كيف يواجه قادة الشؤون المالية في الإمارات متغيرات العام القادم؟

كشفت فعالية «المال تحت المجهر» التي نظّمتها ديلويت مؤخراً في دبي وأبوظبي عن استعداد الرؤساء الماليين في دولة الإمارات لمواكبة التحولات التنظيمية والتشريعية، والتقدم الرقمي، والتأثير المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك في ظل اقتصاد يُعدّ من الأسرع نمواً وقدرة على الصمود بوجه التحديات في العالم. تُواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها واحدة من أكثر مراكز الأعمال قدرة على الصمود أمام التحديات والتطلع نحو المستقبل. وفي منطقة تشهد باستمرار تحوّلات جيوسياسية واقتصادية، يسطع نجم الإمارات بفضل استقرارها السياسي وسياساتها التقدّمية وبيئتها الداعمة دائمًا للأعمال. وقد تجلّى ذلك بوضوح خلال فعالية «المال تحت المجهر» التي نظّمتها شركة ديلويت مؤخراً في الإمارات، حيث انعقدت في دبي يوم 24 نوفمبر، وفي أبوظبي يوم 27 نوفمبر، وجمعت أكثر من 500 من قادة المال والأعمال لمناقشة أبرز العوامل التي تُعيد رسم ملامح المشهد المالي المعاصر. وخلال النقاشات مع الرؤساء الماليين وكبار التنفيذيين في القطاع المالي، برزت رسالة واحدة بوضوح: لم تتزعزع الثقة بآفاق الاقتصاد الإماراتي بتاتاً. ويستند هذا التفاؤل إلى مقوّمات أساسية متينة، وموقع جغرافي استراتيجي، وبنية تحتية عالمية المستوى، فضلاً عن سمعة الدولة كمركز آمن وموثوق للاستثمار. ومع ذلك، لا يخفى على قادة المال والأعمال أنّهم على عتبة حقبة جديدة، تتّسم بتحوّلات تنظيمية متسارعة، وتقدّم تقني لافت في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تزايد التوقّعات من قِبل مجالس الإدارة، والهيئات الرقابية، والمستثمرين.

فصل جديد في عالم التقارير المالية.. المعياران الدوليان IFRS 18 وIFRS 19

الضريبة على الشركات وضريبة الركيزة الثانية والفوترة الإلكترونية: واقع جديد لقادة الشؤون المالية يفرض تطبيق الضريبة على الشركات تحوّلاً تاريخياً في المشهد المالي لدولة الإمارات، وبعد أن اجتازت الشركات عامها الأول من الامتثال، تستعدّ اليوم لموجة التغييرات التالية، والتي تشمل ضريبة الركيزة الثانية والفوترة الإلكترونية. الركيزة الثانية، التي تنطبق على المجموعات الكبرى متعدّدة الجنسيات، تُدخل حدًا أدنى عالميًا للضريبة، وتُعزّز من متطلّبات الحوكمة الضريبية ونضوج التقارير المالية. أمّا الفوترة الإلكترونية، التي تطال شريحة أوسع من الشركات، فتمثّل تحولًا جذريًا في الطريقة التي يتم بها تبادل البيانات المالية بين الشركات والهيئات الرقابية. تؤكد هذه التطوّرات حقيقة أساسية: أصبحت الضريبة عملية مستمرة ومدمجة ضمن مختلف وظائف الشؤون المالية. وستتأثّر بها الأنظمة، وأدوات الرقابة، والتوثيق، واتخاذ القرار في الوقت الفعلي. وقد تناولت جلسات فعالية «المال تحت المجهر» الدروس المستخلصة من العام الأول لتطبيق ضريبة الشركات، وحدّدت خطوات عملية يجب أن تتّخذها المؤسّسات للاستعداد لبيئة ضريبية أكثر ترابطاً، وقائمة على التكنولوجيا. محطة مفصلية للذكاء الاصطناعي في عالم المال قليلة هي المواضيع التي أثارت نقاشاً خلال الفعالية بقدر مسألة صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتُرسّخ دولة الإمارات مكانتها إحدى الدول الرائدة عالمياً في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدعم من استراتيجيات وطنية واستثمارات قوية من القطاعين العام والخاص. أمّا على صعيد الوظائف المالية، فيأتي الأثر الأسرع من الذكاء الاصطناعي الوكيلي (Agentic AI)، القادر على أتمتة المهام الروتينية والمعتمدة على قواعد واضحة، مثل الحسابات الدائنة والمَدينة، والمطابقات، وتسجيل القيود، وتحليل الفروقات، والضوابط الداخلية. يسمح هذا التحوّل لمديري الشؤون المالية بإعادة توجيه القدرات البشرية نحو مهام استراتيجية مثل التخطيط للسيناريوهات، وإدارة السيولة، وتقييم صفقات الدمج والاستحواذ. وفي الوقت ذاته، من المتوقّع أن يؤثر صعود الذكاء الاصطناعي السيادي، الذي يعتمد على بنى تحتية ونماذج مطوّرة محليًا، على سياسات حوكمة البيانات، وأمنها، والمتطلبات التنظيمية. يتزايد تساؤل قادة الشؤون المالية عمّا إذا كانت فوائد الذكاء الاصطناعي واقعية وفورية. وفي ديلويت، نعمل بالفعل على تطبيق حالات استخدام عملية بالتعاون مع عملائنا، وقد أثبتت النتائج تحسناً ملموساً على مستوى الدقّة، والإنتاجية، والجهوزية لعمليات التدقيق والمراجعة. تحوّل القطاع المالي والطريق نحو الجاهزية للطرح العام الأولي (IPO) شهدت الشركات في دولة الإمارات تسارعاً كبيراً في وتيرة التحوّل الرقمي بعد الجائحة، ولا يزال هذا الزخم مستمراً حتى اليوم، مدفوعاً بجملة من العوامل، أبرزها الأنظمة والتشريعات الجديدة مثل ضوابط الرقابة الداخلية على التقارير المالية (ICFR)، وتعاظم الرقابة من قِبل أصحاب الشأن، وارتفاع اهتمام الشركات بخيارات الطرح العام الأولي. مع تعزيز دولة الإمارات لبنية الأسواق المالية مثل سوق أبوظبي للأوراق المالية (ADX)، وسوق دبي المالي (DFM)، وسلطة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي (ADGM)، تتزايد أعداد الشركات الإقليمية والدولية التي تنظر في خيار الإدراج العام. وفي قلب هذه الجاهزية للطرح العام الأولي، تقف الفرق المالية باعتبارها العنصر المحوري؛ إذ أصبحت الأنظمة القوية، وضوابط الحوكمة الفعّالة، والبنية الرقابية الموثوقة، والتقارير المالية عالية الجودة، من المتطلبات الأساسية لأي شركة تسعى للإدراج. وحتى الشركات التي لا تنوي الإدراج في المستقبل القريب يمكنها الاستفادة من تبنّي معايير الشركات المُدرجة، لما توفره من مصداقية أعلى، وثقة أكبر لدى المستثمرين وأصحاب الشأن. تطلعاً إلى المستقبل.. عام استراتيجي لقادة القطاع المالي وعلى ضوء فعاليات «المال تحت المجهر» التي أقامتها ديلويت، من المرتقب أن يشكّل عام 2026 محطة مفصلية لمجتمع المال والأعمال في دولة الإمارات. فبغضون عام واحد، سيكون على القادة الماليين التعامل مع معايير تقارير مالية جديدة، وإصلاحات ضريبية، ومتطلّبات تنظيمية متزايدة، واستمرار التحوّل الرقمي، وتسارع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وكل ذلك في واحدة من أكثر الأسواق العالمية الزاخرة بالفرص. ومع الاستعداد المبكر والاستثمار في الكفاءات والأنظمة والتكنولوجيا، لا يقتصر دور القادة الماليين في دولة الإمارات على مواكبة هذه المتغيّرات فحسب، بل يمتدّ ليشمل قيادة دفة التحوّل المالي في المنطقة ورسم ملامح مستقبله. تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 28 دقيقة
منذ 5 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 8 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 12 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 7 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 9 ساعات