أدلّة وشهادات ميدانية.. كيف وصلت الأسلحة إلى أيدي المستوطنين؟

لم تقتصر جرائم الاحتلال الإسرائيلي على نطاقه المباشر، إذ شهدت الضفة الغربية تصاعدًا في اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين، بعدما جرى تسليحهم وتنظيمهم وتجييشهم لتنفيذ عمليات قتل ممنهجة منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة.

ومنذ بدء الحرب الشاملة على غزة، استغلّ المستوطنون هذا الواقع في الضفة الغربية، مستفيدين من دعم حكومتهم المتطرفة لفرض معادلة جديدة تقوم على توسيع دائرة التسليح. فقد قُدّم إلى وزارة الأمن الإسرائيلي أكثر من 400 ألف طلب ترخيص، صدرت منها نحو 230 ألف رخصة لحمل السلاح، معظمها وُزِّع في المستوطنات.

سلاح الضفة.. ترخيص بالقتل

تتبّع التلفزيون العربي في تحقيقه عبر برنامج "مهمة صحفية" سلسلة متواصلة من عمليات الاغتيال، مستقصيًا أدلّة وشهادات ميدانية، إضافةً إلى بيانات من المصادر المفتوحة، تكشف كيف وصلت الأسلحة إلى أيدي المستوطنين. ورسم البرنامج خريطة للجهات والأدوات ومسارات توريد السلاح التي أدّت إلى سقوط عشرات الشهداء خلال العامين الماضيين.

الشهيد عودة الهذالين: القاتل معروف لا تزال آثار الشهيد عودة الهذالين حاضرة في قرية أم الخير في مسافر يطا جنوب شرق الضفة الغربية. كان الشاب الفلسطيني يوثّق هجوم مستوطن قطع الماء والكهرباء عن منازل القرية، لكنه أطلِق النار تجاه عودة فاستشهد.

ويروي عزيز محمد الهذالين، شقيق الشهيد عودة، للتلفزيون العربي تفاصيل ما جرى، موضحًا أن المستوطن أطلق النار على شقيقه داخل المركز المجتمعي في قرية أم الخير، بينما كان يوثّق بهاتفه المحمول حادثة الاعتداء عليه.

ورغم وضوح هوية القاتل في التسجيلات، وهو المستوطن ينون ليفي المقيم جنوب الظاهرية، والذي يعمل مقاولًا يوفّر معداته لعمليات الهدم في غزة ويقيم بؤرة استيطانية في أم الخير، فإن المحكمة الإسرائيلية لم تقتنع بتوقيفه أو اعتقاله بحجة "غياب الدليل" على إطلاقه النار. وفي المقابل، كانت شرطة الاحتلال تشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف عائلة الهذالين.

ويؤكد شقيق الشهيد عودة أنه اعتُقِل مباشرة بعد الحادثة، حيث نُقل إلى مركز توقيف في "معسكر سوسيا" شرق الخليل، وتعرّض هناك لمعاملة مهينة من قوات الاحتلال، قبل تحويله إلى مستوطنة "كريات أربع" للتحقيق ثم إلى سجن عوفر.

ويضيف أن حملات الاعتقال تواصلت لاحقًا في صفوف أهالي القرية، إذ طالت نحو 20 شابًا، بينما كان المستوطن الذي قتل شقيقه يعود في اليومين التاليين إلى الموقع نفسه لمواصلة عمله بشكل طبيعي.

الشهيد معين ديرية: لا تحقيق في قرية عقربا جنوب نابلس شمال الضفة الغربية، استشهد الشاب معين صبحي ديرية وأصيب عدد من أبناء القرية خلال هجوم شنّه المستوطنون في الثاني من أغسطس/ آب 2025.

ويؤكد إبراهيم ديرية، عمّ الشهيد، أن هوية المستوطن القاتل معروفة لديهم، إذ يقيم في بؤرة استيطانية جديدة، مشيرًا إلى أنه أطلق النار من بندقية إم-16. ويوضح أن الشبان تفاجؤوا عندما وجّه سلاحه نحوهم وبدأ بإطلاق الرصاص عشوائيًا، ما أدى إلى استشهاد معين وإصابة ثمانية آخرين.

ويروي عمّ الشهيد أنّ الحادثة بدأت عندما اعتدى المستوطن على أراضي القرية، فدار نقاش بينه وبين عدد من الشبان الذين أكدوا له أنّ الأرض ملك لهم ولا يحق له التواجد فيها.

ويضيف أنّ أحد الشبان كان يوثّق ما يحدث بهاتفه، قبل أن ينتزع المستوطن المسلّح ببندقية إم-16 الهاتف ويرميه أرضًا، ما أدى إلى اشتباك بالأيدي. وبعد تراجعه خطوات إلى الخلف، وجّه المستوطن سلاحه نحو الشبان وأطلق النار دفعة واحدة بشكل عشوائي، ما أدى إلى وقوع الإصابات.

ويؤكد عمّ الشهيد معين ديرية أنّ ما يقارب 200 مركبة تجمعت في البؤرة الاستيطانية عقب الجريمة، حيث استمرّ الاحتفال لنحو خمس ساعات، في مشهد اعتبره تشجيعًا مباشرًا على ما ارتُكب.

ويلفت إلى أنه لم يُفتح أيّ تحقيق مع المستوطن القاتل، بل على العكس، شوهد في اليومين التاليين وهو يجول في المنطقة ويتصرف بعنف وعربدة.

وفي شهادته حول الحادثة، يروي ضرار الشايب، الذي أُصيب برصاص المستوطن، أنه كان يحاول إبعاد الشبان الصغار عن المكان، قبل أن "يفتح المستوطن نار جهنم"، ويضيف: "سقطت أرضًا.. ووجدت ابني مصابًا إلى جانبي". ويتابع:

"عندما أرى أي مستوطن الآن أشعر بأنني مهدَّد في أي لحظة.. نحن كفلسطينيين بلا حقوق في الضفة الغربية، بينما المستوطن لا يطبَّق عليه أي قانون".

الشهيد مثقال ريان: التشريح يفضح مصدر الرصاصة كان الشهيد مثقال ريان (27 عامًا) يعيش في قرية قراوة بني حسان شماليّ الضفة الغربية، وهو أب لثلاثة أطفال: جود وجنى وسلمان. وفي يوم السبت الحادي عشر من فبراير/ شباط 2023 تغيّرت حياة العائلة بالكامل.

فعند الساعة الرابعة عصرًا، اقتحم نحو 30 مستوطنًا القرية وهم يحملون مسدسات وبنادق ورشاشات. وأطلق أحدهم النار على مجموعة من الشبان من مسافة تقارب 30 مترًا، فأصاب مثقال ريان في وجهه، ما أدى إلى استشهاده على الفور.

ويروي سليمان ريان، والد الشهيد مثقال، أن نجله كان يوثق المشهد بهاتفه حين أطلق المستوطن النار عليه من بندقية إم-16. وبعد وقوع الجريمة، أصرت العائلة على إجراء التشريح، ليتبين أن الرصاصة التي أصابت مثقال أُطلقت من سلاح أميركي الصنع من طراز إم-16.

ويقول والد الشهيد إن المفاجأة أن العائلة تعرف هوية القاتل، الذي بقي في المنطقة ولم يختفِ عن الأنظار، مؤكدًا أنه يعرفه تمامًا، إذ يشاهده يوميًا في البؤرة الاستيطانية المقامة على أراضي القرية.

الشهيد قصي معطان: القاتل أوقِف يومين فقط يُختزل واقع القرى الفلسطينية بالمفارقة في الأدوات بين شعب أعزل ومستوطن مزوّد بأحدث الأسلحة. زاد عليه دعوة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير إلى أن يحمل كل مستوطن سلاحًا ليقتل به.

وتُترجم هذه الدعوات حرفيًا على الأرض بتكرار القتل على يد مجموعات استيطانية. ففي جبال شرق رام الله، إليشا يارد يقتني دائمًا سلاحًا من نوع إم-16 أميركي الصنع، وهو مستوطن على رأس مجموعة مسلحة اقتحمت قرية برقا وقتلت الشاب قصي معطان.

ويروي جمال محمد معطان، والد الشهيد قصي، تفاصيل استشهاد نجله على يد أحد المستوطنين. فبعد أن هاجمت مجموعة من المستوطنين القرية وخرج الأهالي للتصدي لهم، شاهد جمعًا من الناس يحملون شابًا مصابًا. سأل عن هويته، فأخبروه أنه من عائلة "أبو حلاوة"، وهو الاسم الذي تُعرف به عائلته أيضًا. لم يدرك حينها أن المصاب قد يكون ابنه، إلى أن اكتشف خلال نقله إلى المستشفى أن الشهيد هو نجله قصي، الذي فارق الحياة في الطريق.

عُرض المستوطن القاتل أمام المحكمة الإسرائيلية من أجل المحاكمة والقصاص منه، لكن في هذه المحاكم لا تجري الأمور كما ينبغي، خصوصًا حين يكون وزير الأمن إيتمار بن غفير "محامي هؤلاء المتطرفين" الذي تمكن من إقناع المحكمة بالإفراج عنه، وزاد على ذلك بدعوته لتكريم القاتل ومنحه وسامًا.

ويعلّق والد الشهيد على محاكمته بأن القاتل سجن يومين فقط ثمّ أطلِق سراحه، حيث يتجول بأريحية في كل مكان في القرية من دون أيّ تضييق أو ملاحقة، ويقول:

"لو قتل عربيّ مستوطنًا لهدموا داره وشردوا أهله..".

من أين يحصل المستوطنون على السلاح؟

سعى فريق برنامج "مهمة صحفية" إلى تتبّع مصادر الأسلحة التي يستخدمها المستوطنون، ليتبيّن أن الحصول عليها يتم بسهولة لافتة عبر موقع إسرائيلي تابع لأكاديمية "كاليبر3".

فقد تحوّلت هذه الأكاديمية، التي أسسها العقيد في الجيش الإسرائيلي شارون جات عام 2007، إلى.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من التلفزيون العربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من التلفزيون العربي

منذ 11 ساعة
منذ 8 ساعات
منذ 3 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 17 ساعة
قناة العربية منذ 16 ساعة
سكاي نيوز عربية منذ 6 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات