لا تصدمك مثل تلك الأسئلة المبطنة عندما تأتي من شخص لا يعرفك أو شخص عابر، لكنها حتماً توقف الحوار وتضع فواصل بين الأحرف أو ربما أسواراً تفصل الكلمة عن الأخرى وتفكك اللغة.
المشهد أو السؤال صدمك مرة عندما كان الحديث عن التحولات في سورية ولبنان وانطلاقات بوادر المرحلة الجديدة من المشروع الصهيوني تحت مسميات عدة.
سقط السؤال كما غيره، إلا أن الفرق كان أن من طرح السؤال إعلامي وصحافي مخضرم كما يسمونهم. بل كان كاتباً ومحللاً للمشهد السياسي في الخليج والدول العربية على مدى عقود. كان سؤاله بعيداً عن موضوع الندوة حيث ترك المشروع الصهيوني والإبادة في غزة والعربدة الإسرائيلية في سورية ولبنان واليمن وغيرها، وركّز على مواضيع أخرى ودول، غامزاً من جهة الهوية العرقية والدينية ربما!
بعدها بفترة طويلة، جاء سؤال من شخص مرهف وأديب وشاعر وكاتب وهو الآخر مخضرم أيضاً! وكان السؤال منحصراً في الطائفية والهوية وبعيداً عن المشهد العام، ومحور الحديث الذي كان حول الانتهاكات في مجال حقوق الانسان في بعض الدول التي شهدت تحولات في قياداتها السياسية او أنظمتها. هو الآخر أنكر جرائم القتل والتنكيل وراح ينبش خلف الهويات الضيقة. راح يسأل عن تلك الطائفة وغيرها وحصر الأمر مرة أخرى في الهويات الصغيرة المقسمة لأي مجتمع والتي أصبحت مادة دسمة في يد الإعلام «الموجه» ووسائل التواصل الاجتماعي «المجيشة» التي ساهمت في تحويل الهوية إلى هويات تفرق لا تجمع.
لم ير مما يحدث سوى تحولات طبيعية في مجرى بناء الدولة الحقيقية الذي تأخر في كثير من دول المنطقة لأسباب ليس مجال شرحها هنا. هو الآخر شرع الأبواب للبحث عن مفهوم الهوية وكيف تحول من هوية جامعة إلى هويات تقسم وتفتت المتفتت وتصبح مادة دسمة في يد الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي «الموجهة» لتزيد من حجم الانقسام وتصبح الهوية أصغر من خرم في حائط.
لم تكن الهوية، في أصلها، مشروعَ صراع. وُلدت بوصفها تعريفاً للذات، وجسراً بين الفرد ومحيطه، ومظلّة انتماء تمنح الإنسان شعوراً بالمعنى والاستمرارية. كانت الهوية الثقافية أو الدينية أو الوطنية إطاراً جامعاً، يسمح بالتنوّع داخله، لا سكيناً تُجزّأ، بل ربما تذبح بها المجتمعات.
غير أن التحوّل الأخطر الذي شهده عالمنا المعاصر هو انتقال الهوية من كونها فضاءً للانتماء إلى كونها.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الجريدة
