الأسبوع بدأ بقوة، وكأن العالم قرر أن يضع "هدوء الأحد" في سلة المهملات. التصريحات تتوالى أسرع من القدرة على استيعابها.
ولأن كل شيء يبدأ من ترمب أو لنقل من تعليقاته على منصته للتواصل الاجتماعي فشرارة هذا الأسبوع انطلقت يوم الجمعة، حين قرر إعفاء الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر من الرسوم الجمركية المتبادلة. نعم، فجأة اكتشف ترمب أن التقنية مهمة، أو على الأقل محبوبة شعبياً.
الصين لم تتأخر في الرد، بل اعتبرت الخطوة "تصحيحاً محدوداً" لأخطاء واشنطن التجارية.
لكن ترمب لا يحب أن يصمت عندما تتحدث الصين، فسارع إلى التأكيد على أن الإعفاءات لا تشمل نسبة الـ20% المفروضة على الصين وكندا والمكسيك والمصممة للضغط على هذه الدول لمنع تدفق الفنتانيل إلى الأراضي الأميركية.
ولأن إجازة نهاية الأسبوع لم تُخلق للراحة، فقد عادت الرسوم الجمركية لتتصدر المشهد مجدداً.
قال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك إن الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وبعض الإلكترونيات الأخرى المعفاة من الرسوم الجمركية الكبيرة على الواردات من الصين ستواجه رسوماً جديدة منفصلة.
لوتنيك: ترمب سيفرض هذه الرسوم في غضون شهر أو شهرين، إلى جانب رسوم تستهدف قطاعي أشباه الموصلات والأدوية.
هذه الرسوم الجديدة ستقع خارج نطاق ما يسمى بالرسوم الجمركية المضادة التي فرضها ترمب، والتي ارتفعت بموجبها الرسوم على الواردات الصينية إلى 124% الأسبوع الماضي.
لكن القصة لا تتوقف عند الإلكترونيات، إذ أكد لوتنيك أن الخطة تشمل أيضاً قطاعات استراتيجية مثل أشباه الموصلات والأدوية، والهدف؟ إحياء الصناعة المحلية، أو كما وصفها لوتنيك: "هذه أمور تتعلق بالأمن القومي... ويجب أن تُصنع في أميركا".
الرسالة واضحة: واشنطن لا تريد فقط تقليص الواردات، بل إعادة المصانع. الهاتف والدواء والرقاقات، إذاً الأمر لا يتعلق فقط بالميزان التجاري الأميركي.
أزمة رقائق جديدة على الطريق؟ يبدو أن ترمب لا يكتفي برسومه السابقة.
الرئيس الأميركي يخطط لتوجيه وزارة التجارة بفتح تحقيق جديد قد ينتهي بفرض رسوم جمركية إضافية على قطاع أشباه الموصلات، تحت شعار "حماية الأمن القومي"، وفقاً لما كشفه مسؤول في البيت الأبيض لموقع "بوليتيكو".
التحقيق المرتقب يهدد بإشعال توتر جديد بين واشنطن وعدد من الاقتصادات الآسيوية الكبرى، وعلى رأسها تايوان المورد الرئيسي للرقائق الإلكترونية إلى الولايات المتحدة. وهو ما قد يربك حسابات عمالقة التكنولوجيا الأميركية الذين يعتمدون على هذه المكونات الدقيقة في كل شيء، من الهواتف الذكية إلى مراكز البيانات.
وفي تأكيد إضافي على أن الأمر جدي، كتب ترمب على منصة "تروث سوشيال" أن إدارته "تدرس قطاع أشباه الموصلات وسلاسل توريد الإلكترونيات" ضمن مراجعات الأمن القومي المتعلقة بالرسوم الجمركية.
رسالة واضحة: "ما خفي من الرسوم قد يكون أعظم"، وهذه المرة الحديث لا يخص الإلكترونيات بل قلب الصناعة الرقمية نفسه.
الحصيلة: "غولدمان ساكس" خفض اليوم مستهدفات مؤشرات الأسهم الصينية الرئيسية للمرة الثانية هذا الشهر:
وتم خفض المستهدف لمدة 12 شهراً لمؤشر "إم إس سي آي تشاينا" (MSCI China) إلى 75 من 81 نقطة.
كما تم خفض مستهدف مؤشر "سي إس آي 300" (CSI 300) إلى 4300 نقطة من 4500 نقطة.
ومع ذلك، تشير هذه الأهداف الجديدة إلى احتمالات صعود تبلغ نسبتها 12% و15% على التوالي مقارنة بإغلاقات يوم الجمعة. (اقرأ المزيد)
هل تتساءل عما تفعله الصين؟ الرئيس الصيني شي جين بينغ بدأ اليوم جولة لدول جنوب شرق آسيا: فيتنام، وماليزيا، وكمبوديا، وهي الدول التي تخضع لإعفاء 90 يوماً من رسوم متبادلة تتراوح بين 24% و49%.
الرئيس الصيني يحمل خلال زيارته لهذه الدول مشاريع بنية تحتية ضخمة واتفاقيات للتعاون في الذكاء الاصطناعي، الجيل الخامس، وسلاسل الإمداد، بينما يقف ترمب على الجهة المقابلة ملوحاً برفع الرسوم إلى 145% على كل من يجرؤ على "مساعدة الصين".
"لا رابحين في الحروب التجارية"، هكذا كتب شي في مقال نُشر في صحيفة فيتنامية، وهو يغازل جيرانه الجنوبيين الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة النزاعات الجيوسياسية وسندان الاعتماد الاقتصادي على بكين.
فيتنام وماليزيا تعيدان الحسابات، وكمبوديا التي تعد أكبر شريك اقتصادي للصين بمطارات وقنوات تكنولوجية موقعة بختم "الحزام والطريق".
ويبدو أن الصين تستغل غياب القوة الناعمة الأميركية. ففي الوقت الذي تسعى فيه إلى توسيع مبادرة الحزام والطريق خلال زيارة شي، تسعى أيضاً إلى دعم مشاريع تعليم وتغذية في هذه الدول لتكون بديلاً عن هيئة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) التي يضيق ترمب الخناق عليها.
وعلى أية حال، فإن الأسواق المالية بدأت هذا الأسبوع على ارتفاع.. فهي متعطشة لأي تفاؤل. ( حول أداء الأسواق الآسيوية اليوم )
ووسط هذا تبرز اليابان والصين، أكبر حائزي السندات الأميركية، وما قد يشكّلان من تهديد لسوق الديون الأميركية. اقرأ:
ووسط هذه الاضطرابات، فإن صناع.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg