منذ أن حجز آرسنال وباريس سان جيرمان مقعديهما في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، ساد الاعتقاد بأن فريق ميكيل أرتيتا سيواجه نسخة مغايرة تماماً من باريس عن تلك التي تغلب عليها بثنائية نظيفة في دور المجموعات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ورغم صحة هذا الطرح بالنسبة للباريسيين الذين يُعدّون اليوم أحد أكثر الفرق إثارة في المسابقة فإن آرسنال، الذي يخوض أول نصف نهائي له في البطولة منذ 16 عاماً، تغير بدوره بشكل كبير. فكلا الفريقين نضج وتطور خلال مشوارهما الأوروبي.
وقبيل لقاء الذهاب المرتقب اليوم الثلاثاء على ملعب الإمارات، نلقي نظرة على أبرز التغيرات التي طرأت على كلا الفريقين منذ مواجهتهما الأولى.
في المؤتمر الصحافي الذي سبق المباراة، وبحسب شبكة «The Athletic»، علق لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان قائلاً: «تلك الهزيمة كانت في الأول من أكتوبر، قبل نحو ثمانية أشهر. الفارق الآن هائل، نحن أفضل كثيراً. خضنا مرحلة مجموعات كانت الأكثر كثافة، والآن نحن في نصف النهائي بعد مباريات كان يمكن اعتبارها نهائيات. لقد أجبرنا أنفسنا على التحسن، وفريقنا بات أكثر اكتمالاً. هدفنا القادم هو كتابة تاريخ جديد».
في تلك المواجهة السابقة، غاب عن باريس عثمان ديمبيلي الذي سجل هذا الموسم 32 هدفاً، وصنع 11، بعد استبعاده لأسباب انضباطية عقب الفوز على رين. لم تكن هناك خلافات شخصية بين إنريكي وديمبيلي، بل كان الاستبعاد تأكيداً لرغبة المدرب في فرض الانضباط، وصناعة «فريق موحّد». في غياب ديمبيلي، خاض ديزيريه دوويه أول مباراة له في دوري الأبطال، ولم يجد دعماً كافياً من لي كانغ-إن الذي بدأ أساسياً في الهجوم.
على الجانب الآخر، افتقد آرسنال قائده مارتن أوديغارد بسبب إصابة في الكاحل أبعدته شهرين، وكانت تلك البداية لسلسلة من الإصابات المتوسطة والطويلة التي ضربت الفريق، وأجبرت أرتيتا على التكيف. استخدم المدرب في تلك المباراة خطة 4 - 4 - 2 بثنائي هجومي يضم لياندرو تروسار، وكاي هافرتز، مع الظهير الجديد ريكاردو كالافيوري، ما أضفى ديناميكية جديدة للفريق.
وشهدت المباراة أيضاً الظهور الأوروبي الأول لمواهب شابة، مثل مايلز لويس-سكيللي الذي شارك بديلاً في الدقيقة 90، لكن التركيز الأكبر كان على كالافيوري. المدافع الإيطالي، الذي خاض حينها رابع مبارياته فقط مع الفريق، قدم أداءً لافتاً بتحركاته الذكية من دون كرة، حيث كان ينطلق أحياناً إلى وسط الملعب تاركاً المساحة لتروسار في الجناح. كان تروسار يشكل حلقة الوصل بين الدفاع والهجوم، فيما كان كالافيوري يتقدم نحو دفاع باريس سان جيرمان، قبل أن يمرر كرة متقنة إلى بوكايو ساكا المنطلق بحرية.
عجز باريس سان جيرمان عن التعامل مع تحركات كالافيوري وتروسار المتبادلة، مما فتح أمام آرسنال مساحات كبيرة للصعود بالكرة. ومن هذه التحركات العكسية جاء الهدف الأول، حيث استغل تروسار المساحة، وتفادى تدخلاً دفاعياً، قبل أن يقطع إلى الداخل، ويرسل عرضية رائعة أكملها كاي هافرتز في الشباك.
ويبقى التساؤل الآن: هل يستطيع آرسنال تكرار هذه التحركات، سواء عبر لويس-سكيللي أو كالافيوري إذا عاد إلى الجاهزية؟ باريس سان جيرمان يدخل مباراة نصف النهائي وهو الفريق الأعلى نسبة في الضغوطات عالية الكثافة بدوري الأبطال هذا الموسم (87 في المائة من ضغوطاتهم كانت عالية الكثافة)، ويملك جواو نيفيز الرقم الأعلى فردياً بـ715 محاولة ضغط عالٍ.
هذه الأرقام لم تكن مفاجئة نظراً لأسلوب اللعب رجلاً لرجل الذي اعتمده لويس إنريكي في الأدوار الإقصائية. يبقى التحدي لآرسنال المتمثل في مدى قدرته على تمرير الكرة بسرعة ودقة تحت ضغط باريس المكثف. أخطاء ويليام ساليبا الأخيرة ستكون بحاجة إلى معالجة عاجلة، إلا أن مقاومة الضغط من لويس-سكيللي، وحيوية ديكلان رايس في الجري بالكرة ومن دونها، قد تكونان من العوامل المساعدة الكبيرة لآرسنال في هذا التحدي.
درس من مباراة أكتوبر: الهدف الثاني لآرسنال في مباراة أكتوبر جاء من ركلة حرة نفذها بوكايو ساكا، ارتدت بين الأقدام، وتجاوزت الحارس جانلويجي دوناروما إلى الشباك.
ولم تكن الأهداف وحدها الفارق. فباريس سان جيرمان عانى أمام دفاع آرسنال الصلب، والمنظم. وقد كان لخط الوسط دور بارز في هذا التفوق، حيث اعتمد أرتيتا على توماس بارتي، وديكلان رايس، مدعومين بتحركات تروسار، وهافرتز، بينما ضم خط وسط باريس الشاب وارن زير-إيمري إلى جانب نيفيز وفيتينيا.
منذ ذلك الحين، أجرى لويس إنريكي تعديلاً مهماً بإدخال فابيان رويز بدلاً من زير-إيمري، وهو ما منح باريس مزيداً من السيطرة على وسط الملعب، وساعده في بناء الهجمات بشكل أكثر فاعلية.
أسلوب آرسنال الدفاعي في لقاء أكتوبر: تمكن آرسنال من فرض أسلوبه الدفاعي، إذ أجبر باريس على التراجع إلى مناطقه مراراً، حتى إن الفريق الباريسي استحوذ على الكرة لنحو 90 ثانية متواصلة دون أن يحقق أي اختراق أو خطورة، مع تصعيد ساليبا لمستوى الضغط ليتجاوز حتى مواقع تروسار.
هذه الحدة الدفاعية استمرت طيلة الشوط الثاني، حيث استعاد آرسنال الكرة في الثلث الأخير أكثر من أي مباراة أخرى له في دوري الأبطال ذلك الموسم (9 مرات).
مثال حيّ على هذا الضغط جاء بعد ست دقائق من انطلاق الشوط الثاني، حين حوصر باريس في الزاوية، ما اضطره لإرسال كرة طويلة يائسة على الخط الجانبي. قطع بارتي الكرة سريعاً، ومررها إلى ساكا، الذي بدوره نقلها بسرعة إلى غابرييل مارتينيلي،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط - رياضة





