في وقت تتزايد فيه مخاطر النفايات الصلبة والإلكترونية على البيئة والصحة العامة، تُبذل مساعٍ خجولة لاحتواء هذا الملف المعقّد عبر طرح حلول وإجراءات للحد من التلوث المتفاقم.
غير أن تراكم النفايات، وغياب المعالجة العلمية الرصينة، وتحول البلاد إلى منفذ للأجهزة المستعملة والمواد غير القابلة للتحلل، ما زال يشكّل تحدياً حقيقياً يهدد التربة والمياه والهواء.
وأعلنت وزارة البيئة، عن إعداد استراتيجية وطنية لمعالجة النفايات الإلكترونية والحد من أضرارها البيئية والصحية.
وقال المتحدث باسم الوزارة، لؤي المختار، إن وزارة البيئة تعد جهة تشريعية رقابية تنظيمية، حيث تعمل حاليا في إعداد استراتيجية وطنية للإدارة السليمة للنفايات الإلكترونية .
وأضاف، أن تحقيق هذا الهدف يتطلب من الدولة تنظيم العلاقة بين من يولد النفايات الإلكترونية، والجهات التي تعمل على جمعها وفرزها، والجهات التي تطمح للعمل في إدارة النفايات الإلكترونية، والسعي للاستفادة منها .
ويرى مختصون في الشأن البيئي أن أزمة النفايات في العراق لم تعد قضية خدمية فحسب، بل تحولت إلى تهديد استراتيجي للصحة العامة والأمن البيئي، في ظل غياب منظومة متكاملة لإدارتها، كما أن التعامل العشوائي مع النفايات الإلكترونية والبلاستيكية يؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية وانتقال المواد السامة إلى السلسلة الغذائية، ما يفاقم معدلات الأمراض ويخلّ بالتوازن البيئي.
حزمة تدابير متكاملة
بدورها أكدت خبيرة التلوث والبيئة إقبال لطيف أن معالجة أزمة النفايات في العراق تتطلب حزمة متكاملة من التدابير الحكومية تبدأ بالتشريع ولا تنتهي عند التنفيذ، محذّرة من خطورة النفايات الإلكترونية والبلاستيكية على الصحة العامة والتوازن البيئي.
وقالت لطيف لـ عراق أوبزيرفر ، إن النفايات الإلكترونية تُعد من أخطر أنواع الملوثات، لاحتوائها على معادن سامة ونظائر مشعة مثل الثاليوم، ما يستوجب منع دخول الأجهزة المستعملة أو التالفة عبر الحدود، والتعامل معها وفق قوانين صارمة تشبه تلك المعتمدة للنفايات النووية، لما لها من تأثير مباشر على الإنسان والتربة والمياه والهواء .
وأضافت أن التلوث البلاستيكي يمثل تهديداً متصاعداً بسبب عدم قابليته على التحلل، إذ يتحول مع مرور الوقت إلى جسيمات نانوية دقيقة يمكن استنشاقها أو انتقالها إلى السلسلة الغذائية، ما يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي وتلوث المحاصيل الزراعية والمياه .
وبيّنت الخبيرة أن الخطوة الأهم تكمن في اعتماد استراتيجية وطنية لإدارة النفايات تقوم على تقييم المخاطر البيئية والصحية، وإنشاء معامل متخصصة لمعالجة النفايات الإلكترونية واستخلاص المعادن الثمينة منها بطرق آمنة .
وشددت لطيف على ضرورة تأهيل كوادر متخصصة وإشراك الشباب في برامج تدريب علمية، بما يسهم في حماية البيئة وخلق فرص عمل، وتحويل النفايات من عبء بيئي إلى مورد اقتصادي مستدام .
وتصدرت العاصمة بغداد تصدرت قائمة المدن الأكثر تلوثاً في العالم بعد أن سجّلت مستويات خطيرة من الجسيمات الدقيقة، ما جعلها تحتل المركز الأول عالمياً في التلوث في فترات متقطعة خلال العام الجاري، متجاوزة مدناً معروفة بتلوثها الشديد، وسط قلق متزايد من تأثير ذلك على صحة السكان وارتفاع مخاطر الأمراض التنفسية والقلبية.
ماذا عن النفايات المادية
يقدر الإنتاج اليومي في العاصمة العراقية بغداد من النفايات بحوالي 10 آلاف طن، أي ما يقارب 300 ألف طن شهرياً، مع تضاعف هذه الأرقام خلال المناسبات الدينية والزيارات.
بينما يبلغ معدل إنتاج الفرد العراقي من النفايات في العاصمة بغداد ما بين 1.25 إلى 1.5 كغم يومياً، وهو الرقم الأعلى في عموم أنحاء العالم.
وتمتلك أمانة بغداد 12 مكبساً فقط مخصصاً لكبس النفايات قبل نقلها إلى مواقع الطمر الصحي الخاصة بها، وهي موزعة على مختلف مناطق العاصمة.
في المقابل، يوجد في بغداد 221 موقعاً للطمر، منها 149 موقعاً غير نظامي، في حين أن 17% فقط من هذه المواقع تراعي الشروط البيئية المعتمدة.
ووفقاً للمعلومات المؤكدة، فإن بغداد تفتقر حالياً لمعامل متخصصة لتدوير النفايات، بل يجري العمل على مشاريع لتحويلها إلى طاقة كهربائية، فقد دخلت أمانة بغداد في مفاوضات مع شركتين لإنشاء معامل لإنتاج الكهرباء من النفايات في أطراف العاصمة، بهدف تزويد المناطق القريبة بها.
هذا المحتوى مقدم من عراق أوبزيرڤر
