كأس أمم إفريقيا - بمستقبل على المحك.. هل يعيد حسام حسن إرث حسن شحاتة التاريخي؟

يدخل منتخب مصر منافساتكأس أمم إفريقيا 2025 في المغرب وهو يحمل معه سؤالا أكبر من مجرد المنافسة على اللقب: هل ينجح حسام حسن في إعادة إنتاج “الزمن الذهبي” الذي صنعه حسن شحاتة، أم تتحول البطولة إلى محطة قد تعيد خلط الأوراق وتضع مستقبل الجهاز الفني على المحك؟فبين تاريخ ثقيل من الألقاب والنجومية، وضغوط الحاضر وتذبذب الأداء في بعض الفترات، تبدو النسخة المقبلة اختبارا فاصلا لمدرب مصري عاد لقيادة “الفراعنة” في البطولة القارية بعد غياب دام 15 عاما للمصريين.مدرب مصري بعد حقبة طويلة من الأجانبيمثل وجود حسام حسن على رأس الجهاز الفني في النهائيات حدثا بحد ذاته، إذ سيكون أول مدرب مصري يقود منتخب مصر في كأس أمم إفريقيا منذ حسن شحاتة، الذي كانت آخر نسخة قادها في 2010.بعد ذلك، جاءت مشاركات مصر تحت قيادة مدربين أجانب؛ هيكتور كوبر (2017)، وخافيير أجيري (2019)، وكارلوس كيروش (2021)، وروي فيتوريا (2023).هذه الحقيقة تمنح حسام حسن ثقلا إضافيا، لأن المقارنة هنا لن تكون مع مدرسة تدريبية أجنبية فقط، بل مع “إرث مدرب مصري” صنع ثلاثية تاريخية ما زالت تمثل معيارا قاسيا في ذاكرة الجمهور.حصيلة أرقام تمنح الثقة.. والأسئلة لا تختفيقبل انطلاق البطولة، تبدو حصيلة حسام حسن مع المنتخب داعمة لخطاب التفاؤل.فبحساب آخر المباريات حتى منتصف نوفمبر الماضي بنهايةمباراة تحديد المركز الثالث في دورة العين الدولية أمام كاب فيردي، والتي انتهت بنتيجة 1-1 قبل الفوز بركلات الترجيح، أصبحت المحصلة: 18 مباراة شملت 11 فوزا، و5 تعادلات، وخسارتان، مع 28 هدفا و11 هدفا في مرمى مصر.الأرقام وحدها تعطي انطباعا بوجود “استقرار نتائج” وملامح انضباط، خصوصا إذا أضيف إليها مشوار تصفيات كأس أمم إفريقيا 2025، حين أنهى المنتخب مجموعته متصدرا بـ14 نقطة (4 انتصارات وتعادلان) وسجل 12 هدفا واستقبل هدفين فقط. لكن كرة القدم لا تُقاس بالأرقام فقط، لأن البطولة القارية بطبيعتها تضع المنتخبات تحت ضغط مباريات إقصائية وتفاصيل صغيرة، وتكشف قيمة الهوية الفنية أكثر مما تكشفه الجداول.مدح متكرر للانضباط.. وانتقادات للأداء والهويةعلى مستوى القراءة الإعلامية، تكرر الحديث عن تحسن النتائج والانضباط الدفاعي، وتقديم ذلك بوصفه قاعدة يمكن البناء عليها في بطولة قصيرة ومضغوطة.في المقابل، ظلت الانتقادات تلاحق المنتخب في محطات بعينها، أهمها أن الأداء لا يكون مقنعا أحيانا حتى في مباريات الانتصار، مع إهدار فرص وصعوبة ترجمة السيطرة إلى أهداف في بعض اللقاءات.كما برز خط نقدي يتعلق بالاعتماد الكبير على نجوم بعينهم مثل صلاح ومرموش وتريزيغيه، مع تساؤلات حول وجود "هوية لعب" واضحة وثابتة تتجاوز فكرة الحلول الفردية.ولم يتوقف الجدل عند المستطيل الأخضر، إذ أضيفت إليه ضوضاء التصريحات وطريقة التعامل مع النقد، وصولا إلى سجالات جانبية ووقائع داخل المباريات أثارت ردود فعل، وهي عناصر قد لا تبدو فنية خالصة، لكنها تؤثر على المزاج العام المحيط بالمنتخب وتخلق ضغطا إضافيا على المدرب قبل البطولة.قرعة "صعبة وقوية" ورسالة المنافسة على اللقبأتى خطاب حسام حسن بعد القرعة متوازنا بين الاعتراف بالتحديات والتمسك بطموح المنافسة. وصف مجموعة مصر التي تضم جنوب إفريقيا وأنغولا وزيمبابوي بأنها “صعبة وقوية”، وأكد أن كرة القدم في القارة تتطور للأفضل، ثم شدد على أن هدف المنتخب هو المنافسة على اللقب وأنه "يلعب دائما على البطولات"، مستندا إلى وجود نجوم كبار.هذه الرسائل تحمل وجها إيجابيا لأنها ترفع السقف، لكنها في الوقت ذاته ترفع تكلفة الإخفاق، لأن جمهور مصر لا يتعامل مع كأس أمم إفريقيا بوصفها بطولة عادية، بل بوصفها "المجال الطبيعي" للتتويج تاريخيا."محترفان وربع".. زلة لسان أم كشف أزمة؟من أكثر العناوين التي زادت من حدة الجدل، تصريح حسام حسن بأنه لا يملك سوى "محترفين اثنين وربع"، في إشارة إلى محمد صلاح وعمر مرموش وإلى مصطفى محمد بوضعية "الربع" بسبب عدم مشاركته أساسيا مع ناديه؛ نانت الفرنسي.مهما كانت نية المدرب، فإن هذا النوع من العبارات يفتح باب التأويل.. هل هي محاولة للضغط على الأندية؟ هل هي تبرير مبكر لأي تعثر؟ أم مجرد تعبير عفوي عن ضيق الخيارات؟لاحقا، جاء توضيح بأن المقصود يتعلق بمدى مشاركة مصطفى محمد، لكن الضرر كان قد حدث إعلاميا، إلى درجة أن الاتحاد المصري طالب الجهاز الفني "بضرورة الحفاظ على الهدوء، والتركيز على المرحلة المقبلة من دون التشتت بما يثار حول مستقبله"، مع تأكيد دعم المجلس للمدرب والاستعداد لاجتماع يحدد خارطة الطريق قبل أمم إفريقيا وكذلك إعداد المنتخب للمشاركة في كأس العالم.وهنا تظهر نقطة التحول.. حسام حسن لا يخوض البطولة فقط بصفته مدربا، بل بصفته عنوانا لمشروع يريد الاتحاد والجمهور أن يراه مستقرا حتى كأس العالم.لذلك تصبح أمم إفريقيا في المغرب امتحانا لمتانة المشروع وقدرته على امتصاص الصدمات.عندما كان حسام حسن جزءا من الحكاية.. والآن يقودهاالمفارقة أن حسام حسن نفسه يعرف جيدا معنى أن يتحول لاعب أو مدرب إلى "قضية رأي عام" داخل بطولة كبرى.في نسخة 1998، كان قائدا هجوميا ضمن منتخب مصر الذي فاز باللقب، وتُروى شهادات من تلك الفترة عن ضغوط وانتقادات طالت حسام بسبب العمر وصيامه عن التهديف، حتى قيل إنه أصر على الرحيل قبل السفر، قبل أن يحتوي محمود الجوهري الأزمة ويقود المجموعة إلى اللقب.ويرتبط اسم حسام بتلك النسخة أيضا بكونه أحد هدافي البطولة برصيد 7 أهداف، في سياق صنع ذاكرة خاصة لديه مع أمم إفريقيا؛ بطولة يمكن أن تقلب الحكم على الأفراد من التشكيك إلى التتويج.بعد 8 سنوات، عاد "العميد" لخوض بطولة دولية أخيرة استضافتها مصر وتُوجت بلقبها (الخامس تاريخيا آنذاك)، ليرفع حسام اللقب كقائد لمرة أخيرة في قلب إستاد القاهرة؛ بينما كان إرث حسن شحاتة التاريخي على وشك البدأ.اليوم، ينتقل حسام من موقع "اللاعب الذي حسم" إلى "المدرب الذي عليه أن يصنع بيئة تمنع الانفجار".وهذا تحد مختلف، لأنه يتعلق بإدارة نجوم، وامتصاص ضغط، وبناء خطة لعب تصلح لمراحل مختلفة داخل البطولة.إرث حسن شحاتة.. معيار لا يرحمعندما تُذكر أمم إفريقيا في مصر، يفرض إرث حسن شحاتة نفسه تلقائيا.ثلاثية 2006 و2008 و2010 لم تكن مجرد ألقاب، بل كانت حالة تفوق نفسي وفني على كبار القارة، مع استقرار في الهوية ووضوح في الأدوار، وحضور لاعبين صنعوا لحظات لا تُنسى مثل عصام الحضري وأحمد حسن ومحمد أبو تريكة وغيرهم.شحاتة لم يفز مرة واحدة فحسب، بل حول المنتخب إلى ماكينة ألقاب، حتى بات أول مدرب يحقق ثلاثية قارية متتالية، رافعا سقف المقارنة لأي مدرب يأتي بعده.من هنا تبدو معادلة حسام حسن دقيقة.. الجمهور لا يطالبه فقط بتحقيق نتائج جيدة، بل يطالبه بإنعاش شعور "المهابة" الذي كان يسبق اسم مصر في البطولات.وهذا لن يحدث بالخطابات وحدها، بل بإجابات داخل الملعب.. كيف سيوازن بين نجومية صلاح ومتطلبات الفريق؟ كيف سيعالج الانتقادات المتعلقة بالهوية؟ وكيف سيحافظ على الصلابة الدفاعية دون أن يفقد الجرأة الهجومية أمام منتخبات تعرف مصر جيدا؟كأس أمم إفريقيا 2025 في المغرب ليست مجرد محطة جديدة في روزنامة منتخب مصر، بل اختبار يحدد اتجاه المرحلة المقبلة.حسام حسن يحمل نقاط قوة واضحة؛ بداية من نتائج مستقرة نسبيا، وخوض تصفيات قوية، وخبرة شخصية عميقة مع البطولة كلاعب.لكنه يحمل أيضا تحديات متراكمة؛ تشمل ضجيج التصريحات، وضغط الجماهير، وتوقعات لا تقبل أنصاف الحلول.وفي النهاية، فإن السؤال الحقيقي ليس فقط: هل يعيد حسام حسن إرث حسن شحاتة؟ بل: هل يصنع إرثه الخاص كمدرب ينجح في تحويل خيارته الفنية إلى منظومة قادرة على الفوز تحت الضغط؟الإجابة ستكتبها مباريات البطولة في المغرب، والبطولة وحدها ستحدد إن كان مستقبل حسام الذي يبدو على المحك سيتحول إلى نقطة انطلاق، أم إلى منعطف يفرض مراجعة شاملة؛وربما الإطاحة به قبل أشهر قليلة من المونديال.(المشهد)۔۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 6 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 4 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 5 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ ساعتين
سي ان ان بالعربية منذ 10 ساعات
قناة العربية منذ 11 ساعة