لم يكن ستيفن هوكينغ مجرد عالم فيزيائي فذ، بل كان رمزًا لإنسان استطاع أن يجعل من الفكر لغة يتجاوز بها حدود الجسد، ومن الأمل طريقًا لا تصده المصاعب. كنتُ أراه أحيانًا في كامبريدج، تلك المدينة الصغيرة الكبرى التي تحتضن تاريخًا يفيض علمًا ودهشة. كان يظهر أمامي كأنه مشهد خرج من كتاب في الخيال، رجلٌ يُفترض أن يعجزه المرض لكنه يواصل السير، أو بالأصح يواصل العبور، فوق عشب كلياتها ورخامها وأزقتها القديمة.
رأيته بضع مرات تعدّ على أصابع اليد الواحدة. كان الكرسي المتحرك يمضي بين المتدلّيات الخضراء، وفي كل مرة يمر فيها بين الطلبة والزوّار كنا ننظر إليه بدهشة ووجل وامتنان. كان حيًّا، بهيًّا، دفاقًا، كأن نهر كام يجري في روحه، أو كأنه هو نفسه النهر الذي تتشعب منه حكايات العلم في المدينة.
هوكينغ لم يكن جسدًا يواجه مرضًا نادرًا، بل كان روحًا مرسلة من المستقبل، تذكّر كل من يراه بأن الإنسان قادر على إعادة صياغة قدره. ولعلّ الأزقة التي سار فيها غير بعيد عن المبنى الذي بناه هنري السادس كانت تمنحه شيئًا من سلوى الذاكرة، وتعيد إليه القوة التي يحتاجها ليواصل التفكير في أسرار الكون. تلك المدينة لم تُهدِه الممرات الحجرية فقط، بل أعطته رفقة تاريخية هائلة: نيوتن، داروين، هارفي، طومسون، وغيرهم من الذين بعثتهم كامبريدج إلى الخلود، وربحت بهم من الزمن ردحًا من المجد.
في سيرته، يدرك المرء أن هوكينغ محا كلمة مستحيل من قاموسه. فتح الأبواب واحدة تلو الأخرى دون هلع، وذهب إلى الأعالي التي خاف.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاقتصادية
