نحن لا نعيش أزمة عابرة، بل نعيش اختناقاً اقتصادياً كاملاً. التضخم لم يعد نسبة في تقرير، بل أصبح وحشاً يومياً يلتهم الرواتب، ويقضم القدرة الشرائية، ويُحوِّل حياة الناس إلى سباق بقاء لا إلى حياة كريمة. أصبح شهر الراتب أسبوعاً، بل أقل. المواطن يستقبل الراتب يوم 20... ويبدأ العد التنازلي للكارثة يوم 30. ليست رفاهية ناقصة، بل أساسيات تتطاير: إيجار، دواء، تعليم، طعام. عائلة كاملة اليوم قد تعيش على الحد الأدنى من الاستهلاك، لا لأنها بخيلة، بل لأن الراتب لا يسمح أن تكون كريمة حتى مع نفسها.
والأخطر من التضخم، أن الدولة بدل أن تكون صمام تخفيف أصبحت طرفاً إضافياً في الضغط. فوق ارتفاع الأسعار، جاءت الرسوم الحكومية لتقصف ما تبقَّى من جيوب الناس. رسوم في كل وزارة، وكل معاملة، وكل خدمة. تراخيص أغلى، تعليم خاص أغلى، خدمات الصحة أغلى، كهرباء وماء، تقترب من مستويات لا تُحتمل. المُواطن مُحاصر بين جبهتين: سوق متوحش من جهة، ورسوم حكومية بلا رحمة من جهةٍ أخرى. كيف يصمد؟ أي عقل اقتصادي يقبل أن يُترك المواطن وحيداً في معركة تخسر فيها الأرواح قبل الجيوب؟! الطبقة المتوسطة قلب المجتمع، لا هامشه، تحترق. مَنْ كانت تعيش بالأمان أصبحت تقف على حافة السقوط. هي لا تختفي تدريجياً... لا، بل تتبخَّر بسرعة تُسمع رائحتها قبل أن تُرى نتيجتها. مجتمع بلا طبقة وسطى لا يعرف الاستقرار. يُصبح منقسماً بين قمة لا تشعر بشيء، وقاع يغرق في كل شيء، وبينهما مساحة فارغة تكبر يوماً بعد يوم. وكل فراغٍ اجتماعي عبر التاريخ لم يبقَ فراغاً، بل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الجريدة
