حضرموت... بوابة العلم والسلم، وذاكرة التاريخ والجغرافيا، وعمق الجوار الأبدي والحوار المجدي

حضرموت بين الأصالة والمعاصرة

تذخر منطقة حضرموت في جنوب شبه الجزيرة العربية تاريخا عريقا وحاضرا يموج بالخصوصية والتميز. إنها ليست مجرد مساحة جغرافية، بل هي ذاكرة حية لتاريخ من الوسطية والاعتدال، ومركز إشعاع ثقافي امتزجت فيه حكمة الماضي بحيوية الحاضر. إن إلقاء نظرة على حضرموت وأهلها يكشف عن نموذج فريد من المجتمعات التي اتخذت من السلم والحكمة منهجا في التعامل مع أصعب التقلبات.

أولا: حكمة السلم واعتدال المنهج

إذا كان التاريخ يكتب بدماء الحروب، فإن تاريخ حضرموت يكتب بحبر القوافل ومداد العلم. لطالما كان أهل حضرموت عبر التاريخ أهل سلم ووسطية واعتدال، بعيدين كل البعد عن التشدد أو التطرف. ويتجسد ذلك في انتشار مدارس الفقه الشافعي والتصوف المعتدل، والذي عرف منذ قرون بمنهج يقوم على التسامح وقبول الآخر. هذه السمة ليست مجرد طبع، بل هي نتاج لالتزام عميق بالإسلام الوسطي المعتدل منذ نشأته، وحصن حافظ على خصوصيتهم من محاولات التداخل والأطماع الخارجية التي عصفت بالمنطقة على مر القرون. إنهم ينطلقون من باب قوة السلم وليس قوة الحرب، وهي فلسفة تتجلى في تعاملهم السياسي الذي يتسم باللطف والحكمة في فك رموز الألغام السياسية الداخلية والخارجية.

ثانيا: الموقع الاستراتيجي وبصمات الجغرافيا

تتمتع حضرموت بموقع استراتيجي لا يمكن إغفاله. فهي تطل على بحر العرب في امتداد حيوي يربط بين الخليج العربي وباب المندب، الذي يعد شريانا رئيسيا للملاحة الدولية المؤدية إلى قناة السويس. فعلى سبيل المثال، تعتبر مدنها الساحلية كالمكلا وقصيعر من أهم المنافذ البحرية على طول الساحل الجنوبي، مما يمنحها ثقلا في حركة النقل والتجارة الإقليمية. هذا الموقع لم يجعلها محط أنظار فحسب، بل دفع بأهلها إلى أن يصبحوا أهل ترحال وتجارة بامتياز. الجغرافيا هنا لم تكن قيدا، بل كانت محفزا للانتشار والتفاعل مع العالم.

ثالثا: الاندماج الثقافي: سفراء حضرموت للعالم

بفضل هذا الموقع، أتقن الحضارم فن الاندماج الثقافي. لقد انتشروا في مجتمعات العالم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، حاملين معهم قيمهم وتجاربهم. والمثال الأبرز لذلك هو الانتشار الواسع والمؤثر في جنوب شرق آسيا، وخاصة في إندونيسيا وماليزيا، حيث أسسوا سلالات تجارية وعلمية ساهمت في نشر الإسلام وثقافة التسامح. في مشارق الأرض ومغاربها، يتعامل أهل حضرموت بكل إخلاص وأمانة وجهد في السعي للرزق. هذه السمة الممزوجة بالنزاهة هي ما فتح الله به عليهم من أرزاق التجارة والاقتصاد، كما يظهر في تأسيسهم لمؤسسات ومصارف مالية وتجارية كبرى عابرة للحدود، فكانوا لبنة بناء.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة مكة

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة مكة

منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 12 ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
صحيفة سبق منذ 6 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 3 ساعات
صحيفة عكاظ منذ 22 ساعة
صحيفة الوطن السعودية منذ 20 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 13 ساعة
صحيفة عكاظ منذ 7 ساعات
صحيفة سبق منذ 10 ساعات
قناة الإخبارية السعودية منذ 11 ساعة