لا يزال كثير من معلمي المدارس الخاصة يعانون تدنّي الأجور وأحوال العمل الصعبة، في مفارقة صارخة بين حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم، وما يتقاضونه من مقابل مادي، وعلى الرغم من الدور المحوري للمعلم في بناء الأجيال وتشكيل مستقبل المجتمعات، فإن الكثير من المعلمين، يعانون ما يسد حاجتهم وحاجات أسرهم من اجل أداء دورهم الرسالي.
ودعا تربويون إلى إعادة النظر في الرواتب المتدنية للمعلمين في المدارس الخاصة، وألاّ تنظر على أنها مؤسسات ذات طابع ربحي فقط، والاستثمار الحقيقي في التعليم ليس في المباني أو التسويق الفاخر، بل يبدأ من المعلم المؤهل والمحفّز، الذي يشعر بالأمان الوظيفي والتقدير المادي والمعنوي.
رصدت «الخليج» تفاوت رواتب المعلمين في القطاع الخاص، ووجدت أن هنالك معلمين لا تتجاوز رواتبهم 4000 درهم، فيما أقر معلمون حصولهم على رواتب تصل 5000 درهم فقط، وقد تصل رواتب معلمين في المدارس الخاصة ذات المنهاج الأجنبي إلى 15 ألف درهم. ويشكو كثير من المعلمين بأن معيار الخبرة قد لا يكون محل اهتمام لدى مدارس خاصة، فيما يؤكد آخرون يعانون ازدياد عدد أفراد أسرتهم ولديهم 4 إلى 5 طلاب في المراحل الدراسية المختلفة ومنهم في الجامعات، لجوءهم إلى الدروس الخصوصية لتغطية نفقاتهم.
متطلبات
أكد عدد من المرشدين الأكاديميين: فاطمة ربيع، وداليا المطبعجي، وسامي كساب، وأسعد الطويل، أن الرواتب التي يتقاضونها لا توازي حجم الجهد المبذول ولا متطلبات المعيشة اليومية، من إيجار البيت وفواتير الكهرباء والإنترنت، ناهيك بالطعام والمواصلات. وأوضحوا أنهم يؤدون مهام متعددة تتجاوز نطاق التدريس، مثل الإشراف، وتنظيم الأنشطة، أو حتى الأعمال الإدارية، وهي تزيد الضغوط النفسية، مقارنة بالرواتب. وفي كثير من الحالات، لا يتمتع المعلمون في المدارس الخاصة بأي تأمين صحي.
وأشاروا إلى أن المعلم المرهق مالياً ونفسياً لا يمكن أن يُعطي بأقصى طاقته، مهما بلغ من الإخلاص، ففي كل صباح، يدخل المعلم إلى فصله بابتسامة مرهقة، يخفي خلفها أعباء ثقيلة لا يعلم عنها طلابه شيئاً، يشرح الدروس، ويكتب على السبورة، ويتفاعل، ويُقيّم، لكنه في داخله منشغل بهموم أخرى تتعلق في تدبير الحياة اليومية للأسرة.
وقالوا إن بعض المدارس الخاصة غالباً ما يكون آخر تفكيرها تحسين وضعه، على الرغم من أن المعلم أساس العملية التعليمية، وهذا التناقض بين الدور المحوري للمعلم، وواقعه المالي الصعب، يخلق حالة من الإحباط والضغط النفسي، التي تدفع كثراً للبحث عن العمل الإضافي والدروس الخصوصية.
وأضافوا أن جودة الراتب المناسب والحوافز الحقيقية هي التي تشجعهم على منح الطلبة أقصى ما لديهم من معرفة. وهناك طرائق وأساليب كثيرة لا بد من اتباعها في إطار التحفيز التعليمي، خاصة أن المعلم ليس سلعة تخضع للعرض والطلب.
تأثيرات
أوضح التربوي إلياس إبراهيم، أن المعلمين لا ينقصهم الإخلاص، ولا تقل رغبتهم في العطاء عن أي مهنة نبيلة، لكنهم بشر في نهاية المطاف، يعيشون في عالم تزداد فيه تكاليف الحياة يوماً بعد يوم، فيما تبقى رواتبهم جامدة، غير منصفة، وأحياناً مجحفة.
وقال إن المعلم يواجه ضغوطاً حياتية كبيرة بسبب تدني الراتب وضعف التدريب، ما يعيق تطويره. مؤكداً أن الواقع الذي نعيشه بحاجة إلى وقفة جادة وإعادة نظر خاصة في المردود المادي الذي لا يرقى بالناحيتين المعنوية والمعيشية للمعلم.
وأضاف أن معلمي المدارس الخاصة يكابدون الحياة، لتوفير لقمة العيش وسط الارتفاعات المتتالية في الأسعار التي عمت كل مستلزمات الحياة، وفرضت على المدرس الذي يعمل في مدرسة خاصة ضرورة البحث عن مصادر رزق أخرى. لأن الضغط الذي يتعرض له في عمله، كبير بالزيادة الكبيرة في نصاب الحصص.
وأكد أن ما يحتاج إليه معلمو المدارس الخاصة، تطوير البيئة الإدارية والتدريسية التي تعتمد مباشرة على غرس الثقة الحقيقية في نفوس المديرين والموظفين وإبراز تميزهم، بدعمهم المادي والمعنوي، وخلق روح التنافس الشريف بين أقسام وإدارات العمل، للحصول في النهاية على أفضل النتائج المتوقعة.
وقال إن المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل صانع للوعي، ومهندس لبناء المجتمع، فمن المعيب أن يُعامل صاحب.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية