يرُوق لـ"نتيناهو" تصوير نفسه على أنه "المسيح المخلص" ومُنفّذ الوعد الإلهي للمستوطنين اليهود لإنقاذهم من شرور عداء الفلسطينيين والعرب. وهو بذلك يتكئ على أبرز العقائد اليهودية المُمثلة في عقيدة "الماشيح"، لجذّب الأنصار والمؤيدين حوله وانتشاله من مأزق فشله في تحقيق أهداف حرب الإبادة الصهيونية ضد قطاع غزة، من خلال إراقة الدّم الفلسطيني والدمار، بما يجعلها بالنسبة إليه مورداً إستراتيجياً متجدداً لاستثمار عوائده سياسياً عند الحاجة.
ويوظّف "نتنياهو" مفهوم "الماسيحانية" عقب الالتفاف عليه، لخدمة مكاسبه الشخصية في بقاء اليمين الحاكم، مستفيداً من اعتناق زُمرة المستوطنين لمزاعم "المسيح المنتظر" الذي لم يكن إنساناً عادياً في الفكر اليهودي، بل سماوياً خلقه الله تعالى قبل الدهر على أن يبقيه في السماء إلى حين تأزف ساعة إرساله في نهاية التاريخ أو "سبت التاريخ" فيظهر في جبل ميرون في الجليل ويتوجه سيراً على الأقدام إلى القدس، التي اكتسبت لدى المتدينين قيمة دينية وفق ذلك الاعتقاد، إبان تجميع شتات اليهود المنفيين والعودة بهم للأرض المقدسة وتحطيم أعداء "إسرائيل" في معركة "هرمجدون"، التي تؤمن بها "الصهيونية المسيحية"، فيعم السلام بظهوره ويتخذ أورشليم عاصمة له تمهيداً لإعادة بناء الهيكل المزعوم.
وقد رسخت نصوص التوراة والتلمود وتعاليمهما ما نتّج عن عقيدة "الماشيح" من أفكار متطرفة ارتبطت في أذهان اليهود الذين تربوا عليها بنوع من العصبية الدينية التي استسهلت فيما بعد قوالب القومية العنصرية وحدودها الضيقة، حتى أنها رأت في القومية نوعاً من الاستمرار والتواصل مع حياة العزلة والانطواء وراء جدران أنساق مغلقة عُرف أشهرها "بالجيتو"، بوصفه حياً منفصلاً محاطاً بالأسوار يقطنه طواعية أقلية دينية، مما زعزّع انتماء اليهود لأي حضارة أو مجتمع يعيشون بين ظهرانيه، وعمـق من إحساسهم بالتميز والتفرد والانفصال عن "الأغيار"، لأن انتظار "الماشيح" يُلغي الانتماء الاجتماعي والتاريخي، بينما ثيمة "العودة" تُضعف إحساس اليهودي بالمكان وبالانتماء الجغرافي له.
وزاد البناء الحضاري والديني للجيتو من عزلة اليهود، فيما عمقتها القوانين الدينية اليهودية المختلفة، خاصة قوانين الطعام وتحريم الزواج المختلط وصلاة الجماعة وعادات الدفن والمدافن.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية
