رحّب مستثمرون بالتقارير التي تفيد بأن شركة «سبيس إكس» الأميركية تدرس طرحاً أولياً محتملاً لتمويل طموحات رئيسها التنفيذي إيلون ماسك للذهاب إلى المريخ، في اكتتاب قد يرفع قيمة الشركة المتخصصة في الصواريخ والأقمار الاصطناعية إلى أكثر من تريليون دولار، في ظل انتظار شريحة واسعة من المستثمرين لفرصة شراء أسهمها منذ سنوات.
بحسب مصدر تحدّث إلى «رويترز»، تسعى «سبيس إكس» إلى جمع أكثر من 25 مليار دولار من خلال طرح عام أولي قد يتم في يونيو المقبل.
ورغم أن القطاع عالي المخاطر ويحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، يتوقع شاي بولور، كبير استراتيجيي السوق في «فيوتشروم إيكيتيز ريسيرش»، أن يكون الطلب من المستثمرين الأفراد «هائلاً».
وقال: «سيكون أكثر الاكتتابات جنوناً في تاريخ السوق. وإذا استهدفت الشركة تقييماً عند 1.5 تريليون دولار، فلن أتفاجأ إذا تجاوزت قيمتها 2 تريليون بعد التداول».
«غير دقيق».. ماسك ينفي صحة تقييم «سبيس إكس» بـ800 مليار دولار
مخاطر ودراما
يؤكد المستثمرون والمحللون أن أسلوب ماسك الإداري غير التقليدي وخطابه المعادي للمؤسسات لا يشكّل رادعاً لهم. فالخمس شركات التي يقودها من بينها «ذا بورينغ كومباني» و«إكس إيه آي» شهدت جدلاً واسعاً، خصوصاً «تسلا» التي واجه فيها ماسك غرامات وصدامات مع الجهات التنظيمية.
ووصف ماسك سابقاً مسؤولي هيئة الأوراق المالية الأميركية بـ«الأوغاد» بعد أن جردته الهيئة من رئاسة «تسلا» وقيّدت استخدامه لمنصات التواصل بسبب تغريدة 2018 التي قال فيها إنه «أمّن التمويل» لإخراج الشركة من البورصة.
خلال تجربة إطلاق صاروخ «بولاريس داون فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس» بمركز كينيدي الفضائي التابع لوكالة ناسا في محطة كاب كانافيرال، ولاية فلوريدا الأميركية، 26 أغسطس 2024
ومع ثروته التي تتجاوز 460 مليار دولار، هدد ماسك هذا العام بمغادرة «تسلا» إذا لم يوافق مجلس الإدارة على خطة تعويض تمتد لعشر سنوات بقيمة تريليون دولار. كما تراجعت أسهم ومبيعات الشركة بعد الفترة القصيرة التي أمضاها ماسك في إدارة «وزارة كفاءة الحكومة» في إدارة ترامب.
ويقول كريستوفر مارانجي، الشريك المسؤول عن الاستثمار في القيمة لدى «غامكو إنفيستورز»، إن «المخاطر والدراما جزء من الاستثمار في مثل هذه الشركات، والعوائد يجب أن تعوّض حاملي الأسهم عن تلك المخاطر».
من السيارات إلى المريخ.. كيف يعيد إيلون ماسك تشكيل مستقبل الصناعة؟
«الجوهر والبريق»
دان هانسون، مدير المحافظ في «نوبيرغر بيرمان» والمشرف على صندوق أسهم بقيمة 2.1 مليار دولار، يرى أن الجمع بين أداء تشغيلي قوي وآفاق مستقبلية ضخمة يجعل «سبيس إكس» جذابة للغاية في الطرح. ويحتفظ صندوقه بحوالي 5% من أصوله في أسهم غير مدرجة للشركة.
وقال: «هذه حالة نادرة تجمع بين الجوهر والبريق».
ورغم أن مشاريع مثل إرسال البشر إلى المريخ تجذب الاهتمام، إلا أن أعمال الإطلاق ومنتجات «ستارلينك» الموثوقة تمنح الشركة أساساً قوياً لتقييم مرتفع في الطرح.
وقد تساعد حصيلة الاكتتاب الشركة في تمويل تقنيات جديدة مثل مراكز البيانات الفضائية التي تحتاج إلى طاقة تبريد أقل من مراكز البيانات الأرضية.
فيما يقول جيمس سانت أوبين، كبير مسؤولي الاستثمار في «أوشن بارك»، إن «سبيس إكس» تحمل كل سمات «نجم السوق» في ثورة التكنولوجيا الحالية. وأضاف: «الآفاق مفتوحة أمام خدماتها، ما يسمح للمستثمرين بتجاوز مخاوف التقييم وترك توقعات النمو تنطلق بلا حدود».
ويتوقع أن تشمل قائمة «الثمانية العظماء» لعام 2026 بدلاً من «السبعة المذهلين» شركة «سبيس إكس».
دروس من الاكتتابات الكبرى
تشير بيانات تمتد لأربعة عقود إلى أن الشركات ذات التقييمات المفرطة نادراً ما تحقق مكاسب طويلة الأجل. بين 1980 و2023، طرحت 45 شركة بعائدات تفوق 100 مليون دولار وقيمتها تتجاوز 40 ضعف المبيعات يوم الإدراج. ولم يرتفع سوى سبع شركات فقط بعد ثلاث سنوات.
في المتوسط، خسرت هذه الشركات نحو نصف قيمتها مقارنة بسعر الإغلاق في يوم الإدراج، وتخلفت عن السوق الأوسع بنحو 63%.
من أبرز المتراجعين: «بيوند ميت» (2019)، و«بالم» (2000)، و«سنوفلاك» (2020). أما «داتادوج» و«زووم» فكانتا من الاستثناءات القليلة. فيما تُعد «تسلا» التي طرحت في 2010 بتقييم أكثر تواضعاً حالة فريدة بعد أن تضاعفت قيمتها مرات عديدة منذ ذلك الحين.
ويقول جي رايتر، أستاذ الاقتصاد بجامعة فلوريدا:
«التقييم المرتفع جداً الذي حصلت عليه سبيس إكس يحدّ من إمكانات الصعود. حتى لو وصلت إلى 2 تريليون دولار، سيكون العائد 100% أو 200% فقط».
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

