الموازنة العامة بين الشعبوية والاختصاص الدستوري - كتب أ. د. ليث كمال نصراوين

أقرّ مجلس النواب قبل أيام مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026 عقب مناقشات نيابية مطوّلة اتسمت بارتفاع سقف الخطاب فيها، لكنها انتهت، على نحو مألوف، بتصويت واسع لصالح المشروع، لتغلب على الجلسات لغة المطالبات الشعبوية بزيادة الرواتب وتحسين الدخول، دون أن تجد هذه المقترحات طريقها إلى النص التشريعي عبر أدوات دستورية واضحة أو تعديلات مالية ملموسة.

وإذا كان من الطبيعي أن تُطرح هموم المواطنين المعيشية تحت القبة، فإن الإشكالية تبدأ عندما تُطرح تلك العناوين في غير سياقها الدستوري السليم. فهذه المطالب، على أهميتها الاجتماعية ومشروعيتها السياسية، تفتقر في إطار مناقشة الموازنة إلى السند الدستوري السليم، إذ تجيز المادة (112) من الدستور لمجلس الأمة عند مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة إنقاص النفقات المالية دون زيادتها. وهنا تتولد مفارقة واضحة، إذ يرفع هذا النهج سقف التوقعات الشعبية ويلامس هموم المواطنين واحتياجاتهم الأساسية من دون أن يقدم مسارًا دستوريًا قابلاً للترجمة إلى قرار مالي ملزم، فتتسع الفجوة بين ما يُقال تحت القبة وما ينتهي إليه النص التشريعي.

ومن جهة أخرى، لم يقتصر الابتعاد عن جوهر الموازنة على طبيعة المطالب، بل امتد إلى طبيعة الخطاب ذاته، إذ تحولت بعض المداخلات النيابية إلى منصات لتصفية الحسابات مع رؤساء وزراء ووزراء سابقين، بما أخرج النقاش من إطاره الدستوري وحوّله إلى سجال سياسي لا ينسجم مع مقتضيات الرقابة البرلمانية الرشيدة. ويؤدي هذا السلوك إلى خلطٍ واضح بين الدور التشريعي الذي تقتضيه الموازنة بوصفها قانونًا ماليًا سنويًا، وبين أدوات الرقابة البرلمانية، فلا يجوز تحويل مناقشتها إلى بديل عن تلك الأدوات أو إلى ساحة لتبادل الاتهامات خارج مسارات مساءلة واضحة.

وعند هذا الحد تتكشف الإشكالية الأعمق، حيث يبدو المشهد العام معبّرًا عن قصور في إدراك الطبيعة الدستورية لمشروع قانون الموازنة، الذي يصر بعض النواب على التعامل معه بوصفه قانونًا استثنائيًا عند مناقشته والتصويت عليه. في حين أن الموازنة تمثل الصيغة الأوضح للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وكان يفترض أن ينصبّ النقاش على العجز المتوقع فيها، وحجم الدين العام، ومصادر التمويل، وأولويات الإنفاق بين الجاري والرأسمالي، وكلفة خدمة الدين، ومدى واقعية تقديرات الإيرادات الضريبية وانعكاساتها على فرص العمل والاستثمار، بدل الانجراف إلى خطاب شعبوي عام أو محاكمة سياسية لوزراء سابقين.

ويزداد هذا الخلل وضوحًا حين نلاحظ أن الانتقادات التي طُرحت لم ترتقِ إلى مستوى.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الرأي الأردنية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الرأي الأردنية

منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 7 ساعات
قناة رؤيا منذ 18 ساعة
خبرني منذ 14 ساعة
وكالة عمون الإخبارية منذ 4 ساعات
خبرني منذ 16 ساعة
خبرني منذ 8 ساعات
التلفزيون الأردني منذ 9 ساعات
قناة رؤيا منذ 12 ساعة
خبرني منذ 10 ساعات