خاص - "تهدئة المخاوف الإسرائيلية": هل تتماشى خطوات سوريا مع أجندة واشنطن في المنطقة؟

أعلنت حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية اعتقال اثنين من قادتها بسوريا، في خطوة حمل توقيتها دلالات وفتح الباب أمام تحليلات متباينة، بالتزامن مع تقارير إعلامية أميركية تحدّثت عن مطالب قدّمتها واشنطن لدمشق مقابل تجميد العقوبات، وبعد أقل من 48 ساعة من زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق.

وقالت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية أمس، إن دمشق ألقت القبض على مسؤول الحركة في سوريا، خالد خالد، ومسؤول لجنتها التنظيمية، ياسر الزفري (أبو علي ياسر)، دون توضيح الأسباب.

وعلمت منصة "المشهد" من مصادر مقرّبة من "الجهاد الإسلامي" أن الحركة عملت على إطلاق سراح القياديين عبر وسطاء، وبعد فشل المساعي قررت الإعلان عن خبر الاعتقال من خلال البيان في محاولة لتشكيل ضغوط شعبية على القيادة الجديدة في دمشق، المتشبّثة في موقفها حتى الساعة.

اتّهامات تخابر مع إيران وفي حين التزمت دمشق الصمت، من دون توضيح أسباب الاعتقال، فإنّ منصّات تواصل اجتماعي مقرّبة من السلطة تحدّثت عن توجيه تهم للقياديين أبرزها "التخابر لصالح إيران" في خطوة تفسّر تعثّر المساعي إطلاق سراحهما.

وكشف الكاتب والباحث السياسي السوري حسام طالب، أن "عملية التوقيف جاءت إثر زيارة القيادين في الجهاد الإسلامي إلى العراق والتقاءهم بقيادات من الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني".

وقال طالب في حديثه إلى "المشهد" إن "هذا الأمر محظور في سوريا، والإدارة السورية أبلغت الفصائل الفلسطينية منذ بداية تسلمها سوريا وإسقاط النظام أن التخابر مع إيران ومع أي جهة تهدد سوريا سيكون له عواقب قانونية. على الرغم من ذلك القيادين قاما بلقاء الحشد الشعبي الذي يهدد سوريا دائما وله موقف عداءي منها وإيران التي تتآمر على سوريا".

مواضيع ذات صلة ورأى طالب أن "سوريا من حقها وحفاظا على أمنها القومي أن تستجوب أي مقيم على أراضيها أو مواطن يتخابر مع إيران أو ينسق معها (..) التي تسعى للتفاوض علينا وتقوم بإشعال المنطقة لتكسب أوراق إضافية بالتفاوض.. لا نريد أن نكون ورقة بيد إيران لا نحن ولا المقيمين في أراضينا من يقيم في أراضينا عليه الالتزام بالقوانين السورية ومنها حظر التعامل مع إيران أو الاتصال بإيران".

تعرف حركة "الجهاد الإسلامي" بقربها من طهران، وعلى عكس "حماس"، التي تشاركت معها في هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل، فإنها أبقت على مكاتبها في دمشق طوال فترة الحرب السورية ولم تغادرها، شأن الفصائل الفلسطينية الأخرى العاملة داخل الأراضي السورية، والبالغ عددها 13 فصيلاً أغلبها ذات طابع يساري ثوري.

كما لعبت دوراً بارزاً في محاولات إيران لتقريب وجهات النظر بين "حماس" ودمشق في السنوات الأخيرة قبيل هروب الأسد إلى موسكو.

وتعرضت مقرات عديدة للحركة ومسؤوليها في سوريا لاستهدافات إسرائيلية على مدى السنوات الماضية، كان آخرها في 13 من شهر مارس الماضي حين أعلنت تل أبيب استهداف منزل غير مأهول لأمين عام الحركة زياد نخالة في منطقة مشروع دمر شمال غرب العاصمة دمشق.

ومثل "حماس" و"هيئة تحرير الشام" تندرج الحركة ضمن لوائح الإرهاب الأميركية والأوربية، فيما تتمايز عن السلطة في دمشق بكونها غير مدرجة في قوائم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، رغم إدراجها في تقارير الأمم المتحدة المتعلقة بانتهاكات حقوق الأطفال في النزاعات المسلحة.

وفي عام 2024، أدرج الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حركة "الجهاد الإسلامي"، إلى جانب "حماس" والجيش الإسرائيلي، في "قائمة العار" السنوية للجهات التي تنتهك حقوق الأطفال في النزاعات المسلحة، وذلك "بسبب تورطهم في قتل وتشويه الأطفال خلال عام 2023".

ضغوط أميركية لتهدئة "المخاوف الإسرائيلية" الأسبوع الماضي، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن "قائمة بـ8 خطوات سلّمها مسؤول متوسط المستوى في إدارة ترامب لوزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني خلال مؤتمر بروكسل في مارس"، كشروط "لبناء الثقة" مقابل رفع العقوبات الأميركية عن دمشق جزئياً.

وقالت الصحيفة إن من بين جملة المطالب "رسمي من قبل الحكومة السورية بحظر جميع الميليشيات والأنشطة السياسية الفلسطينية" على الأراضي السورية وترحيل أعضاء هذه المجموعات "لتهدئة المخاوف الإسرائيلية".

تسريبات "واشنطن بوست" جاءت مختلفة عن الخطاب الرسمي لواشنطن وما تنتظره من دمشق لناحية شكل الحكومة السورية الجديدة، ومسألة مشاركة الأقليات في الحياة السياسية، مقابل التأكيد على ملفي "أمن إسرائيل" و"المقاتلين الأجانب المتطرفين".

يقول طالب إن "تفكيك الفصائل الفلسطينية المسلحة في سوريا أتى قبل المطالب الأميركية أو زيارة الرئيس محمود عباس إلى سوريا. هذا كان موقفا سوريا واضحا. لا وجود عسكري إلا للقوات المسلّحة السورية. منذ إسقاط النظام قامت إدارة الرئيس أحمد الشرع بتفكيك الفصائل المسلحة واستلام معسكراتها وحظر عملها أو أي نشاط من الأراضي السورية بناء عليه وافقت هذه الفصائل وبقيت في سوريا".

ووفق طالب "سوريا موقفها واضح من وجود الفصائل على أراضيها كمقيمين ولاجئين وليس كفصائل تعمل ضمن محاور. إذا أرادت الفصائل أن تلتزم بهذا الأمر فأهلا وسهلا وأبواب سوريا مفتوحة لهم لكن إذا أرادوا أن يعملوا من داخل سوريا فذلك محظور وسوريا لا تريد أن تهدد أمن أحد لذلك القضية عند الفصائل وليست عند الإدارة السورية الجديدة".

من جهته يرى الكاتب الفلسطيني المتخصص في الشأن الإسرائيلي أن "التطلعات والأهداف الأميركية والإسرائيلية اتجاه سوريا المستقبلية وما بعد الأسد لن تقتصر فقط على "حزب الله" ودوره وسلاحه وميليشيات إيران بل أيضا كل من له علاقة بهذا المحور".

ويقول منصور في حديثه إلى "المشهد" إن ما جرى "كان أمرا متوقعا وأنه عاجلاً أم آجلاً ستطال هذه الإجراءات إما كقيود على هذه التنظيمات الفلسطينية التي تعتبر على حلف وعلاقة مع إيران أو أن تتخذ عقوبات ضدها. ولذلك هذا أمر غير مفاجئ".

"إعادة ضبط" حضور الفصائل الفلسطينية وربطت تقارير إعلامية غربية بشكل خاص بين زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدمشق، وخطوة التوقيف التي أعقبتها بشكل مباشر.

ووفق طالب "تتعامل سوريا مع القضية الفلسطينية من بوابتها الشرعية وهي بوابة السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، لذلك هذه العلاقة هي رهن الفصائل وليست عند سوريا، سوريا لا تريد لأراضيها أن تكون منطلق لأي هجمات على أحد أو تهديد لأمن المنطقة أو العبث في المنطقة لأي محور كان".

من جهته، يرى منصور أن "لا علاقة لزيارة عباس بخطوة الاعتقال. زيارة عباس جاءت على خلفية قضايا عالقة من فترة النظام السابق، لها علاقة بممتلكات منظمة التحرير وحركة فتح وأيضاً ترتيب العلاقات وأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وسوريا بشكل عام".

يقول منصور إن "حماس والجهاد لن تقبل بهذا، ومن المهم أن تفتح قناة اتصال مع السوريين ومع الدول قريبة منهما، ويمكن أن تلعب قطر دوراً، فهي وتركيا دول قريبة من الإخوان المسلمين وحماس، ولها علاقة مهمة مع النظام السوري، ويمكن أن تلعب دورا في تحسين العلاقات على قاعدة احترام السيادة السورية، وخيارات وتوجّهات السوريين".

وينهي منصور حديثه مع "المشهد" بالقول: "وجودنا كلاجئين وجود مؤقت، ولا يأتي على حساب أي بلد، لذلك أفترض وأتمنى أن لا يؤدي هذا إلى تصعيد كلامي وإلى تصريحات وتحريض أو إلى نوع من الصدام، لأن هذا لن يخدم أي طرف".

(المشهد)


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 8 ساعات
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 16 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 13 ساعة
قناة العربية منذ 20 ساعة
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 6 ساعات