بين الاعتراف والتقنين.. خريطة الدول التي تعترف بالبيتكوين عملة رسمية

منذ إطلاقه عام 2009، تحوّلت عملة بيتكوين الرقمية المشفرة من تجربة تقنية هامشية إلى أصل مالي عالمي يفرض نفسه على طاولات صناع القرار، لكن بعد أكثر من 15 عاماً وحجم سوق تخطى 3 تريليونات دولار تستحوذ بيتكوين وحدها على 1.8 تريليون دولار منه، لا يزال الجدل قائماً هل يُعد البيتكوين عملة مستقبلية، أم أصلاً استثمارياً عالي المخاطر، أم مجرد ظاهرة مرحلية، وما هي الدول التي تعترف بالبيتكوين كعملة رسمية؟ ما الدول التي تعترف بالبيتكوين عملة رسمية؟ تختلف الإجابة جذرياً من دولة إلى أخرى، وهو ما ينعكس بوضوح في الخريطة العالمية والعربية لتداول وتعدين البيتكوين.

السلفادور أول دولة تعترف بالبيتكوين عملة رسمية على المستوى العالمي، لا تزال الدول التي اعترفت بعملة بيتكوين كعملة رسمية تُعد استثناءً نادراً، فقد كانت السلفادور أول دولة تعتمد البيتكوين كعملة قانونية في سبتمبر أيلول 2021، بهدف خفض تكاليف التحويلات وتعزيز الشمول المالي، ورغم الانتقادات الدولية الحادة، لا تزال التجربة قائمة حتى اليوم، لكنها لم تتحول إلى نموذج مُحتذى عالمياً.

وفي عام 2022، لحقت بها جمهورية إفريقيا الوسطى، قبل أن تتراجع عن القرار في 2023، ما عزز قناعة المؤسسات الدولية بأن اعتماد البيتكوين كعملة سيادية يظل خياراً عالي المخاطر، خصوصاً للدول الهشة اقتصادياً.

البيتكوين.. أصل رقمي منظَّم ترى أغلب دول الاقتصادات الكبرى أن بيتكوين ليست عملة مثل العملات النقدية المتداولة في البنوك التقليدية، وإنما هي أصل رقمي مُنظم، فالولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان، وكندا، وأستراليا تسمح بتداولها ضمن أطر قانونية صارمة، وتخضع منصاته لقوانين مكافحة غسل الأموال وحماية المستثمرين، دون منحه صفة العملة القانونية أو السماح باستخدامه في تسوية الالتزامات الرسمية.

كيف تحرك الطاقة مسار تعدين بيتكوين؟ أما تعدين البيتكوين، فقد أصبح نشاطاً مرتبطاً بالاقتصاد والطاقة أكثر من ارتباطه بالنقود، فبعد حظر الصين للتعدين عام 2021، انتقلت مراكز الثقل إلى دول مثل الولايات المتحدة، وكازاخستان، وروسيا، وكندا، حيث تتوفر الكهرباء الرخيصة والبنية التحتية الصناعية.

وتتعامل هذه الدول مع التعدين بوصفه نشاطاً صناعياً كثيف الاستهلاك للطاقة، يخضع لضرائب، وقوانين بيئية، وأحياناً قيود تشغيلية، في ظل الجدل المتزايد حول أثره البيئي.

وفي العالم العربي، لا توجد أي دولة تعترف بالبيتكوين كعملة رسمية، لكن المقاربات تختلف بوضوح.

الإمارات أول دولة عربية تنظم تداول بيتكوين تتصدر الإمارات المشهد العربي من حيث التنظيم، إذ تسمح بتداول البيتكوين كأصل استثماري ضمن أطر قانونية واضحة عبر هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي (VARA) وسوق أبوظبي العالمي (ADGM)، كما تسعى دولة الإمارات لتصبح مركزاً عالمياً لتعدين البيتكوين، حيث تستعد مؤسسات مثل مكتب أبوظبي للاستثمار لضخ استثمارات في هذا القطاع، ما يعكس التزام دولة الإمارات بريادة هذا المجال عالمياً.

ويُسمح بالتعدين بشروط صناعية صارمة، دون أي مساس بالدرهم الإماراتي أو السياسة النقدية، في إطار استراتيجية تهدف إلى جذب شركات التكنولوجيا المالية وتحويل الدولة إلى مركز عالمي للأصول الرقمية.

ويقول الشريك الإداري في شركة فيذر، فيصل الحمادي، في تصريحات خلال

فعاليات مؤتمر «بيتكوين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2025»، إن تحقيق الريادة في هذا المجال لا يقتصر على عمليات التعدين فحسب، بل يتطلب بناء منظومة متكاملة لعملة البيتكوين، وتشمل هذه المنظومة استراتيجيات للتخصيص والتدقيق، إضافة إلى الاستخدام العملي للبيتكوين في خزائن الشركات، ومع دخول مزيد من مزوّدي الخدمات إلى السوق وتزايد الاعتراف بالبيتكوين كفئة أصول مستقلة، يرى الحمادي أن القطاع مقبل على تحولات جوهرية ستعيد تشكيل المشهد المالي في المنطقة.

البحرين.. تنظيم مبكر وحجم محدود اتبعت البحرين نهجاً مشابهاً، حيث نظّم مصرف البحرين المركزي تداول العملات المشفرة عبر منصات مرخّصة، مع تعامل حذر مع نشاط التعدين، الذي لا يزال محدوداً بسبب كلفة الطاقة وحجم السوق.

شمال إفريقيا.. تسامح واقعي دون تشريع في المغرب وتونس والأردن، يُلاحظ انتشار التداول والتعدين على نطاق فردي، رغم غياب الاعتراف القانوني الصريح؛ ففي المغرب، تراجع التطبيق الصارم للحظر السابق، بالتوازي مع نقاشات حول إطار تنظيمي جديد، بينما يظل النشاط في تونس والأردن خارج النظام المصرفي الرسمي.

التعدين في الدول الهشة ودول الحظر الكامل برز التعدين غير الرسمي في دول مثل السودان وليبيا وموريتانيا، مدفوعاً بانخفاض تكلفة الكهرباء وضعف الرقابة، وغالباً ما يُنظر إليه كنشاط معيشي أو بديل للدخل، لا كقطاع اقتصادي منظَّم.

تتبنى دول مثل مصر والسعودية وقطر والجزائر موقفاً صارماً، يحظر تداول وتعدين البيتكوين رسمياً، انطلاقاً من اعتبارات تتعلق بالسيادة النقدية، والاستقرار المالي، ومخاطر المضاربة وتمويل الأنشطة غير المشروعة.

4 أسباب وراء رفض الدول تحويل البيتكوين إلى عملة يقول خبراء في أسواق العملات الرقمية المشفرة إن الإجماع العربي والعالمي يعكس إلى حد كبير قناعة أساسية مفادها أن تقلبات البيتكوين الحادة تجعلها غير صالحة للتسعير، ففي عام 2013، قفز سعر بيتكوين من نحو 13 دولاراً إلى أكثر من 1,100 دولار خلال أشهر قليلة، مدفوعاً بموجة اهتمام إعلامي ومضاربات مكثفة؛ أما في فبراير شباط 2014، أعلنت منصة (Mt. Gox) التي كانت تتداول أكثر من 70% من بيتكوين عالمياً، إفلاسها بعد اختفاء نحو 850 ألف بيتكوين، وكانت النتيجة هبوط السعر من نحو 800 دولار إلى أقل من 400 دولار خلال أيام.

وجاءت فقاعة عامي 2017 و2018، عندما ارتفع سعر بيتكوين من نحو 1,000 دولار في بداية 2017 إلى قرابة 20 ألف دولار في ديسمبر كانون الأول من العام نفسه، لكن خلال عام 2018، انهار السعر تدريجياً إلى أقل من 3,200 دولار، أي خسارة تقارب 85%.

وفي عام 2020 تعرض العالم لصدمة جائحة كوفيد-19، حينها اندفع المستثمرون نحو السيولة، وهبط سعر بيتكوين خلال أيام من نحو 9 آلاف دولار إلى أقل من 3,800 دولار (انخفاض بنحو 50%)، أما منتصف عام 2021 فشددت الصين الحظر على تعدين وتداول العملات المشفرة، ما تسبب في هبوط بيتكوين من نحو 64 ألف دولار إلى أقل من 30 ألف دولار خلال أسابيع.

وخلال عام 2022، أدى إفلاس منصة (FTX)، إحدى أكبر منصات تداول العملات المشفرة، إلى تراجع الثقة بالقطاع بالكامل، حيث هبط سعر بيتكوين من نحو 21 ألف دولار إلى أقل من 16 ألف دولار، وهو أدنى مستوى له منذ عامين.

وثانياً فقدان السيطرة النقدية يمثل خطراً سيادياً فالعملات الرقمية المشفرة لا تخضع لسياسة البنوك المركزي ولا يمكن التحكم فيها من قبل السياسيين، وثالثاً صعوبة تنظيم العملات الرقمية المشفرة كأصل استثماري أقل كلفة وأكثر مرونة، ورابعاً أن الابتكار المالي يمكن احتواؤه دون التضحية بالعملة الوطنية.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 32 دقيقة
منذ 16 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ ساعتين
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 21 ساعة
قناة العربية - الأسواق منذ 19 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 3 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 4 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 23 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 18 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 15 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 7 ساعات