تونس.. عاصمة السياحة العربية

أفضت فعاليات الدورة 28 للمجلس الوزاري العربي للسياحة المعقد ببغداد يوم 9 ديسمبر الجاري إلى انتخاب تونس عاصمة للسياحة العربية لسنة 2027. ويشكل هذا التتويج العربي المميز قيمة مضافة لما راكمه القطاع السياحي التونسي على امتداد السنوات الأخيرة من تطورات مكنته من أن يكون إحدى أهم رافعات النمو الاقتصادي الوطني بتحقيق إيرادات مهمة عززت رصيد تونس من العملة الصعبة في مرحلة مفعمة بتحديات كبرى.

وكان واضحا أن اختيار الأشقاء العرب للعاصمة تونس كوجهة أبرز للسياحة مبني على تقييم عميق لما تزخر به هذه المدينة من تمازج فريد بين الطابع المعماري الأصيل والمعالم الأثرية والدينية وبين نسيج متنوع من الإبداع الحضري إضافة إلى تميز ثقافي وفني جعل منها قبلة لرواد المهرجانات الكبرى كمهرجان قرطاج الدولي وأيام قرطاج السينمائي وأيام قرطاج المسرحية.مدينة تونس الضاربة في عمق التاريخ والمستوعبة لذلك النسيج المتنوع من الحضارات المتعاقبة بدءا بقرطاجنة العظيمة ستكون على موعد يستقبل فيه جامع الزيتونة المعمور رمز التسامح والاعتدال زواره بالمدينة العتيقة.. ثم يدعوهم إلى المرور بين أنهجها المزدانة بمحلات الحرف والصناعات التقليدية قبل أن يدخلوا إلى "باب بحر" ليلمحوا في شارع بورقيبة خلاصة قرون من التفاعل والانفتاح حيث الكاتدرائية القديمة تجاور المباني الجديدة والنزل والمحلات العصرية..ومن هناك يتواصل السير نحو ضواحي قرطاج والمرسى وسيدي بوسعيد حيث تتعانق متاحف الذاكرة التاريخية البعيدة مع الشواطئ المتوسطية الخلابة.والمدن ليست فقط معمارا وبحرا.. المدن هي الناس هي الشعوب المتحضرة التي تحسن استقبال ضيوفها، وهذه ميزة لتونس عبر الأجيال والعصور.والواقع أن هذا الاختيار العربي لتونس كان مبعثا لموجة إيجابية مضافة إلى سلسلة من الإشارات المماثلة جاءت من كبريات الهياكل الدولية المهتمة بالسياحة، حيث تزامن الحدث العربي مع تصنيف منصة "عالم السياحة والسفر" الإعلامية الدولية لتونس والمملكة العربية السعودية وعدد من الدول كاليونان والبوسنة والهرسك كأفضل الوجهات الجاذبة للسياحة في شهر ديسمبر2025. هذا إضافة إلى تصنيف المنظمة الدولية للسياحة لتونس كإحدى أفضل 25 وجهة للسياحة في العالم.11 مليون سائح

وكعديد الدول التي كابدت أوضاعا اقتصادية صعبة بعد جائحة كوفيد عملت تونس على استجماع كل طاقاتها لإعادة القطاع السياحي إلى سالف الإشعاع والمردودية كونه أحد أهم الأوراق الرابحة في مسار التعويل على الذات الذي اعتمدته الدولة خيارا اقتصاديا ثابتا، إذ لم يكن أمامها بعد الخروج من مشروطية صندوق الدولي الا تقوية الصبغة الإنتاجية لمواردها الوطنية من فلاحة وصناعة وطاقة وسياحة، وهو ما بدأت المؤشرات تؤكد تحسنا تدريجيا مس مختلف هذه القطاعات وأبرزها قطاع السياحة الذي يتجه إلى تحقيق إيرادات تفوق 8 مليارات دينار في نهاية 2025 بعد أن حقق ما يفوق 6 مليار دينار في نفس الفترة من السنة الفارطة.هذا وتشير المعطيات الى بلوغ استقبال 11 مليون سائح لمجمل السنة بعد أن نجحت السياحة الصحراوية والواحية والجبلية في ضمان تواصل التدفق السياحي طيلة السنة وعدم اقتصاره على السياحة الشاطئية التي تزدهر في فصل الصيف.

وبالتأكيد لم يتحقق هذا الرهان في مناخ تنافسي كبير يشهده القطاع إلا بسياسة ترويجية خلاقة مواكبة للتطورات العالمية وباشتغال بدأ يؤتي قيمة مضافة على المحامل الرقمية وتشجيع صناع المحتوى على ابتكار مضامين اتصالية للتعريف بالمزايا التفاضلية للسياحة في تونس.كما يتضاعف الجهد لتهيئة وتنويع الوحدات الفندقية وتعزيزها بعدد مهم من الإقامات السياحية البديلة كدور الضيافة التي عرفت في المدة الأخيرة تطورا من حيث العدد والنوعية باعتبار تزايد الإقبال عليها من السائح المحلي والأجنبي. وعودا على بدء تبدو الإشارة الايجابية القادمة من المجلس الوزاري للسياحة العربية وما تزامن معها من إشارات دولية حافزا قويا للمشهد التونسي حتى يكون في مستوى التطلعات الكبرى، ويفتح أفق الفراج ونمو لبلد عرف كيف يخرج من المحن سليما بإرادة ابنائه وعزيمتهم التي لا تلين..أولئك الذين حاربوا الظلام والظلاميين واختاروا العيش بعزة وكرامة، أليسوا أحفاد ابي القاسم الشابي الذي صرخ في نشيد الجبار "النور في قلبي وبين جوانحي.. فعلام أخشى السير في الظلماء؟".۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 4 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 5 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات