أثارت فوضى التخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية في محافظة تعز حالة واسعة من الغضب والسخط الشعبي، في ظل لجوء بعض شركات الأدوية والصيدليات إلى التخلص من هذه الأدوية بطرق عشوائية وخطيرة، دون الالتزام بالبروتوكولات الآمنة #اليمن

أثارت فوضى التخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية في محافظة تعز حالة واسعة من الغضب والسخط الشعبي، في ظل لجوء بعض شركات الأدوية والصيدليات إلى التخلص من هذه الأدوية بطرق عشوائية وخطيرة، دون الالتزام بالبروتوكولات الآمنة، ما يشكل تهديدًا مباشرًا على حياة السكان والبيئة.

وبحسب ما وثّقه هذا التحقيق، يتم التخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية عبر رميها في الشوارع، وحاويات المخلفات، ومجاري السيول، أو خلطها مع النفايات المنزلية التي ينقلها عمال النظافة إلى المكبات، دون الرجوع إلى الجهات المختصة أو اتباع الإجراءات القانونية المعتمدة.

ورصد التحقيق ثلاث عمليات تخلص عشوائي من أدوية منتهية الصلاحية في مدينة تعز بطرق غير آمنة، كان آخرها واقعة حدثت اليوم الاثنين، جرى خلالها التخلص من كميات من الأدوية المنتهية الصلاحية عبر رميها وإحراقها في مجرى سيل بشارع التحرير الأسفل، الواقع ضمن النطاق الجغرافي لمديرية القاهرة، ما تسبب بمخاطر بيئية وصحية جسيمة على سكان المباني المجاورة للسائلة.

وأكد مواطنون في أحاديث متفرقة أنهم تفاجأوا بوجود كميات كبيرة من الأدوية المنتهية الصلاحية يتم حرقها في مجرى السيل القريب من منازلهم، معتبرين ذلك مخالفة صريحة واستهتارًا كبيرًا بحياتهم، لما يشكله إحراق هذه الأدوية من مخاطر صحية مباشرة، مشددين على أن المتعارف عليه هو إتلاف هذه المواد والتخلص منها بطرق صحية وآمنة.

أسباب التخلص العشوائي

ويعود سبب التخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية بهذه الطرق، وفق ما أوضحه صيدلي يعمل في إحدى شركات الأدوية بشارع أجينات في تعز، إلى كون هذه الأدوية مهربة، وبالتالي لا يمكن استعادة قيمتها من قبل الشركات المصنعة.

وأضاف الصيدلي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن غياب تنظيم الجرد السنوي عبر برامج إلكترونية، وضعف الرقابة على شركات الأدوية والمنشآت الصيدلانية من قبل الجهات المختصة، شجّع بعض الشركات على الاستسهال في التخلص من مخزونها بطرق عشوائية وغير قانونية.

في المقابل، أنكرت الشركات المخالفة علاقتها بالأمر، إذ تواصلنا قبل قليل، عبر تطبيق واتساب ، مع عدد من شركات الأدوية لمنحها حق الرد على الواقعة الأخيرة الموثقة في مجاري السيول، إلا أن القائمين عليها اكتفوا بالقول: ليس لنا أي علاقة بهذا الموضوع .

من جانبه، قال مالك صيدلية تقع بالقرب من السائلة التي جرى فيها إحراق الأدوية، إنه لا يمكنه التخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية بطريقة غير آمنة كونها مقيدة على حسابه، وسيتم تسجيل عجز في حال رميها، لكنه لم ينفِ في الوقت نفسه وقوع عمليات تخلص غير آمن من قبل جهات أخرى.

وأضاف: هذا السلوك حاصل فعلًا، وسمعنا أن شركات أدوية تلجأ إلى هذا التصرف هربًا من ابتزاز الجهات الرسمية التي تفرض مبالغ مالية كبيرة مقابل الإتلاف .

وأوضح الصيدلاني محمد سعيد (اسم مستعار خشية فقدان عمله في صيدلية بوسط المدينة) أن تكلفة إتلاف أقل كمية من الأدوية المنتهية الصلاحية لا تقل عن 500 ألف ريال يمني، مؤكدًا أن كميات الأدوية القليلة التي تنتهي صلاحيتها يفضل بعض أصحاب الشركات أو الصيدليات التخلص منها برميها في حاويات النفايات أو مجاري السيول، تجنبًا لعمل محاضر رسمية ودفع تكاليف الإتلاف.

ويخالف هذا السلوك القرار الإداري رقم (3) لسنة 2014 بشأن اللائحة الضبطية للرقابة والتفتيش الدوائي وإنفاذ الأنظمة، والذي لم ينص على مبالغ محددة للتخلص من الأدوية، إذ نصت المادة (43) منه على أن التخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية أو التالفة يتم عبر الإدارة المختصة بالهيئة، بواسطة لجنة تضم ممثلين عن نيابة المخالفات، والإدارة العامة لصحة البيئة، ووزارة التجارة والصناعة، وأي جهة ذات علاقة، وبحضور تاجر الأدوية أو من يمثله، على أن تكون تكاليف الإتلاف على صاحب المنشأة.

وفي السياق ذاته، حذرت دراسة نُشرت في مجلة العلوم الصادرة عن جامعة تعز من أن التعامل الخاطئ مع المخلفات الطبية الخطرة قد يؤدي إلى التسمم والإصابات البدنية والجروح، وينقل أمراضًا قاتلة .

وأكد صيدلي يعمل في مستشفى حكومي بمدينة تعز أن الأدوية المنتهية الصلاحية تؤثر بشكل مباشر على الجهاز التنفسي عند استنشاق أبخرة حرقها، كما أن الأدوية السائلة تحمل آثارًا كيميائية خطرة وسامة قد تسبب أمراض الفشل الكلوي والكبدي، إضافة إلى التهابات وحساسيات جلدية نتيجة الملامسة المباشرة.

وأضاف أن الأخطر من ذلك هو إمكانية وصول الأمر إلى الوفاة، كما حدث في واقعة وفاة 18 طفلًا في مستشفى الكويت التابع لحكومة الحوثيين في صنعاء، بعد حقنهم بدواء يُعتقد أنه منتهي الصلاحية.

ويختتم هذا التحقيق بالتأكيد على أن صحة المواطنين ليست سلعة للمساومة، وأن صمت الجهات المعنية يُعد مشاركة مباشرة في هذه الجريمة، مع الدعوة إلى تدخل عاجل يوقف العبث والاستهتار بحياة الناس، قبل أن يتحول الدخان السام الناتج عن حرق الأدوية المنتهية الصلاحية إلى شهادات وفاة بين سكان المناطق المجاورة لمجاري السيول.


هذا المحتوى مقدم من نافذة اليمن

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من نافذة اليمن

منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
صحيفة عدن الغد منذ 23 ساعة
صحيفة عدن الغد منذ 20 ساعة
صحيفة عدن الغد منذ 16 ساعة
صحيفة عدن الغد منذ 14 ساعة
مأرب برس منذ 20 ساعة
صحيفة عدن الغد منذ 23 ساعة
صحيفة عدن الغد منذ 11 ساعة
صحيفة عدن الغد منذ 17 ساعة