خبرني - الاستاذ الدكتور وليد عبد الحي
كتاب صدر منذ ثلاثة شهور تقريبا، مؤلفه رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي السابق يوسي كوهين وعنوان الكتاب:
"سيف الحرية،اسرائيل ،الموساد والحروب السرية"
Yossi Cohen-The Sword of Freedom, Israel,Mossad,and the Secret War .Broadside
Books.2025
مقدمة ضرورية:
عند قراءة كتاب لرجل عمل 38 عاما في واحدة من اخطر اجهزة المخابرات في العالم، ولديه قناعات توراتية واضحة ويعبر عنها باستمرار وصولا الى حد الوهم بأن الله لا شغل له الا العناية بشعب الله المختار وارض الميعاد، فمن الضروري قراءة الكتاب بافتراضات ثلاثة ساوضح تفاصيلها في العرض :أولا ان رجل المخابرات يخفي اكثر مما يعلن، وثانيها ان رجل المخابرات المتدين لديه القناعة والقدرة على تبرير الرذيلة وسيتفهمه الله، واخيرا ان الثالوث الفرويدي (الأنا والأنا العليا والهو(ego,super ego ,Id) يتوارى بين سطوره، فهو ينجز بالسر(العقل) ويتمنى لو يعرف الناس ما انجزه(الهو) ويضبطه سيف الأنا العليا حين يحتدم الصراع بين انتظار المكافأة على ما انجز (كأن يكون رئيس وزراء لاسرائيل) وبين حسه الديني العميق.
عرض الكتاب:
يقع متن الكتاب في 227 صفحة و تتوزع على 18 فصلا الى جانب مقدمة وخاتمة وسأعرض الكتاب حسب ترتيب فصوله لكني اشير الآن وعلى عجالة لبعض الملاحظات:
أولا: المؤلف: فمن هو يوسي كوهين:
عمل رئيسا لمعهد الاستخبارات والمهام الخاصة(الاسم الرسمي للموساد ) خلال الفترة من 2016 الى 2021، وسبق له ان كان من ضمن قادة وحدة اسرائيلية شاركت في الهجوم على لبنان عام 1982، والتحق بالموساد عام 1983،واصبح رئيسا لقسم الافراد (الاستخبارات البشرية) في عام 2006 ونائبا لرئيس الموساد عام 2011،ثم مستشارا للامن القومي مع نيتنياهو عام 2016.. ثم من 2016 الى 2021 رئيسا للموساد.
ثانيا: أهم الوقائع التي كشفها- دوره في اتفاقات ابرهام ،وانه يقف وراء الوصول الى الارشيف الخاص بالوثائق الايرانية الخاصة ببرنامجها النووي والتي أسست لتراجع الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي مع ايران في الفترة الاولى لترامب .،وقاد المفاوضات في مطلع عام 2020 مع دولة الامارات والتي مهدت لعقد اتفاقات ابراهام، كما يشرح دوره في تجنيد عميل اوصلهم لمعرفة مصير الجنود الذين اسرهم حزب الله الى جانب اشارات للقاءات له مع زعماء عرب وبخاصة في الخليج.
ثالثا: فلسفته العامة هي اولوية البشر على التكنولوجيا في العمل الاستخباري- يربط بين العمل الاستخباري والدور الدبلوماسي (العلاقة مع روسيا ومع دول الخليج)، واعجابه بثلاثة شخصيات صهيونية هي بن غوريون وجابوتنسكي ومناحيم بيغن، ويبدي بعض التحفظ تجاه سياسة نيتنياهو بخصوص الاصلاح القضائي،الى جانب ملاحظات ابداها خارج الكتاب حول ادارة عملية التفاوض حول الرهائن.
رابعا: استنتاجات:ما الخلاصة التي نصل لها من قراءة ا لكتاب ،ثم هل يكون يوسي كوهين هو رئيس الوزراء الاسرائيلي ؟ او انه سينافس على ذلك؟ انه استفهام انكاري.
عرض الكتاب:
المقدمة:
يؤكد "كوهين" الارتباط اليهودي بفلسطين ويستعرض "ما واجهه اليهود من معاناة عبر التاريخ "ثم يسهب في مديح القادة الصهاينة _هرتزل(طرح فكرة الدولة اليهودية) وجابوتنسكي(صاحب فكرة بناء الجدار الحديدي حول الدولة اليهودية) وبن غوريون(محاولة توسيع مفهوم اليهودية كقومية وليس دين فقط)..الخ-، ويصف كوهين نفسه بأن "جينات التجسس والموساد تسري في دمه"،يقول (صفحة 12): نتعلم كيف نتسلل إلى عقول أعدائنا، نُقدّر أساليب تفكيرهم، وغرائزهم الثقافية، ودوافعهم السياسية."، وهو ما يضمن تحقيق النجاح، ويتحدث عن هدية قدمها نيتنياهو لترامب في اول رئاسته الثانية وهي عبارة عن "بيجر ذهبي" كتكريس للعملية الناجحة ضد حزب الله عبر البيجرز، كما يؤكد دوره عام 2018 في سرقة الارشيف النووي الايراني ويبدي اعجابا كبيرا بترامب وبعض رجاله مثل مبعوثه للشرق الاوسط ستيف ويتكوف، ويبدي اعجابا بشخصية بوتين(فكلاهما من خلفية مخابراتية )كما يقول.
ويشير في مقدمته الى السلطة الفلسطينية معتبرا ان محمود عباس هو " رجل الأمس"((yesterday s man) بما يوحي بانتهاء صلاحيته.(صفحة 17)
في الفصل الاول( عنوانه : يوم غيَّر العالم) ،وهنا يسرد بداية رد الفعل على هجوم السابع من اكتوبر،ويتحدث عن الارتباك الذي وقع نتيجه الهجوم، واشار الى ان لديه شكوك منذ زمن في المعلومات -في الكم والكيف- التي تاتي من غزة.لكنه يقر بنقص معلوماتهم عن شبكة الانفاق، وبخاصة بعد قرار شارون بالخروج من غزة، الى جانب تشككه في فعالية الشين بيت(الامن الداخلي) في هذا الجانب ويؤكد ان حجم المعلومات وطبيعتها عن حماس كان ضعيفا او لم تتم الاستفادة منه، لينتهي الى نصيحة استخبارية هي ان من قواعد العمل عدم بناء صداقات في عالم الاستخبارات.
الفصل الثاني:الفرصة الضائعة: يورد لحظة اعتذاره عن قبول منصب وزير الدفاع في حكومة نيتنياهو 2022- ويشير الى انه اقترح للرد على السابع من اكتوبر الى جانب الرد العسكري- ان يتم فتح معبر لانتقال حوالي مليون فلسطيني الى سيناء،مشيرا الى قلق السيسي ومدير مخابراته من الفكرة خوفا من ردة فعل الشارع المصري، بخاصة من زاوية ان تتحول الاقامة في سيناء الى اقامة دائمة ،وانه حاول تعديل الاقتراح بان يحصل على ضمانات أولية بعدم حدوث ذلك بهدف تطمين المصريين . ويبدي تذمره من تقبل العالم للرواية الفلسطينية للاحداث، مشيرا الى انه مقابل كل رواية اسرائيلية على " التيك توك " هناك 54 رواية تتبنى الرواية الفلسطينية( مشيرا الى تقرير في مجلة التايم )، داعيا جهاز الموساد للبحث في كيفية التصدي لذلك ويعيد في هذا الفصل الاشارة الى ما ردده الاعلام الصهيوني في بداية هجوم اكتوبر عن الاغتصاب وحرق الاطفال والتعذيب للمدنيين الاسرائيليين، ويضعها في قالب تراجيدي. وفي هذا الفصل يكرر في اكثر من موقع ان الله اعطى الارض لهم، ثم يشير ولو بشكل عابر الى لقاءاته مع قادة التطبيع العربي - القانوني والواقعي معا- .
في الفصل الثالث :(خطوط الدم)، يتركز هذا الفصل على سرد خلفيته الدينية ويتحدث عن عائلته واجداده وارتباط البعض منهم بالهاجانة والارغون.
اما الفصل الرابع(ليس للموت سلطان) فيتحدث فيه عن دعوة للسفر الى لندن ثم التحاقة بالجيش و اصابته في رجله اليسرى في لبنان خلال مواجهات مع المقاومة ويتحدث عن احداث مع والده ووالدته وبعض زملائه في الجيش في قالب يبدو اقرب الى الدعاية الانتخابية غير المباشرة..
في الفصل الخامس " عشاء لي". يتحدث عن رحلته داخل الموساد وتعيينه ،والافكار التي تناوشته خلال عمله، وهنا يلفت الانتباه لفلسفته الاستخبارية فهو يقول: بأنه في هذا العالم الاستخباري فإن " كل شخص هو عدو محتمل" والسرية هي الغطاء، ولا يجوز الاطمئنان الى ان شيئا ما لن يحدث، وعليك ان تعيش الاحساس بانك مراقب دائما وعليك ادراك نقاط ضعف الآخرين، وفهم تبعات الانطباع الخاطئ بل عليك ان تجمع المعلومات حتى عن ماذا ياكل الاخر، وضرورة فهم سيكولوجية العميل(سواء اكان ضابطا او عالما). مشيرا الى انه يتحدث العربية والانجليزية والفرنسية.
يتناول في الفصل السادس: (المهمة المقدسة) وهنا نجده يتحدث عن أحد عمليات الموساد التي قام بها، فيتناول واقعة محددة هي المتعلقة بشخص أسره حزب الله مع آخر من اصول يمنية وكان المطلوب هو هل هما اموات ام احياء وبدأ الحزب يقدم مطالب مقابلهما كما يجري مع حماس في غزة، ويشير هنا الى من ضمن مهام الموساد جمع المعلومات عن القوات المفقودة وهو ما جعله يضع نصب عينه ضرورة التقرب من رجال قريبين من عماد مغنية، مشيرا الى احدهم (وضع له اسما هو عبدالله )وعرف ان "عبدالله" كان يسعى للحصول على المال ولكن في امريكا اللاتينية، وهنا يكشف احد تكتيكاته الاستخبارية وهو انه يجند من يريد التعاون ولكنه لا يتقبل فكرة تجنيد اشخاص بالابتزاز.(كأنه يريد خيانة واعية)، واشار الى ان احد رجاله تخفى في شخصية ارجنتيني يبحث عن تجارة وشركاء لتجارته وتمكن من خلال عبد الله معرفة ان الاسيرين عند حزب الله اموات، ثم يتحدث عن تسليم الجثث ومقتل عماد مغنية بالتعاون الاسرائيلي الامريكي طبقا لرواية ايهود اولمرت، لكن سياق الرواية يوحي بان "عبدالله " كان له نصيب في العملية..ربما.
في الفصل السابع وعنوانه : طبقا لتقارير اجنبية: فبعد مناقشة اشكالية النظم الديمقراطية في التعاطي مع العمل الاستخباراتي( السرية من ناحية والديمقراطية من ناحية ثانية) يقول ان " كل ما تفعله الموساد هو شرعي مهما كان"، ثم يشير الى نجاح اسرائيل في التوفيق بين البعدين بدليل ان خمسين الف اسرائيلي يتقدموا سنويا للالتحاق بالموساد،وأغلبهم من الشباب ،مشيرا الى انه التحق وعمره 22 عاما. ويقول بقدر من الزهو" تلقينا عشرة آلاف سيرة ذاتية للالتحاق بالموساد بعد نجاحنا في الحصول على الارشيف النووي الايراني عام 2018، ثم يعود مرة اخرى للكشف عن عقدة "معاداة السامية" محاولا الظهور بمظهر انساني، ويقول في صفحة 86 في توضيح فلسفته الاستخبارية " أنه يُقدّر حرمة السرية، ولن أفعل شيئًا، في هذا الكتاب أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة العامة، يُخالف أو يُهدد أعراف العملية الأمنية الإسرائيلية، وأُكنّ احترامًا كبيرًا لعملائنا ولن أُعرّضهم لمخاطر غير ضرورية.،ويفضل بدلا من ان يكشف هو ان يتستر بعبارة " طبقا لتقارير اجنبية " لان اجهزة المخابرات في العالم لا تنفي ولا تؤكد اي خبر. ويحاول كوهين في نهاية هذا الفصل ان يصف البعد السيكولوجي الذي يريد ان يشعر فيه الايرانيون فيقول عن ما اسماه "التهديد غير المعلن " ما يلي" :
" أريد من كل عالِم في إيران يتعامل مع القدرات الصاروخية، أو أجهزة الطرد المركزي، أو أي منصات نووية أخرى، أن يكون حذراً من الغرباء ويخشى من ظلالهم، أريده أن يُفكّر ملياً عندما يسمع صوت دراجة نارية في الشارع.، ويشعر انها قد تكون للموساد، قد يكون هذا موجها لي، صحيح، قد يكون هذا لك. أراكم. آسف لنقل أخبار سيئة، لكنني أسمعكم أيضاً. أُنصت لما تقولون. أعرف ما تُحاولون إخفاءه، حتى لو كنتم تعتقدون أن قلة قليلة من الناس في إيران يعرفون ذلك، فسأكون التالي الذي يعرف، سنخدعك لأننا الموساد، نعرفك، نعرف مكان سكنك، نعرف رقم شقتك، نعرف سيارتك نعرف تحركاتك، نعرف ما تعمل عليه، لذا كن حذرًا.". "(صفحة86-87)
ويثني في نهاية الفصل على حسني مبارك(87) ويتحدث عن مخاطر المشروع النووي الايراني، دون اية اشارة الى المشروع النووي الاسرائيلي...ثم يثير العلاقة بين ايران وكوريا الشمالية،وجعل هدفه هو"المعلومات والاختراق". ويكشف كوهين عمق القلق الاسرائيلي من ايران، وتبدو من صياغاته المباشرة وغير المباشرة " الاعتقاد التام بان ايران هي الخطر.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من خبرني
