في معالجاتهم النظرية لوسائل إيجاد الحلول والتسويات، التي يضطلع بها طرف ثالث أو أكثر، بين فرقاء أزمة دولية ما، يميّز الفقهاء بين الوساطة والتحكيم والتقاضي والتوفيق بتقريب وجهات النظر.. هذا علاوة على حث المتنازعين على التفاوض بالأصالة وإن تعذر ذلك فبالوكالة، أو مساعدتهم على الفصل في القضية موضع الخلاف، برفعها إلى المنظمات الإقليمية أو الأممية ذات الصلة. ولا تغيب عن هذه المعالجات ملاحظة أن بعض الأزمات، عرفت ارتقاء الطرف الثالث بمداخلته إلى مرتبة التهديد باستخدام القوة، أو استخدامها بالفعل، لإجبار أحد المتنازعين على التخلي عن سياسات أو مواقف بعينها.
ما يلفت النظر، عطفاً على هذه الخلفية، أن المداخلات والحراكات الدبلوماسية وغير الدبلوماسية الأمريكية، على خطوط معظم الأزمات والصراعات الدولية الساخنة، لا سيما في عهد الرئيس ترامب، لا تعمل وفق أداة واحدة من هذه الأدوات.. بل وتكاد تخلط واقعياً، وأحياناً تتقافز وتتنقل، بينها جميعاً، حتى ليصعب على المتابع تحديد دورها على وجه الدقة!
للوهلة الأولى يبدو ترامب، مثلاً، وكأنه يمارس دور الوسيط لتسوية الأزمة الأوكرانية.. غير أن هذا الانطباع يشحب وربما يزول تماماً، لصالح الاعتقاد بأن الرجل يتجاوز المقتضيات أو الاستحقاقات المنوطة عادة بالوسيط، إلى ما يشبه «الوكيل» المفاوض، مرة بالإنابة عن الأوكرانيين وأخرى عن الروس، حتى من دون أن يكون مفوضاً صراحة بهذه الوكالة.
من تجليات هذه المفارقة، تلك العروض والمقترحات التي قدمها ترامب في قمة آلاسكا مع الرئيس الروسي بوتين في أغسطس الماضي، والتي مازال يداوم على عرضها مع بعض التعديلات، كما هو الحال في خطته العتيدة الآن للسلام، المكونة من 28 بنداً؛ القابلة للتطوير والمراجعة بالزيادة والنقصان. يحدث ذلك رغم غضب الطرف الأوكراني ومن ورائه داعموه الأوروبيون، على اعتبار أن المقترحات والخطط الأمريكية لا تستجيب لمطالبهم، وتوشك أن تميل بلا مواربة للجانب الروسي.
تصرفات من هذا القبيل توحي بأن ترامب يقارب هذه المسألة، وهو مشدود إلى رأيه بأن.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من موقع 24 الإخباري
