الشرع وقادة الخليج: لقاءات، مصافحات، مزاح وعناق. ما السر وراء هذه الألفة السياسية بعد سنوات القطيعة؟

التقارب بين سوريا ودول الخليج: انتعاش مؤقت أم تحوّل محسوب؟ فتحت سوريا بعد تسلّم أحمد الشرع رئاسة البلاد لمرحلة انتقالية، فصلاً جديداً في سجل علاقاتها الخارجية، أبرز ما فيه حتى الآن هو العلاقة مع دول الخليج، وهو فصلٌ يمكن توصيفه بألبومٍ من الصور النادرة التي لطالما غابت لعقود، تجمع رئيس الجمهورية مع قادة دول خليجية، ما يؤشر إلى أن "الصفحة الجديدة" مع الخليج تُرسم بخطى متسارعة على محاور السياسة والاقتصاد والتقارب العربي، عنوانها: المصالح تتجاوز الخلافات، والذاكرة تُعاد صياغتها بلقاءات كانت حتى الأمس القريب خارج الحسابات، وفق ما يقول محللون لبي بي سي.

هذه الانتعاشة في العلاقة تضع سوريا في مسار غير المعتاد، عندما كانت تحت حكم عائلة الأسد، فعلى الرغم من بعض الزيارات والاتصالات بين الرئيس السابق بشار الأسد وقادة في دول الخليج، إلا أن العلاقة بشكلها العام لطالما وُصفت بالمتأزمة بين الجمهورية والخليج، حتى سقوط الحكم في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 بعد هجوم واسع شنّته قوات المعارضة.

في الصفحة الأولى مّما يمكن أن نسميه "ألبوم عودة العلاقات" حتماً ستظهر صورة من دمشق، حيث كان اللقاء القطري السوري في 30 يناير/كانون الثاني، فاتحة لمشهد جديد طال انتظاره من قبل بعض المراقبين.

تتبعها لقطة من الرياض في 2 فبراير/شباط، أول زيارة للشرع خارج البلاد، يلتقط فيها المشهد السياسي زاوية أكثر وضوحاً وجرأة.

ثم ننتقل إلى صور منتصف أبريل/نيسان، حيث توزعت الكاميرا بين الإمارات وقطر، توثق لحظات المصافحة، والابتسامات، والحوارات التي لم تكن سائدة في كادر العلاقات في سنوات الأزمة السورية، في أربعة مشاهد متتالية، كل واحدة منها تضع إطاراً جديداً لعلاقة كانت خارج نطاق التصوير لعقود.

لم يقتصر هذا الحراك السياسي بين الطرفين على القادة، بل امتد ليشمل زيارات متبادلة لوفود من المسؤولين والشخصيات الرسمية بين "بلاد الشمس" ومعظم دول الخليج، وفي مقدّمتها السعودية، البحرين، الإمارات، وقطر.

شملت الزيارات مناقشة التطورات الإقليمية وأمن المنطقة، في إطار مساعٍ من الشرع لـ"تبديد المخاوف الخليجية" تجاه إدارته، وفق ما تذكره صحف رسمية.

ومن تابع الصور ومقاطع الفيديو التي جمعت الشرع بقادة دول الخليج، لا بد أن لاحظ درجة من الودّ في لغة الجسد، والتي وصلت إلى المزاح والعناق والترحيب الحار.

وهنا سألنا الدكتور هشام الغنام، الباحث السعودي والزميل في مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي والمشرف العام على برنامج الأمن الوطني بجامعة نايف للشرق الأوسط، عن السرّ وراء هذا "الدفء السياسي"، لا سيّما أن الشرع لا يزال حديث العهد على هذا المستوى من الانفتاح الدبلوماسي.

"تقاطع المصالح يصوغ العلاقة بين الخليج وسوريا" يرى الغنّام أن العلاقة الراهنة بين دول الخليج والحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، تقوم على "تقاطع مصالح استراتيجية" أكثر من كونها علاقة قائمة على الألفة الشخصية.

وفي حديثه لبي بي سي يوضح الغنام أن دول الخليج تنظر إلى استقرار سوريا كضرورة لأمن الإقليم، مضيفاً: "إن وُجدت ألفة، فهي أقرب ما تكون إلى تعاطف تاريخي مع الشعب السوري، لكن حين تتقاطع الضرورات الأمنية مع الانفتاح السياسي، يصبح التعاون أداة عقلانية لتعزيز الاستقرار."

وحول ما إذا كان ما نشهده من تقارب يمثل انتعاشة حقيقية أم مجاملة سياسية مؤقتة، يشير الغنام إلى أن الحكومة السورية الجديدة أظهرت براغماتية وانفتاحاً غير مسبوق تجاه محيطها، مشيراً إلى أن تشكيلها يعكس "تنوعاً واضحاً في الخلفيات السياسية واعتماداً على الكفاءة لا الانتماءات الضيقة"، وفق ما يرى الغنام.

ويعتبر أن هذه المعطيات "تعزز ثقة الدول المجاورة وتدفع نحو تعاون فعّال ومستدام"، ما يجعل المرحلة الراهنة أقرب إلى بداية انتعاشة استراتيجية حقيقية تتجاوز المجاملات الدبلوماسية.

ويكشف الغنام أن الدعم الخليجي لسوريا سياسياً وميدانياً بدأ مبكراً، وتحديداً بعد سقوط النظام السابق، وكانت السعودية في طليعة الدول التي بادرت بتقديم دعم دبلوماسي وإنساني، بما في ذلك تدشين جسر جوي وبري للمساعدات الإغاثية العاجلة.

لكنه يستدرك قائلاً إن دعم إعادة الإعمار لا يزال مرهوناً بظروف إقليمية غير مستقرة، مشيراً إلى أن "استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة، والتصعيد في سوريا ولبنان، والغموض حول الملف النووي الإيراني، كلها عوامل تدفع دول الخليج نحو التريث" في إطلاق استثمارات كبيرة في الداخل السوري.

وفيما يتعلق بالارتباط بين هذا التقارب والتحولات الإقليمية الكبرى، يؤكد الباحث السعودي أن التقارب الخليجي مع إدارة الشرع لا يمكن فصله عن الاستراتيجية السعودية الجديدة القائمة على خفض التوتر وبناء التوازن.

ويقول: "التقارب السعودي-الإيراني شكّل تحولًا جوهرياً، ويمثل دعم حكومة الشرع خطوة عملية لتحييد سوريا عن محور الصراع الإقليمي، وإعادتها إلى دائرة التأثير العربي." وفق قوله.

كما يرى أن هذا التوجه يتقاطع مع ملفات إقليمية أخرى، مثل اليمن ولبنان، حيث يمكن أن يكون لسوريا "المعتدلة" دور في "كسر الاحتكار الإيراني للقرار اللبناني"، على حد وصفه، والمساهمة في "تسهيل تسويات محتملة في اليمن من خلال تهدئة مع طهران".

"الشرع أعلن بوضوح أنه لا يسعى لتصدير أي أجندة خارج سوريا، ودعمه من قبل الخليج هو استثمار سياسي في استقرار إقليمي طويل الأمد وإعادة الدور العربي لسوريا"، وفق ما يرى غنام.

الخليج وحكم "الأسد": تاريخ من التوتر في رصدٍ لتاريخ العلاقات بين الرئيس السوري السابق بشار الأسد مع دول الخليج، نجد أن "الأزمة.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بي بي سي عربي

منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 13 ساعة
قناة يورونيوز منذ 21 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 23 ساعة
سكاي نيوز عربية منذ 23 ساعة