي 6 من الأولاد والبنات مع إصابة زوجها بأمراض مزمنة تمنعه من العمل، يومياً لتدبير احتياجاتها اليومية من المأكل والتعليم والمواصلات ودروس الأبناء، فجاءت الزيادة الأخيرة بأسعار البنزين والسولار، الذي يعتمد عليه أغلب الشركات والمصانع والتجار لنقل بضائعهم وخضراواتهم للأسواق، لتفاقم وضعها الصعب أصلاً.
رفعت مصر أسعار المواد البترولية، يوم الجمعة، للمرة الثانية خلال 6 أشهر، متوقعةً أن تحقق وفراً قدره 35 مليار جنيه في ميزانية السنة المالية الحالية 2024-2025.
زيادة الأسعار شملت جميع أنواع البنزين والسولار، وبلغت قيمة الزيادة جنيهين للتر، وحسب الأسعار الجديدة، صعد سعر بنزين "95" من 17 جنيهاً إلى 19 جنيهاً للتر، وبنزين "92" من 15.25 جنيه إلى 17.25 جنيه للتر، وبنزين "80" من 13.75 جنيه إلى 15.75 جنيه للتر. كما رفعت سعر السولار من 13.5 جنيه إلى 15.5 جنيه للتر، وسعر طن المازوت من 9500 جنيه إلى 10500 جنيه للطن.
تسارع التضخم في مصر
من شأن زيادة كلفة كافة فئات المحروقات -التي تواجه غضباً شعبياً في وقت تواصل فيه الأسعار الارتفاع- أن تغذي التضخم في مصر، خصوصاً بعدما تسارع في مدن مصر خلال مارس الماضي، إلى 13.6% على أساس سنوي مقابل 12.8% في فبراير، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة الإحصاء.
يُعد هذا أول تسارع لأرقام التضخم خلال آخر ستة أشهر، حيث كانت قراءة أسعار المستهلكين مرتفعة آخر مرة في أغسطس الماضي، متأثرةً بعوامل مثل زيادة أسعار الوقود وتذاكر وسائل النقل العام، بما في ذلك القطارات ومترو الأنفاق.
يرى عدد من المحللين ببنوك الاستثمار، أن زيادة أسعار الوقود ستساهم في خلق بعض الضعوط التضخمية خلال الأشهر المقبلة، كما أنها لم تغير توقعاتهم بخفض أسعار الفائدة في الفترة المقبلة.
عمرو الألفي، رئيس استراتيجيات الأسهم في شركة "ثاندر لتداول الأوراق المالية"، يرى أن الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين قد تضيف لمعدلات التضخم حوالي 0.4% بشكل مباشر، لكن التأثير الثانوي الناتج عن ارتفاع أسعار سلع وخدمات أخرى، مثل المواد الغذائية نتيجة زيادة تكلفة النقل، قد يدفع التضخم إلى مستويات أعلى.
الألفي، أضاف لـ"الشرق": "لا أتوقع أن يكون تأثير زيادة أسعار المواد البترولية كبيراً على معدلات التضخم، خاصة وأنها لا تزال دون مستوى 15%"، موضحاً أن زيادة المواد البترولية كانت متوقعة منذ فترة. و"لا أرى أنها ستغير الاتجاه القائم نحو خفض أسعار الفائدة"، متوقعاً خفضها 200 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، وبواقع 600 نقطة أساس خلال العام الجاري.
وزاد سعر أسطوانة البوتاغاز المنزلي (12.5 كغم) من 150 جنيهاً إلى 200 جنيه، وأسطوانة البوتاغاز التجاري من 300 جنيه إلى 400 جنيه، وطن الغاز الصب من 12 ألفاً إلى 16 ألف جنيه.
مخصصات دعم الوقود
قيمة دعم المواد البترولية خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2024-2025 بلغت حوالي 71 مليار جنيه، بحسب التقرير النصف السنوي لوزارة المالية.
مجدي طلبة عضو المجلس التصديري للملابس الجاهزة قال لـ"لشرق" إن "قطاع الملابس الجاهزة تأثر بشكل كبير من زيادة سعر الوقود الأخير، ويتوقع زيادة بين 5% و10% بتكلفة النقل عما هو موجود الآن، ويجب على الحكومة عدم إجبار المصانع على التأمين الإجباري للعاملين للتخفيف عنهم".
تستهدف الحكومة المصرية خفض مخصصات دعم الوقود في مصر بمشروع موازنة السنة المالية المقبلة 2025-2026 إلى 75 مليار جنيه، وفقاً لبيان صدر عن مجلس الوزراء مؤخراً.
كان رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، أشار في وقتٍ سابق من الشهر الجاري إلى أن الحكومة تعتزم تنفيذ خطة لرفع دعم الوقود تدريجياً بحلول نهاية عام 2025، مع الاستمرار في تقديم دعم جزئي لمنتجات محددة، أبرزها السولار وأسطوانات غاز الطهي.
ضغوط تضخمية
سارة سعادة، كبيرة محللي الاقتصاد الكلي في شركة "سي آي كابيتال"، ترى أن رفع أسعار المحروقات سيخلق بعض الضغوط التضخمية، ولكنها متوقعة خاصة أن خطة رفع أسعار المحروقات معلنة منذ أكتوبر الماضي.
ولكنها أشارت إلى أن التذبذبات الحادة في الأسواق العالمية خلال الفترة الأخيرة، ولا سيما تراجع أسعار النفط إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، تسببت في بعض التخبط، خاصة أن الزيادة المحلية فى أسعار الوقود جاءت أعلى من الـ10%.
سعادة أضافت في حديثها لـ"الشرق"، أن تلك الضغوط التضخمية إلى جانب تقلبات الأسواق العالمية من شأنها أن تدفع البنك المركزي المصري إلى الإبقاء على أسعار الفائدة، خاصة أن قرار خفض الفائدة لن يأتي إلا بعد استقرار المسار الهبوطي للتضخم في البلاد، مرجحة أن يصل متوسط التضخم في مصر خلال العام الجاري عند 15%.
تعتمد لجنة تسعير الوقود في مصر، والتي تأسست في يوليو 2019، في قراراتها بشأن زيادة أو خفض أو تثبيت الأسعار، على متوسط أسعار خام برنت، وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، بالإضافة إلى معدل التضخم في قطاع النقل.
وتستهلك مصر سنوياً 18 مليار لتر سولار، ويُقدّر أن كل لتر يستهلكه المواطن تدعمه الدولة بنحو 5 جنيهات، وهو ما يعني أن قيمة دعم السولار مرتفعة بشكل كبير، حسب مسؤول حكومي لـ"الشرق".
تعمل إيمان عبد العاطي -السيدة المسؤولة عن مأكل ومشرب وتعليم لستة من الأولاد والبنات في مراحل التعليم المختلفة من الابتدائية وحتى الثانوية العامة- أكثر من 10 ساعات يومياً بأحد المصانع بالمناطق الشعبية لتوفير مصروفات منزلها الأساسية بجانب ما يُقدَّم لها من بعض مؤسسات المجتمع المدني من الجمعيات الخيرية الأهلية.
أية زهير، رئيسة البحوث في "زيلا كابيتال"، تشير إلى أن زياة كلفة الوقود ستنعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات المختلفة، ما سيتسبب في موجة تضخمية جديدة إلا أنها ستكون أقل عنفاً وتأثيراً على قراءات التضخم المقبلة مقارنة بسنة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg