لماذا لا يعرف أطفال الجيل الجديد أفلام الكرتون؟

إذا كنت من مواليد الثمانينات أو التسعينات، فلا بد أنك تحمل في ذاكرتك أشهر الشخصيات الكرتونية التي أثرت فينا وشكلت جزءاً من شخصياتنا على مدار سنوات؛ مثل الكابتن ماجد، والمحقق كونان، وأبطال النينجا، والسنافر، وسالي، وباباي.

وأعتقد أنك كنت، مثلي تماماً، تشتري كُرات البوكيمون وتردد مع "آش"، بطل السلسلة، جملته الشهيرة: "علي أن أقوم برحلة البوكيمون.. سوف أصبح بطل العالم الأول".

هذا هو جيلنا، ومن شخصياته الكرتونية تشكلت ملامح شخصياتنا، وتوسعت آفاقنا في الحياة، لقد عشنا معها روح المغامرة والسعي المستمر وراء المعرفة واكتشاف الحقائق، وعمل الخير.

حتى أن "باباي" شجعنا لأن نأكل السبانخ بعد أن عرفنا فوائدها الصحية، وربما لم تكن تحب طعمها، كمعظم الأطفال، قبل ذلك.

قبل أيام، جالست طفلاً لا يتجاوز عمره سبع سنوات، أشار لي طالباً هاتفي ليشاهد "فيديوهات"، توقعت أنه سيطلب مشاهدة فيلم كرتوني أو شخصية مفضلة، لكنني فوجئت حين رفض جميع توقعاتي وأصرّ على أن أعرض له "ريلز -Reels" على موقع "يوتيوب"، أي مقاطع الفيديو القصيرة المصحوبة بالمؤثرات الصوتية أو الموسيقى وتتناول مواضيع عشوائية عامة.

بدأ بمشاهدة أطفال يلعبون بالمعجون، وآخرين يقومون بتحديات غريبة، أو طفلين يصرخان على بعضهما ليفوز صاحب الصوت الأعلى، كانت هذه المقاطع مزعجة بالنسبة لي، لكنه كان يتفاعل معها بشغف، بينما كان يمر سريعاً على أي مقطع كرتوني.

ومن هنا، تبادر إلى ذهني السؤال: لِمَ لم نعد نسمع بشخصيات كرتونية شهيرة بين أطفال الجيل الحالي؟ وهل اختفت الأيقونة الكرتونية من الطفولة التي تعيش وتكبر في هذا العصر الرقمي؟ لماذا لا يعرفون فعلاً أفلام الكرتون؟

يُجمع أولياء أمور تواصلت معهم بي بي سي على أن الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية أصبحت الأداة الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال في مشاهدة محتواهم المفضل، بدلاً من أفلام كرتون تقليدية على التلفزيون.

كما أشاروا إلى أن الأطفال يفضلون الألعاب التفاعلية أو الفيديوهات القصيرة على منصات مثل يوتيوب و"نتفليكس" بدلاً من متابعة برامج كرتونية قديمة.

تقول زاهرة ميدان، وهي أم لطفل في الخامسة من عمره، إن غالباً ما يقضي ابنها وقته في مشاهدة مقاطع فيديو للأطفال على يوتيوب.

وتضيف: "لقد غيرت التطبيقات الطريقة التي يتفاعل بها ابني مع المحتوى، وأصبح أكثر اهتماماً بالعروض التفاعلية التي تشمل شخصياته المفضلة."

أما شهاب الربعي، وهو أب لطفلين، فيقول "أطفالي لا يشاهدون أفلام كرتونية مثلما كنت أشاهدها في صغري، إنهم يقضون وقتهم في مشاهدة برامج تفاعلية على الأجهزة المحمولة أو حتى أفلام حديثة تُعرض عبر الإنترنت، أعتقد أن الخيارات أصبحت أكثر تنوعاً، وهذا جعلهم لا يعرفون أفلام الكرتون القديمة."

كما تفشل أسماء الرياضي، وهي أم لطفلة في السابعة من عمرها، في محاولة عرض أفلام كرتون مثل 'توم وجيري' أو 'ميكي ماوس' على ابنتها التي لم تجد في ذلك المحتوى ما يثير اهتمامها.

"نشاط سلبي غير تفاعلي" تقول الدكتورة أمل رضوان، أستاذة علم الاجتماع، لبي بي سي إن أطفال الجيل الحالي يعتبرون أفلام الكرتون نشاطاً سلبياً غير تفاعلي، ولأن التقدم التكنولوجي جعلهم يهرولون وراء ما هو أكثر جاذبية وإثارة وتشويق، فإنهم يبحثون عن المحتوى السريع والتفاعلي، مثل الألعاب الإلكترونية، ويقضون أوقات فراغهم فيه.

"هذه الألعاب تشعر الطفل بدورٍ فعال عندما يفوز ويحقق انتصارات، تمنحه السعادة والثقة بالنفس، وتحدياتها تفوق مجرد مشاهدة أفلام الكرتون"، بحسب رضوان.

وتعتبر أن المحتوى الإلكتروني، لا سيما الألعاب، تسرق الطفل من أفلام الكرتون، حتى أن "مصممي ذلك المحتوى يعتمدون إثارة التحدي بهدف زيادة الإعلانات وتحقيق الأرباح"، وتقول إن ذلك يغني الطفل عن أي نشاط حركي أو مشاهدة أفلام الكرتون أو حتى التواصل مع أسرته.

وفي حين كان المحتوى الكرتوني في حقبتيْ الثمانينيات والتسعينيات يحمل قيماً تربوية نبيلة ويعزز الروابط الأسرية والاجتماعية، تنظر رضوان بنظرة ناقدة إلى محتوى اليوم، وترى أنه يسهم في عزل الطفل عن محيطه، ويغرس فيه سلوكيات سلبية مثل الأنانية، والانطواء، والكسل.

كما تحذر من أن هذا المحتوى قد يؤدي إلى تصاعد مظاهر العنف والجرائم، لا سيما مع طغيان الطابع القتالي على معظم الألعاب الإلكترونية التي باتت شائعة بين الأطفال، وفق ما تقول.

في سؤالنا عن خلق التوازن بين استهلاك الأطفال للمحتوى الإلكتروني والحفاظ على التراث الثقافي، تشدد رضوان على أن الأسرة أساس هذا التوازن، من خلال توفير بدائل آمنة؛ كالمشاركة في الأنشطة الرياضية والثقافية، وتحفيز الطفل على اختيار أفلام كرتونية ذات رسائل إيجابية، وحصر استخدام المحتوى الرقمي بما لا يتجاوز 25 في المئة من وقت فراغ الطفل.

كما تؤكد على ضرورة الإقناع لا المنع، ومتابعة الطفل ومناقشة ما يشاهده لتصحيح المفاهيم وتعزيز الوعي بين الواقع والخيال، وبخاصة أن الطفل دون سن السابعة لا يستطيع التمييز بينهما ما يعرضه لتأثيرات نفسية وسلوكية خطيرة.

وتشير إلى أن الدعم العاطفي والقدوة السليمة من أبرز سبل تنمية شخصية متوازنة تحافظ على هويتها الثقافية وسط زخم المحتوى الرقمي المعاصر.

الخوارزميات وتشكيل ذوق الأطفال لم تعد الشاشة الصغيرة وحدها هي المصدر الرئيسي للترفيه عند الأطفال، فقد تغيّرت قواعد اللعبة مع صعود المنصات الرقمية التي أتاحت محتوى غير محدود، متاح في أي وقت ومن أي.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بي بي سي عربي

لماذا لا تزال نبوءات نوستراداموس تحظى بشعبية كبيرة؟
منذ ساعتين
ليفربول بطلاً للدوري الإنجليزي الممتاز، ومحمد صلاح يواصل كتابة التاريخ
منذ ساعة
حماس: "تعيين الشيخ نائبا لعباس تكريس لنهج التفرد وتجاهل لأولويات شعبنا"
منذ 10 ساعات
"هل يمكن أن ينقلب عمالقة التكنولوجيا على ترامب؟" - صحيفة لوموند
منذ 9 ساعات
بعد تحذيرات الأونروا والغذاء العالمي: هل دخلت المجاعة في غزة مرحلة الخطر؟
منذ 7 ساعات
حبوب الإفطار: بين الفوائد الصحية والمخاطر الخفية
منذ 11 ساعة
رفض الزواج وصادق السماء... رحيل شيخ النجوم "ملفي الحربي" الذي عاش قرناً كاملاً في الصحراء
قناة العربية منذ ساعتين
تسجيل صوتي لجمال عبد الناصر: إحنا بنبعد عن العملية كلها سيبونا إحنا بتوع الحل السلمي الاستسلامي الانهزامي.. أنا قادر أتحمل هذا وضميري مرتاح اتفضلوا الناس إللي عايزين يحاربوا يحاربوا
قناة العربية منذ 13 ساعة
"ما كان لهما أن تتواجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية".. ترمب يطلب مرور السفن الأميركية التجارية والحربية مجانا من قناتي "السويس" و"بنما" #ترمب
قناة العربية منذ 21 ساعة
تسجيل صوتي نادر بين جمال عبد الناصر ومعمر القذافي
قناة العربية منذ 10 ساعات
عودة جديدة لسهيل الحسن الضابط المقرب من بشار الأسد والملقب بالنمر.. هذه المرة في الساحل السوري وفرقة خاصة قوامها 150 ألف مقاتل
قناة العربية منذ 3 ساعات
مع انتشار محطات الشحن في أنحاء البلاد.. السيارات الكهربائية تجذب اهتمام المصريين بسبب زيادة أسعار المحروقات
قناة العربية منذ 5 ساعات
حزب العدالة والتنمية المغربي: وفد حركة "حماس" لم يحصل على تأشيرة لدخول البلاد
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
مواطن سعودي في محافظة الخُبر يغطي جدران منزله بملصقات نادي ليفربول الإنجليزي احتفالا بحصوله على بطولة الدوري.. والمنزل يتحول إلى مقصد للجماهير. عبر
قناة العربية منذ 3 ساعات