يعد إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتخلي بلاده عن طموح الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، "تحولًا كبيرًا" في موقف كييف، إذ يلغي أحد أصعب العراقيل في وجه الدبلوماسية الهادفة إلى إنهاء الصراع.
ويأتي هذا الإعلان المفاجئ بعد "الشراسة" الأوكرانية التي تمسكت، طوال سنوات، بالانضمام إلى الحلف، وأدرجته في دستورها، بوصفه الضمانة الوحيدة في مواجهة روسيا، التي ستتلقى الخبر بارتياح بالغ، إذ كانت تعتبر، بدورها، أن هذا الانضمام هو "خط أحمر" يعيق أي مسار تفاوضي جدي.
ويرى خبراء أن إزاحة هذا المطلب عن الطاولة يمهد الطريق أمام محادثات مثمرة في برلين، التي تشهد اجتماعات مكثفة بحضور زيلينسكي وقادة أوروبيين باتوا يملكون، الآن، "ورقة تفاوضية" هامة لإقناع موسكو بأن كييف مستعدة لمقاربات جدية من أجل إنهاء الحرب.
ورغم هذه الاستنتاجات الإيجابية، فإن خبراء يحذرون من احتمال "قراءة عكسية" من جانب الكرملين لمغزى التخلي عن حلم الانضمام إلى "الناتو"، موضحين أن موسكو قد تقرأ الموقف الأوكراني لا بوصفه بادرة تنشد السلام، بل دليلًا على تآكل القدرة الأوكرانية على الصمود طويلًا، الأمر الذي قد يغري "الدب الروسي" بمواصلة حسم الأمور عسكريًا، أو البحث عن المزيد من التنازلات.
وأيًا كانت مآلات مثل هذا الموقف الأوكراني، فإنه يطرح أسئلة أعمق بكثير من مجرد تعديل في الموقف التفاوضي، إذ يلاحظ خبراء أن القرار، الذي جاء في خضم حرب تقترب من إتمام عامها الرابع، يصعب فصله عن "خرائط الميدان" وتوازنات القوة، وضغوط الحلفاء.
زيلينسكي يتخلى عن طموح أوكرانيا بالانضمام للناتو قبل محادثات السلام
"بين المتاح والمثالي"
من المعروف أن كييف تعتمد في حربها مع روسيا على الدعم العسكري والمالي والاستخباراتي الغربي، وهو ما يحد من القدرة على اتخاذ قرار مستقل، خصوصًا مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي "فرمل" دعم واشنطن اللامحدود لكييف، مبديًا استعداده لعقد "صفقات كبرى" مع موسكو، والترويج لتصور جديد قائم على أن "استمرار الحرب دون أفق سياسي لم يعد مقبولًا في أروقة البيت الأبيض".
من هنا، يستنتج الخبراء بأن موقف زيلينسكي هو أقرب إلى "قرار اتخذ تحت الإكراه"، لا عن قناعة سياسية تامة، في محاولة للحفاظ على جوهر الدولة الأوكرانية في ظل الهوامش الضيقة للمناورة، وقلة الخيارات، مع إدراك كييف بأن "البيئة الدولية الداعمة لها قد تبدلت جذريًا".
وطبقا للمقولة الكلاسيكية: "المفاوضات ليست إلا استمرارًا للحرب بوسائل سياسية"، يرى خبراء أن سنوات الحرب بلورت الصيغ الدبلوماسية الملائمة، وصولًا إلى اللحظة الراهنة التي تحولت فيها المفاوضات بالنسبة لكييف من وسيلة لتحقيق مكاسب استراتيجية، إلى عملية لـ"إدارة خسائر"، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وثمة من يحاجج بأن "الضمانات الأمنية" التي تطالب بها كييف قد تكون بديلًا مناسبًا يعوض عن "الانضمام الفعلي إلى الناتو"، لكن خبراء يعتبرون أن صيغة الضمانات الأمنية الفضفاضة لا ترقى إلى مستوى الالتزام الجماعي الصارم الذي يوفره الحلف لأعضائه، بمعنى أن الضمانات الأمنية هي الخيار المتاح بالنسبة لكييف، ولكنه ليس المثالي.
ثقل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من إرم نيوز
