اقتصاديات المحافظات.. وإدارة المخاطر المستقبلية

د. عبدالله باحجاج

يكثُر الحديث هذه الأيام عن الاتفاقية الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والهند، والتي من المتوقع التوقيع عليها خلال الأيام القليلة المقبلة، وفي الوقت الذي ترى فيه جهات حكومية هذه الاتفاقية مكسبًا لبلادنا، وأن نيودلهي شريكًا اقتصاديًا موثوقًا، يرى كذلك بعض أعضاء مجلس الشورى الذين اتصلتُ بهم بعد مناقشاتهم الاتفاقية داخل مجلس الشورى أن هذه الاتفاقية حتمية لبلادنا؛ كون الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم، وعدد سكانها يفوق 1.4 مليار نسمة، وتمتلك قوة عسكرية ومالية وتقنية ضخمة، وأن بلادنا لا بُد لها من شريك استراتيجي، كما إنهم يسلمون بمنطق الإيجابيات والسلبيات في أي اتفاقيات؛ لأنها ناتجة عن تنافس المصالح وتلاقيها، وكل طرف للآخر، وقوة المفاوض وحُججه.

إلّا أن الموقف الشعبي ونخب وطنية ترى في بعض عناصر القوة الهندية- كالاقتصادية والسياسية الديموغرافية- تحديات متعددة؛ فخلال العِقد الأخير، برزت الهند بنزعة قومية هندوسية تؤثِّر على سياساتها الداخلية والخارجية، وهو قلق شعبي شرعي ليس في جانبه الأيديولوجي فحسب، وإنما كذلك من نواحٍ عديدة. ولا نقف هنا ضد الاتفاقية بعد أن أصبحت نافذة على ما يبدو، وإنما ينبغي إدارة هواجسها ومخاوفها بحيث نُعظِّم الإيجابيات ونُحيِّد السلبيات قدر الإمكان. ومن بين هذه الإدارات عقد ورش مع القطاع الخاص في مختلف المحافظات؛ لتعريفه بحجم الاستفادة وكيفيتها، وإعداد الأُطر والكوادر الرقابية لنسبة التعمين المُتفق عليها في الاتفاقية؛ وهي 51% مع عدم سريانها بالأثر الرجعي، كما هو مُتفق في الاتفاقية كذلك؛ بحيث إذا كانت هناك شركات هندية في بلادنا قد تجاوزت نسبة التعمين 51%، فلا يحق لها الاستفادة من نسبة 51% الجديدة.

وكذلك مراعاة النسبة المئوية لعدد الوافدين من حجم سكاننا، على أن لا تتجاوز 45% حتى لا ندخل في خللٍ سكاني مُقلق، مع مراعاة النمو السكاني لكل جنسية في بلادنا، ويمكن إدارتها كذلك من منظور سياسة توازن الشراكات؛ فبلادنا يتعين عليها الدخول في شراكات مماثلة مع دول شقيقة خليجية وصديقة إقليمية وعالمية، مثل تركيا وباكستان ودول شرق آسيا، مثل الشراكات مع الهند وأمريكا وسنغافورة؛ لأن موقع سلطنة عُمان الجيوسياسي يجعلها بوابة لأسواق الشرق والغرب، ويتعين على أي دولة أن تسعى لموضع قدم في عُمان، إذا ما كان لها طموحات في مراكز اقتصادية عالمية أو مؤثرة، ومن خلال هذه الشراكات يُمكن تقليل المخاطر من الاتفاقية الهندية أو أي اتفاقية تجنح نحو الاعتماد المفرط عليها.

لكن، ومهما تعددت جنسيات الشراكات الاقتصادية مع بلادنا، وتعاظمت منافعها، فإنَّ الحل الضامن لتحقيق الأهداف الاقتصادية ذات الأبعاد الاجتماعية لبلادنا يكمُن في إقامة اقتصاديات المحافظات، فكل محافظة لديها من الممكنات الاقتصادية والموقع الجغرافي ما يجعلها تحقق التنمية الاقتصادية بأبعادها الاجتماعية الآمنة؛ فاقتصاديات المحافظات تصنع منظومة إنتاجية وخدمية تعزز مصادر الدخل، وتُوفِّر فرص عمل لكل محافظة، ونحن هنا لا نأتي بفكرة استراتيجية جديدة، وإنما من سياقات توجهات النهضة المتجددة التي تعتبر اقتصاديات المحافظات من أهم أدواتها لاستدامة التنمية الشاملة الاستقرار الاجتماعي، ويُعقد من أجل انضاجها المنتديات والندوات والوطنية والإقليمية، مثل منتدى اقتصاديات تنمية المحافظات 2024، ومنتدى الإدارة المحلية نحو اللامركزية وتمكين المحافظات (آفاق تنمية شاملة- 2025)، لكننا نحتاج الآن إلى السرعة الزمنية الذكية والمتاحة على نحو مثالي لاستثمار التحولات الوطنية والإقليمية والدولية، والحفاظ على.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الرؤية العمانية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الرؤية العمانية

منذ 9 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 7 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 7 ساعات
منذ 9 ساعات
صحيفة الرؤية العمانية منذ 19 ساعة
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 12 ساعة
إذاعة الوصال منذ 15 ساعة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 15 ساعة
برق للاخبار - عُمان منذ 11 ساعة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 14 ساعة
هلا أف أم منذ 8 ساعات
صحيفة الرؤية العمانية منذ 11 ساعة