مصدر الصورة: ICC
بعد انتظار استمر لأكثر من عقد من الزمان، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكماً قضائياً على علي عبد الرحمن، المعروف بـ "كوشيب"، أحد أبرز قادة ميليشيات الجنجويد في إقليم دارفور، بالسجن لمدة 20 عاماً، بعد إدانته في عدد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي شهدها هذا الإقليم الواقع غربي السودان.
ووجّهت المحكمة إلى "كوشيب" 31 تهمة تتعلق بجرائم ارتُكبت في الفترة ما بين أغسطس/آب 2003 وأبريل/ نيسان 2004 في منطقة وادي صالح وغيرها من مناطق دارفور، التي شهدت في تلك الفترة أعمال عنف واسعة، خلّفت آلاف القتلى وأدت إلى نزوح مئات الآلاف.
شغل "كوشيب" مناصب قيادية، في تشكيلات عسكرية موالية للحكومة السودانية آنذاك، من بينها قوات الدفاع الشعبي وشرطة الاحتياطي المركزي. واتّهمه الادّعاء بلعب دور محوري في تنسيق وتنفيذ هجمات ممنهجة ضد المدنيين من جماعات الفور والمساليت والزغاوة بين عاميْ 2003 و2004.
يعقوب.. ذاكرة دامية من دارفور عاصر الستيني يعقوب آدم مأساة دارفور خلال عقدين، حيث نزح من مدينة طويلة في ولاية شمال دارفور منذ 2004. ويؤكد لبي بي سي أن بداية النزاع الأول في 2003، لا تزال عالقة في ذهنه كأنها حدثت بالأمس، قائلا "قُتل كثير من أهلي وجيراني. كنت أظن أن الأمر سينتهي سريعاً، لكن الصراع امتد لأعوام، ثم عاد مؤخراً بشكل أعنف".
ويضيف أن عمّه وثلاثة من أبنائه قُتلوا خلال ما يصفه بعمليات تصفية نفذتها الميليشيات المدعومة من الحكومة، في بدايات حرب دارفور.
لكنه يعبّر عن تفاؤل يشوبه تحفظ تجاه إمكانية إقرار العدالة، بعد مثول كوشيب أمام القضاء الدولي، قائلاً "مات الآلاف في صراع لم يكونوا طرفاً فيه. تقديم بعض المتهمين للمحكمة أمر جيد، لكنه لا يكتمل ما لم يرَ أهالي الضحايا نتائج حقيقية تتمثل في القصاص الناجز، وهذه هي قيمة العدالة".
في مارس/ آذار 2005، أحال مجلس الأمن الدولي ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، في سابقة هي الأولى من نوعها وقتذاك، إذ لم تكن السودان دولة عضواً في المحكمة.
وأصدرت المحكمة لاحقاً مذكرات توقيف بحق مسؤولين سودانيين، على رأسهم الرئيس المعزول الآن عمر البشير، وذلك بتهم تشمل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، إلى جانب وزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة بوزارة الداخلية سابقاً أحمد هارون.
وحتى الآن، لم يُحرز أي تقدم بشأن تسليم هؤلاء المتهمين إلى المحكمة أو مثولهم أمامها، بسبب رفضهم للمحكمة ووصفهم لها بأنها "مسيسة" من جهة، وغياب التعاون الرسمي الكامل من جانب السلطات السودانية الحالية معها، من جهة أخرى.
وفي لقاء سابق مع بي بي سي، طالب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي الحكومة السودانية بتسليم البشير والمطلوبين الآخرين للمحكمة، مؤكداً أن ذلك جزء من عملية محاسبة مرتكبي الجرائم في السودان.
وفي الوقت الحاضر، يكتنف الغموض أماكن وجود البشير وهارون وحسين، بعد أن كانوا محتجزين في سجن كوبر بالخرطوم قبل اندلاع الحرب الحالية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/ نيسان 2023.
وتشكل محاكمة "كوشيب" سابقة قضائية مهمة في مسار العدالة في السودان، كونه أول شخصية سودانية تحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ورحّب قانونيون ومجموعات حقوقية سودانية بالحكم الصادر بحق "كوشيب"، إذ قالت مجموعة "محامو الطوارئ" في بيان إن هذا "الحكم يلقي بمسؤوليات إضافية على المجتمع الدولي للضغط نحو تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وعلى رأسهم قادة النظام السابق المتورطون في الجرائم المثبتة، إضافة إلى ضرورة توسيع نطاق التحقيقات ليشمل الانتهاكات الأحدث في مختلف مناطق السودان".
التاريخ يعيد نفسه عندما تسترجع كلثوم محمد (27 عاماً) طفولتها، تتوقف ذاكرتها عند عام 2003، حين حملها والدها على ظهره لساعات طويلة عبر طرق وعرة، من داخل مدينة الفاشر، في ولاية شمال دارفور وصولاً إلى مخيم نيفاشا للنازحين، بعد اندلاع المواجهات بين القوات الحكومية ومقاتلي حركة جيش تحرير السودان في ذلك العام.
وتقول كلثوم بصوت منخفض وهي تحتضن طفلتها في مركز إيواء بمنطقة الفتح شمالي أم درمان: "كنت طفلة لا أفهم شيئاً. كل ما أعرفه.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي
