مقال ليث القهيوي. الأردن في مرايا التحديث الثلاثي

في لحظات التحول الكبرى، لا تُقاس جدية الدول بما تعلنه من شعارات، بل بما تُحدثه من تغيير حقيقي في علاقة الدولة بالمجتمع، وفي قدرتها على تحويل القلق العام إلى سياسات واعية.

الأردن اليوم، وهو يتقدم بمشروع التحديث الثلاثي: السياسي، والاقتصادي، والإداري، يبدو وكأنه يقف أمام مرآة مزدوجة؛ صورة رسمية متفائلة، وأخرى اجتماعية قلقة، يعلو فيها سؤال مشروع: هل نحن أمام تحديث عميق يعيد بناء العقد الاجتماعي، أم أمام إدارة ناعمة للأزمة بلغة جديدة؟

لا يمكن إنكار أن منظومة التحديث السياسي حملت محاولات جادة لإعادة تنظيم الحياة الحزبية والنيابية، لكن الإشكالية الجوهرية لم تكن في النصوص، بل في البيئة السياسية التي لم تُهيأ بعد لاستقبالها. فالمشاركة السياسية، خصوصا لدى الشباب، ما زالت محكومة بمنسوب عالٍ من الشك، وبذاكرة مثقلة بالتجارب غير المكتملة.

الأحزاب، بصيغتها الجديدة، لم تتحول بعد إلى أدوات تمثيل حقيقي، ولا إلى مساحات إنتاج سياسي جاذبة. كثير منها بدا وكأنه يُطلب منه أن يولد مكتملا في بيئة لا تزال تتوجس من السياسة، وتُدار بعقلية ضبط الإيقاع لا توسيع المساحة. وهنا تكمن المفارقة: تحديث سياسي بلا ثقة مجتمعية، يتحول إلى إطار قانوني بلا مضمون سياسي حي.

في المسار الاقتصادي، تتسع الفجوة بين لغة الخطط ولغة الناس. الأرقام قد تتحسن، والمؤشرات قد تستقر، لكن السؤال الحقيقي يطرحه الشباب العاطلون عن العمل، والخريجون الذين ينتظرون دورهم في وطن لا يحتمل مزيدا من الانتظار.

البطالة لم تعد رقما اقتصاديا، بل أصبحت عامل ضغط اجتماعي وسياسي، يهدد الاستقرار الصامت أكثر مما يهدده الاحتجاج العلني.

الاقتصاد الأردني بحاجة إلى ما هو أبعد من إدارة العجز وتحفيز الاستثمار التقليدي. هو بحاجة إلى سردية وطنية جديدة تُجيب بوضوح: ما هو شكل الاقتصاد بعد عشر سنوات؟ وأين موقع الشباب فيه؟ لا يمكن الاستمرار في تسويق ريادة الأعمال كحل سحري، دون بنية تمويل، ولا في الحديث عن التشغيل دون إصلاح جذري لمنظومة التعليم والتدريب والعدالة في الفرص.

أما التحديث الإداري، فرغم ما شهده من محاولات رقمنة وتحسين للخدمات، إلا أنه ما زال يصطدم بجدار الثقافة البيروقراطية. المشكلة ليست في الإجراءات، بل في العقل الذي يديرها. إدارة عامة تخشى المبادرة، وتكافئ السلامة الوظيفية أكثر من الإبداع، لا يمكن أن تكون حاضنة لتحديث حقيقي.

الشباب الذين يدخلون القطاع العام، غالبا ما يكتشفون أن المساحات المتاحة للتأثير محدودة، وأن التدرج الوظيفي لا يزال منفصلا عن الأداء والكفاءة.

وهنا يتحول التحديث الإداري إلى عملية تجميل، لا إلى إعادة تعريف لوظيفة الدولة ودورها التنموي.

في قلب المنظومات الثلاث، يُفترض أن يكون الشباب هم الرهان الأكبر، لكن الواقع يشير إلى أنهم ما زالوا موضوعا للحديث أكثر من كونهم شركاء في القرار. يتم استدعاؤهم في الخطاب الرسمي، لكن حضورهم في دوائر صنع السياسات ما زال محدودا.

الشباب لا يبحثون عن امتيازات استثنائية، بل عن قواعد عادلة: شفافية، فرص متكافئة، ومسارات واضحة للمشاركة والتأثير.

تجاهل هذا الصوت لا يؤدي إلى إخماده، بل إلى دفعه نحو الإحباط أو.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الغد الأردنية

منذ 3 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
موقع الوكيل الإخباري منذ 10 ساعات
قناة رؤيا منذ 3 ساعات
قناة المملكة منذ 23 ساعة
خبرني منذ 9 ساعات
موقع الوكيل الإخباري منذ 21 ساعة
صحيفة الغد الأردنية منذ 17 ساعة
خبرني منذ 23 ساعة
خبرني منذ 12 ساعة