في الوقت الذي يحتدم فيه الصراع ويعم الخراب أرجاء الإقليم، وتتسارع مشاريع الاستحواذ على الفراغات الجيوسياسية التي خلفها غياب الدولة في العديد من الدول، في هذه الأثناء، تمضي إسرائيل في تنفيذ عملية تصفية ممنهجة للقضية الفلسطينية، ابتداءً بغزة وانتهاءً بالضفة الغربية، مما يهدد الفلسطينيين أولاً، والأردن والدول المجاورة ثانياً، يتزامن هذا مع سلوك اقتصادي أميركي مقلق، قد يلقي بظلال ثقيلة على الاقتصاد الأردني، ورغم هذا السياق المضطرب، نجد أنفسنا، وبصورة مفاجئة، منغمسين في الإعداد لانقسام داخلي، كأن هناك من يعمد إلى هدم بلد ظل صامداً رغم الأعاصير السياسية والاقتصادية والأمنية التي ضربت المنطقة لعقود.
لقد كان سر صمود الأردن دائماً هو قدرته على إدارة التنوع والاختلاف بوعي عميق، وحكمة راكمتها الدولة على مدى سنوات، فنجح في بناء حالة من التفاهم الوطني جنبته الانزلاق إلى الفوضى، لكن هذا المنسوب من الحكمة يبدو اليوم مهدداً، أو على الأقل لم يعد كافياً لضبط المشهد الداخلي، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل ما يجري وليد المصادفة والعفوية؟ أم أن هناك جهات، داخلية أو خارجية، تدفع بهذا الاتجاه خدمةً لأجندات خفية؟ أم أنه مجرد تعبير غير ناضج عن صراع سياسي لم يجد سبيلاً للتعبير سوى زرع الانقسام في النسيج الوطني؟
تتكاثر الأسئلة، وتغيب الإجابات، فكل ما نراه نحن، البعيدين عن مطبخ صناعة القرار، لا يتعدى كونه مؤشرات متسارعة نحو التوتر، بدأ الأمر بصراع هوياتي على وسائل التواصل الاجتماعي سببه غياب العلم الأردني عن المسيرات، تأجج بسبب المواقف من المقاومة الفلسطينية في غزة، وتحول إلى جدل بين «الرغبة» و»القدرة»، فالطرف الأول يرى أن الأردن قصّر في دعمه لغزة، وكان بوسعه أن يفعل أكثر، ومع ذلك لم يتجاوز الأمر حدود المناكفات السياسية، حتى جاء السؤال الاستفزازي: «أين الجيش؟»، وهو سؤال استنكاري ينطوي على تلميح بأن الجيش لم يقم بما هو واجب عليه، وجاء الجواب من جنس السؤال وكان ذا طبيعة اتهامية، فتحولت القضية إلى مساجلات متشنجة، بلغت حد إطلاق اتهامات قاسية وغير مقبولة بحق رجال الأمن، عندها بدا واضحاً أن محرمات الاستقرار الأردني تُخرق، وهي العلم والجيش والأمن، وبدأت خطوط الأمان تُنتَهك.
وفي المقابل، برز تيار آخر يرى أن الدولة قدمت أقصى ما تستطيع وهذه حدود قدرتها، وأن ما يُقال تنكر لهذا الدور، وأن أي ضغط على الأردن لاتخاذ مواقف أكثر حدة سيقوده إلى كارثة سياسية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية