حماس وفتح: ماذا يقول الطرفان عن الانقسام بينهما؟

حماس وفتح: ماذا يقول الطرفان عن الانقسام بينهما؟ يزداد اليوم المشهد السياسي الفلسطيني انقساماً، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ نحو 18 شهراً حتى الآن. راح ضحية الحرب حتى اليوم، أكثر من 50 ألف فلسطيني، وأصيب أكثر من 113 ألف.

يبرز الخلاف بين أكبر فصيلين: حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تحكم غزة منذ عام 2007، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، التي تحكم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية من خلال مؤسسات السلطة الفلسطينية.

ومع استمرار معاناة أهل القطاع، يستمر الفصيلان بتبادل اتهامات وتصريحات، في وقت ظهرت فيه أصوات تطالب حماس بالتنحي عن حكم غزة، كما اقترح البعض أن تحكم السلطة الفلسطينية عوضاً عنها.

تطرح هذه الأصوات أسئلة هامة: ما هي جذور وأسباب انقسام "البيت الفلسطيني" الذي يمنع وحدته، وما طبيعة العلاقة التاريخية بين هذين الفصيلين؟

ما الذي يمنع وحدة "البيت الفلسطيني"؟ الطرفان يُلقيان بالمسؤولية على بعضهما في الإجابة عن هذا السؤال، فيقول رئيس المكتب الاعلامي لحركة فتح، منير الجاغوب، في حديثه مع بي بي سي عربي، إنّ ما يمنع وحدة الفلسطينيين هو فكر حركة حماس الذي انطلقت به من الأساس "لمناكفة" منظمة التحرير منذ تأسيسها كجمعية إسلامية، واستمر حتى انطلقت الحركة رسمياً باسم حماس بحسب تعبيره، فهو قائم على "الاختلاف في كل البرامج".

ويضيف الجاغوب أنّ الاختلاف تعزّز بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ أوسلو عام 1993، لأنّ "باقي الفصائل الفلسطينية ذهبت باتجاه السلام مع إسرائيل باستثناء حماس".

في حين ترى حماس أن حركة فتح تستمر في "تجاهل صريح لآمال وتطلعات الشعب الفلسطيني"، وقال متحدث من حركة حماس لبي بي سي (دون ذكر الاسم لأسباب أمنية)، إنّ العديد من المشاورات واللقاءات حدثت بين حركتي فتح وحماس أثناء استمرار مفاوضات وقف إطلاق النار الأخيرة بين حماس وإسرائيل "لكن حتى هذه اللحظة لم يتم التوصل إلى قواسم مشتركة تفضي للإعلان عن اتفاق واضح، لكن تم التفاهم على الكثير من النقاط الخلافية (بين الحركتين الفلسطينيتين)".

وأشارت الحركة إلى أن هناك "تباينات وضغوطات خارجية، وخاصة أمريكية، على السلطة الفلسطينية"، وهو ما يعرقل التوصل لأي اتفاق.

يعلّق شرحبيل الغريب، رئيس منتدى العلاقات الدولية للحوار والسياسات، قائلاً إنّ اختلاف برامج الحركات الفلسطينية وإصرار كل منها على برنامجه، ورغبة كل طرف بفرض شروطه على الآخر، وغياب الإرادة السياسية، هو ما يمنع الوحدة الفلسطينية.

هل نحن أقرب اليوم، إلى الوحدة أم إلى الخلاف؟

يجيب منير الجاغوب، أنّ الفجوة مع حركة حماس "تكبر ولا تصغر"، مشيراً إلى أن "العالم كله" يطالب بعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، لكنّه يرى أن "حماس وإسرائيل ترفضان ذلك"، الأمر الذي يجعل "الفجوة واسعة" بين الحركتين، إذا "لم تدرك حماس الأهمية الوطنية لعودة السلطة إلى قطاع غزة".

برأي الجاغوب، وحتى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فإن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023 "دمّر كل الحالة الفلسطينية وانتقل الآن لتدمير الضفة الغربية". مشيراً إلى أنّ حركة حماس التي حاربت فتح لسنوات "عادت لتوقع اتفاقية في الدوحة - اتفاقية وقف إطلاق النار في يناير/ كانون ثاني 2025 - سقفها أقل من سقف اتفاق أوسلو، وأقل مما كانت تطرحه (حماس)".

أما حماس فقالت إنها "مع ترتيب البيت الفلسطيني، وإنها سعت وما زالت تسعى لذلك". وأكدت الحركة أنه "يجب على الجميع المشاركة في حكومة وحدة وطنية أو إدارة قطاع غزة في المستقبل القريب، ويجب على الجميع وضع الخلافات جانباً".

لكنّ شرحبيل الغريب يقول إنّ الوحدة الفلسطينية غير واردة اليوم، نظراً لاختلافات كثيرة أهمها ترتيبات "اليوم التالي" في غزة، والخلافات حول تشكيل حكومة وطنية.

هل كانت تفاصيل الصراع العربي- الإسرائيلي ستختلف بوحدة "البيت الفلسطيني"؟

يقول شرحبيل الغريب، إنّه بوجود استراتيجية فلسطينية موحدة لمواجهة تحديات الفلسطينيين باختلافهم، ستختلف المعادلة سياسياً وحقوقياً وميدانياً، فحينها "سيحسب المجتمع الدولي وإسرائيل ألف حساب للموقف الفلسطيني".

ويضيف أنّ الموقف الفلسطيني، والالتفاف العربي حول الفلسطينيين سيصبحان أكثر قوة. لذلك، يرى الغريب أنّ "أهمية العمل على هذا الأمر مهم ومُلّح ومطلوب في هذا الوقت الذي تواجه فيه القضية الفلسطينية محاولة تصفية".

"الموقف الفلسطيني يجب أن يكون موحداً لمعالجة وترميم آثار الحرب"، يقول الغريب.

كيف تشكلت الحركتان؟ في أواخر خمسينيات القرن الماضي، وبعد نحو عشر سنوات من الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 (التي تعرف عربياً بـ"النكبة" وإسرائيلياً بـ"حرب الاستقلال") عقد ستة أشخاص، أبرزهم ياسر عرفات، اللقاء التأسيسي الأول لحركة فتح، وصاغوا ما سُمّي آنذاك "هيكل البناء الثوري" و"بيان حركتنا".

وفي أواخر عام 1964، قررت فتح بدء "الكفاح المسلح"، ونفذت عدة عمليات ضد إسرائيل. وفي عام 1965 صدر البيان السياسي الأول للحركة، بهدف توضيح أن "المخططات السياسية والعسكرية للحركة لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية"، كما أكدت الحركة لاحقاً على ضرورة "التعبئة العسكرية".

وفي العام ذاته، أعلنت الحركة انطلاقتها "كيوم لتفجر الثورة الفلسطينية المعاصرة".

ومع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، عام 1965، دعت فتح في مجلتها "فلسطيننا"، ليكون كيان المنظمة "ذا مضمون ثوري، ومرتكزاً للثورة المسلحة، وليس بديلاً منها، وأن يكون التنظيم العسكري أساساً للكيان الفلسطيني".

وبعد حرب عام 1967 (التي تعرف عربيا بـ"النكسة" وإسرائيلياً بـ"حرب الأيام الستة")، تزايدت أعداد التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وتزعمت حركة فتح المطالبة بتجديد منظمة التحرير، حتى أصبحت الحركة في تقدير الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر "أخلص الجماعات الفلسطينية، وأقدرها على تولّي قيادة منظمة التحرير"، بحسب وصف موقع المنظمة الرسمي.

وفي عام 1993، الذي كان فاصلاً في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وقّعت منظمة التحرير وإسرائيل اتفاقية أوسلو، وتأسست بعدها بعام السلطة الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات، لتكون إدارة حكم ذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

أما حركة حماس، فتأسست رسمياً، بالتزامن مع اندلاع الاحتجاجات في الضفة الغربية المحتلة وغزة، وبدء "الانتفاضة الفلسطينية الأولى" عام 1987، مع تصاعد النشاط السياسي لجماعة الإخوان المسلمين هناك.

تهدف حركة حماس، بحسب وثيقة المبادئ والسياسات العامة التي صدرت عام 2017، إلى "تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني" مؤكدةً على أن "مرجعيتها الإسلام".

الاختلافات الأيديولوجية وبداية الانقسام تختلف الحركتان اختلافاً أيديولوجياً جذرياً، ويظهر أثر ذلك جلياً على علاقتهما بإسرائيل وكيفية التعامل معها.

فحركة حماس، تحمل فكر حركة الإخوان المسلمين التي انبثقت عنها، وتعرّف نفسها بأنها "حركة مقاومة فلسطينية إسلامية، مرجعيتها الإسلام في الأهداف والوسائل والمنطلقات".

ورغم أنها أشارت إلى استعدادها لقبول وجود دولة فلسطينية "مؤقتة" في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة فقط، إلا أنها تعارض وجود إسرائيل، وتقبل بهذه الدولة "المؤقتة" دون التنازل عن مطالبها بكامل "فلسطين التاريخية".

ولحماس، كتائب عز الدين القسام، جناحها العسكري الذي تأسس عام 1991، والذي خاض عدة معارك ضد إسرائيل منذ ذلك الحين، أبرزها هجوم 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، حيث عبر أكثر من ألف مقاتل وهاجموا قواعد عسكرية إسرائيلية وعدة بلدات ومهرجان موسيقي. قُتل في الهجوم 1200 إسرائيلي، منهم مدنيون وأطفال، وخُطف 251 آخرين إلى غزة، حيث قامت الحركة بتسليم بعضهم لإسرائيل لاستبدالهم بمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ونفذت الكتائب عدة عمليات خطف وأسر جنود إسرائيليين منذ نشأتها. كما تمتلك القسام قوة أمن داخلي خاصة بها تسمى "المجد".

أما حركة فتح، التي تدير السلطة الفلسطينية منذ تأسيها، فتعرف نفسها بأنها "حركة تحرر وطني تمثل الشعب بطوائفه وطبقاته وقطاعاته"، ولم تحمل عند تأسيسها أيديولوجيا واضحة كالحركات الفلسطينية الأخرى - الإسلامية منها واليسارية، إذ تصف تركيبتها بالـ"فسيفسائية".

وهي الفصيل الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت بإسرائيل ووقعت معها اتفاقية أوسلو.

واليوم، أمام حركة حماس "الإسلامية"، بات البعض يعتبر فتح، "الاتجاه الوطني العلماني" الفلسطيني.

من يمثل الفلسطينيين؟ في عام 1974، تبنّت منظمة التحرير الفلسطينية برنامجاً يسمح بالتوصل لحلول وسطية مع إسرائيل، ما رفضته فصائل عدة كانت منضوية تحت جناح المنظمة، حيث انفصلت وشكلت جبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الاستسلامية أو ما عُرف بجبهة الرفض، التي تزعمتها "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

تبنّت هذه الجبهة "المقاومة المسلحة، واعتبرت "العمل الفدائي في الداخل المحتل هو الأساسي، والعمل في الساحة الخارجية هو الرديف".

في العام ذاته، اعترفت جامعة الدول العربية بمنظمة التحرير بوصفها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" وقبلتها عضواً كاملاً في الجامعة، وأصبح ياسر عرفات أول "زعيم بدون دولة" يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

لكنّ الخلاف الحقيقي مع حركة حماس تحديداً، بدأ قبل التشكل الرسمي لحماس، مع بروز نشاط الإسلاميين في بداية الثمانينيات، إذ ظهرت بوادر الخلاف، الذي وُصِفَ حينها بالتنافسي داخل الجامعات، خاصةً حول المنطلقات الفكرية لكل طرف.

احتدم خلاف البيت الفلسطيني مع توقيع اتفاق أوسلو، ففي حين اختارت حركة فتح "طريق السلام"، واعترفت بوجود إسرائيل، وأقرت أن حدود الدولة الفلسطينية هي حدود عام 1967، واعترفت بكل القوانين والاتفاقيات الدولية التي تصب في ذلك الاتجاه، رفضت حماس هذا التحول.

واستمرت، حماس، بالتأكيد على عدم اعترافها بإسرائيل، معتبرةً جميع القرارات الدولية الخاصة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والاعتراف.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بي بي سي عربي

منذ 7 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 9 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 8 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 7 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 20 ساعة
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 12 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 9 ساعات