الإمارات تجاوزت الدولة الناجحة لظاهرة عالمية في هندسة القوة الشاملة

في الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس اتحادها، لم تعد دولة الإمارات العربية المتحدة مجرد شاهدٍ على التحول، بل أصبحت هي القوة الفاعلة التي تعيد تعريف معايير الإنجاز العالمي حيث تجاوزت منذ زمن طويل سردية «تحويل الصحراء إلى منارة»، إلى دراسة حالة في «هندسة القوة الشاملة»، حيث الإرادة السياسية والطموح الاستراتيجي هما الموارد السيادية الأكثر قيمة.

قصة الإمارات، كما تكشفها البيانات والمعلومات التي رصدها تقرير حديث للمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تشير إلى أنها تجاوزت حدود الدولة الناجحة، لتصبح ظاهرة عالمية في هندسة القوة الشاملة. ما نراه اليوم ليس مجرد إنجازات متفرقة، بل نظام بيئي متكامل ومترابط للسيادة، سيادة اقتصادية ترسم خريطة الاستثمار العالمي، وسيادة تكنولوجية تصمم الحياة الرقمية، وسيادة دبلوماسية تهندس الاستقرار في عالم مضطرب.

هذه الإنجازات التي تثبت حقيقة استراتيجية حاسمة للقرن الحادي والعشرين: القوة الحقيقية لم تعد تُُقاس بما تملكه الدولة من موارد، بل بقدرتها على تحويل الرؤية إلى واقع، والطموح إلى أصول، والإرادة إلى نفوذ.

قراءة معمّقة

قدم التقرير المعلوماتي قراءة معمّقة في النموذج الإماراتي ليس بوصفه قصة نجاح، بل منظومة قوة شاملة مصممة بدقة وإحكام. فما حققته دولة الإمارات ليس نتاج مصادفة أو وفرة موارد، بل نتاج هندسة استراتيجية واعية، حوّلت كل قطاع من قطاعات الدولة إلى أصل استراتيجي ومصدر للقوة.

الإمارات لا تشارك في المستقبل فحسب، بل هي من يكتب قواعده. إنها تقدم للعالم، بعد 54 عاماً متحدين، برهاناً عملياً على أن «اللامستحيل» ليس مجرد شعار، بل منهجية عمل يومي. هذا هو النموذج الذي يلهم المنطقة والعالم، وهذا هو الإرث الذي تقدمه الإمارات للبشرية.

في قلب النموذج الإماراتي، تكمن معادلة فريدة: احترام عميق للإرث، وشغف لا حدود له بالمستقبل. لم تكن رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مجرد حلم بتوحيد الإمارات، بل كانت وصفة لبناء أمة.

هذا التقرير شهادة على أن هذا الإرث لم يندثر، بل تحول إلى طاقة متجددة تدفع عجلة المستقبل. من بناء الإنسان وتمكينه، إلى إطلاق استراتيجيات تتحدى حدود الممكن، وصولاً إلى تحقيق إنجازات عالمية، كل خطوة هي ترجمة عملية لفكر المؤسسين واليوم، ونحن على أعتاب مئوية الإمارات 2071، نرى كيف أن البذور التي زرعها الآباء قد أثمرت عن أمة تقود المستقبل، وتلهم العالم بأن لا شيء مستحيل بالإرادة والعزيمة.

بناء الإنسان

عندما نتأمل في رؤية الإمارات لمجتمعها، فإننا لا نرى مجرد خطط للرعاية الاجتماعية، بل نشهد «هندسة مجتمع المستقبل» في أدق تفاصيلها. هذا النهج لم يُبنَ على ردود الفعل، بل صُقل برؤية استراتيجية عميقة تدرك أن قوة الدولة الحقيقية تكمن في قوة وتماسك مجتمعها. خلال عام 2025، لم تكتفِ الإمارات بإطلاق مبادرات مجتمعية، بل أعادت تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع، محولة إياها إلى شراكة استراتيجية متكاملة.

وأوضح التقريران إعلان صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تخصيص 2025 عام المجتمع، تحت شعار «يداً بيد»، والتحول نحو «التمكين» بدلاً من «التنمية» عبر وزارة تمكين المجتمع يمثل ثورة في بناء رأس المال الاجتماعي. وإطلاق استراتيجية متكاملة للهوية الوطنية 2025، ليست مجرد قرارات منفصلة، بل دليل على أن الإمارات انتقلت بنجاح «من التمكين الاجتماعي إلى الريادة الحضارية». تفوقها في مؤشرات التماسك الاجتماعي، وقدرتها على تحويل التنوع إلى مصدر قوة، يؤكد أنها لم تعد تسعى لتحقيق الرفاهية لمواطنيها فقط، بل أصبحت النموذج الذي يُظهر للعالم كيف يمكن بناء مجتمع متماسك ومزدهر ومحصّّن في وجه تحديات المستقبل.

وتناول التقرير عدداً من المبادرات في هذا المجال مؤكدا أنها تكشف عن حقيقة واضحة: بناء المجتمع في الإمارات ليس مجرد قطاع خدمي، بل مشروع سيادي متكامل له أبعاده الإستراتيجية. من الانتقال بالأسرة من الاعتمادية إلى الإنتاجية، إلى تحصين الهُوية الوطنية في مواجهة العولمة، ومن تفعيل طاقات القطاع الثالث إلى بناء جيش من المتطوعين، ترسم هذه الأهداف صورة لدولة تدرك أن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأكثر ربحية واستدامة. هذه ليست مجرد مبادرات اجتماعية، بل أصول استراتيجية تمكّن الإمارات من بناء مستقبل لا يكون فيه المجتمع مجرد مستهلك للتنمية، بل هو المحرك الأساسي وصانعها الأول.

استراتيجيات المستقبل

عندما نتأمل في استراتيجيات الإمارات الممتدة حتى عام 2117، فإننا لا نرى مجرد خطط تنموية، بل نشهد «هندسة الصعود الحضاري» في أبهى صورها. هذا النهج لم يُبنَ على التكيف مع المستقبل، بل صُمّم لصناعته، برؤية استراتيجية عميقة تدرك أن الريادة العالمية تتطلب بناء منظومة متكاملة من القوة الاقتصادية، والتفوق التكنولوجي، والاستدامة البيئية، والطموح الذي يتجاوز حدود الكوكب.

إن الانتقال السلس بين المراحل الزمنية لخطط الاستراتيجيات، من التأسيس الاقتصادي إلى التسريع المعرفي وصولاً إلى الريادة في صناعة المستقبل، ليس مجرد مصادفة، بل دليل على أن الإمارات تتبع سردية وطنية واضحة تنتقل بها بنجاح «من التمكين الاقتصادي إلى الريادة في صناعة المستقبل». تفوقها في بناء اقتصاد ما بعد النفط، وقدرتها على تبنّي تقنيات المستقبل، وجرأتها على إطلاق مشاريع عملاقة مثل استكشاف المريخ، يؤكد أنها لم تعد تسعى لمنافسة الدول المتقدمة فقط، بل أصبحت النموذج الذي يُظهر للعالم كيف يمكن لدولة أن تخطط لقرن قادم من الزمان بثقة وطموح لا حدود لهما.

حقيقة استراتيجية

واستعرض التقرير الكثير من الاستراتيجيات في هذا المجال مؤكداً أن قراءة أنها تكشف عن حقيقة استراتيجية واضحة: التخطيط في الإمارات ليس مجرد عملية فنية، بل مشروع حضاري متكامل له أبعاده الاستراتيجية. من بناء اقتصاد لا يعتمد على النفط، إلى تأمين الموارد الحيوية، ومن تسخير الذكاء الاصطناعي إلى بناء مستوطنة على المريخ، ترسم هذه الأهداف صورة لدولة تدرك أن المستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع. هذه ليست مجرد استراتيجيات اقتصادية، بل هي أصول استراتيجية تمكّن الإمارات من بناء مستقبل لا تكون فيه مجرد لاعب رئيسي على الساحة العالمية، بل أحد المهندسين الأساسيين الذين يرسمون ملامحه.

مرآة العالم

عندما ننظر إلى «الإمارات في مرآة العالم»، فإننا لا نرى مجرد انعكاسٍ لدولة متقدمة، بل نرى صورة واضحة ل «هندسة التفوق العالمي» في أبهى صورها. هذا الانعكاس لم يُصنع بفضل الموارد الطبيعية، بل صقلته رؤية استراتيجية ثاقبة، وإرادة سياسية صلبة، وتنفيذ محكم لا يعرف التردد. خلال العام الحالي، لم تكتفِ الإمارات بتحسين موقعها في مؤشرات التنافسية العالمية، بل أعادت تعريف ماهية التفوق نفسه.

إن الريادة المطلقة في مئات المؤشرات، والحضور ضمن نخبة العالم في مئات أخرى، ليس مجرد أرقام، بل دليل على أن الإمارات انتقلت بنجاح «من التنافسية إلى فرض المعايير». تفوقها الشامل والمتعدد الأبعاد يؤكد أنها لم تعد تسعى لمجاراة الآخرين، بل أصبحت المرآة التي تنظر إليها الدول الأخرى لتقيس مدى تقدمها. لقد تحولت الإمارات إلى نموذج يُحتذى، ليس في تحقيق الرؤى فقط، بل في صناعة الواقع الذي سيصبح مستقبل العالم.

ريادة التنافسية

وشدد التقرير على أن قراءة مؤشرات الأداء تكشف عن حقيقة استراتيجية واضحة: تفوق الإمارات ليس مجرد صدارة في تصنيف أو اثنين، بل ريادة في محاور التنافسية العالمية. من الكفاءة الحكومية الصلبة إلى الجاذبية المطلقة للمواهب ورؤوس الأموال، ومن القوة الناعمة المتنامية إلى الاستقرار الاقتصادي الراسخ، ترسم هذه الأرقام صورة لدولة لا تكتفي بالمنافسة، بل تصنع منظومة متكاملة ومستدامة للريادة. هذه ليست مجرد إنجازات، بل أصول استراتيجية تمكّّن الإمارات من قيادة المستقبل بثقة وثبات.

ذراع استثمارية

لم تعد القوة الاقتصادية تُقاس بما تملكه الدولة تحت أرضها، بل بقدرتها على الوصول إلى أي فرصة في أي مكان في العالم. وفي هذا المضمار، تمثل صناديق الثروة السيادية الإماراتية «ذراع الاستثمار العابر للقارات»، قوة اقتصادية كبيرة، وأداة استراتيجية حاسمة لتأمين ثروة الأجيال القادمة وتعزيز نفوذ الدولة على الساحة العالمية. هذه الصناديق، بأصولها التي تضعها في قمة النظام المالي العالمي، ليست مجرد أدوات استثمارية، بل محركات استراتيجية ترسم ملامح الاقتصاد العالمي الجديد.

وأوضح التقرير أن كيانات عملاقة، مثل «هيئة أبوظبي للاستثمار»، و«مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية» غيرت قواعد اللعبة في المشهد الاستثماري العالمي. تعمل هذه الصناديق عبر شبكة واسعة من القطاعات الحيوية، من تكنولوجيا المستقبل والطاقة النظيفة إلى البنية التحتية العالمية والرعاية الصحية المتقدمة. هذا الانتشار يعكس استراتيجية فائقة التطور، توازن ببراعة بين تحقيق عوائد مستدامة وتأمين المصالح الوطنية الطويلة الأمد.

لقد عزز صعود هذه الصناديق مكانة الإمارات مركزاً مالياً عالمياً ومؤثراً محورياً لا يمكن تجاهله، ما يثبت قدرة فذة على تحويل ثروة الموارد الطبيعية إلى قوة اقتصادية عالمية مستدامة ومتينة.

واستعرض التقرير عدداً من الأرقام والمنجزات مؤكداً أنها لا تعرض مجرد حجم الثروة، بل تكشف عن بنية تحتية استثمارية فائقة التطور، مصممة بدقة لتحقيق أهداف استراتيجية متعددة ومتكاملة. فمن «هيئة أبوظبي للاستثمار» التي تعمل مثبتاً للاقتصاد العالمي، إلى مبادلة التي تصطاد فرص المستقبل في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، والقابضة ADQ التي تبني حصوناً للاقتصاد المحلي، نرى منظومة متكاملة تعمل بتناغم.

هذه ليست مجرد صناديق منفصلة، بل جيش اقتصادي منظم، لكل فيلق منه مهمته الخاصة، وتعمل جميعها تحت استراتيجية وطنية واحدة: تحويل رأس المال إلى نفوذ، وتأمين المستقبل وفقاً للرؤية الإماراتية.

الذكاء الاصطناعي

في عصر تُحدد فيه السيادة الرقمية مصير الأمم، لم تكتفِ الإمارات بالمشاركة في الثورة الرقمية، بل قادتها، لتنتقل من مجرد مستهلك للتقنية إلى قوة تُصممها وتُصدر نماذجها. إن ما قامت به الدولة يتجاوز مفهوم التحول الرقمي، ليصل إلى «إعادة اختراع الدولة» نفسها. فامتلاكها لواحدة من أقوى البنى التحتية للاتصالات في العالم ليس غاية، بل الأساس الذي يُبنى عليه مجتمع المستقبل.

ومع إطلاق أولى معاملاتها بالدرهم الرقمي، أعلنت الإمارات بدء حقبة جديدة في نظامها المالي، داعمةً بناء اقتصاد أكثر شفافية واستدامة. هذا التحول الشامل، الذي جعل الأغلبية العظمى من الخدمات الحكومية رقمية بالكامل، لم يكن مجرد تحديث تقني، بل كان تغييراً جذرياً في فلسفة الحكم. لقد تحولت الحكومة من كيان يقدم الخدمات إلى منصة ذكية استباقية، تتنبأ بالاحتياجات وتقدم حلولاً شخصية قبل حتى أن تُطلب.

هذه القفزات النوعية في التنافسية الرقمية العالمية هي الدليل على أن الإمارات قد انتقلت بنجاح «من الحكومة الذكية إلى مجتمع الذكاء الاصطناعي المتكامل»، حيث لا تكون التكنولوجيا مجرد أداة، بل النسيج الذي تتشكل منه حياة الأفراد والمؤسسات، مؤكدةً ريادتها في تصميم نموذج حضاري جديد للمستقبل.واستعرض التقرير عدداً من المؤشرات في هذا المجال مؤكداً أنها إن تكشف عن استراتيجية متكاملة فلا تترك شيئاً للمصادفة. فالريادة العالمية في البنية التحتية ليست هدفاً بحد ذاتها، بل المنصة الصلبة التي تنطلق منها الريادة في قطاع الذكاء الاصطناعي، وإطلاق العملات الرقمية، ورقمنة الحياة بشكل كامل. الأرقام هنا لا تُظهر دولة تتبنّى التكنولوجيا، بل تُظهر دولة تستخدم التكنولوجيا أداة سيادية لبناء اقتصاد المعرفة، وتعزيز كفاءة الحكومة، وتصميم مجتمع رقمي متكامل. هذا ليس مجرد تحول رقمي، بل بناء للقوة الرقمية الشاملة التي تضمن للإمارات موقعاً قيادياً في القرن الحادي والعشرين.

مستقبل الطاقة

وفي وقت يواجه فيه العالم تحدياً يتمثل في التغير المناخي وأمن الطاقة، اتخذت دولة الإمارات قراراً استراتيجياً جريئاً لا يهدف إلى التكيف فقط، بل إلى القيادة. لقد بدأت الدولة عملية «هندسة مستقبل الطاقة»، محولةً نفسها من اقتصاد يعتمد على الهيدروكربونات إلى اقتصاد متنوع تقوده الطاقة النظيفة. هذا ليس مجرد تحول، بل انطلاق نحو «الثورة الصناعية الخضراء» التي تضع الإمارات في قلبها.

فعبر استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة المتجددة، وإطلاق.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الخليج الإماراتية

منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 22 ساعة
موقع 24 الإخباري منذ 7 ساعات
موقع 24 الإخباري منذ 6 ساعات
موقع 24 الإخباري منذ 4 ساعات
الشارقة للأخبار منذ 35 دقيقة
برق الإمارات منذ 5 ساعات