"ينبغي تمكين الأمين العام القادم من خلال ولاية واحدة مدتها 7 سنوات، بدلا من فترتين مدتهما 5 سنوات؛ لكي لا يظل الأمين العام يعتمد بشكل مفرط على الأعضاء الدائمين للحصول على تمديد".. بان كي مون يدعو إلى إصلاح جذري لمجلس الأمن وآلية اختيار الأمين العام

جاءت هذه الدعوة خلال نقاش مفتوح عقده مجلس الأمن، اليوم الاثنين، حول "القيادة من أجل السلام"، حيث حثّ بان كي مون والأكاديمية أنجالي دايال الأعضاء على مواجهة الأزمات الخارجية التي تواجه الأمم المتحدة والقيود الداخلية التي أضعفت قدرتها على العمل.

ودعا الأمين العام السابق أعضاء مجلس الأمن إلى استذكار الماضي، حين اختار المجلس، رغم التنافس الشديد وانعدام الثقة، قادة قادرين على توجيه العالم بعيدا عن الكوارث نحو تعاون فعّال.

وحذر السيد بان - العضو الفخري الحالي في مجموعة الحكماء - من أن الأوضاع العالمية قد تدهورت منذ مغادرته منصبه في نهاية عام 2016، إذ اتسمت بتفاقم المواجهة بين القوى الكبرى، وتآكل التعددية، والنزاعات التي لا يزال المدنيون يدفعون ثمنها الأكبر.

وقال السيد بان أمام المجلس: "هذا الوضع المخيب للآمال للغاية يتسم بالمواجهة بدلا من التعاون بين القوى الكبرى"، مشيرا إلى الحرب في أوكرانيا، والخسائر الفادحة في صفوف المدنيين في غزة، وتراجع التعاون الدولي، في الوقت الذي تتسارع فيه أزمة المناخ العالمية.

الانزلاق نحو التهميش

وأكد الأمين العام السابق للأمم المتحدة أن الأزمة الشاملة لا يمكن فصلها عن إخفاقات مجلس الأمن نفسه. وقال: "إن فشل مجلس الأمن المستمر في أداء مهامه على النحو الأمثل هو السبب الأشد خطورة"، مسلطا الضوء على الاستخدام المتكرر لحق النقض (الفيتو) من قبل الأعضاء الدائمين "لحماية أنفسهم وحلفائهم ووكلائهم من المساءلة".

وحذر السيد بان كي مون من أنه بدون إصلاحات جادة، سيبقى المدنيون بلا حماية، وسيستمر الإفلات من العقاب. وأضاف: "بدون ذلك، تُخاطر الأمم المتحدة بالانزلاق نحو الانهيار أو التهميش".

تخفيف الضغوط السياسية

وفيما يتعلق باختيار الأمين العام المقبل، دعا بان كي مون إلى ولاية واحدة غير قابلة للتجديد مدتها سبع سنوات لتعزيز استقلالية المنصب.

وقال إن الممارسة الحالية المتمثلة في فترتين - مدة كل منهما خمس سنوات - تجعل الأمناء العامين "يعتمدون بشكل مفرط على الأعضاء الدائمين في هذا المجلس لتمديد ولايتهم"، على الرغم من أن هذا الترتيب يُعدّ عرفا وليس شرطا من شروط ميثاق الأمم المتحدة.

وأشار السيد بان إلى أن "للجمعية العامة سلطة تحديد شروط التعيين نفسها"، وحثّ الدول الأعضاء على استخدام هذه السلطة لتمكين قائد الأمم المتحدة القادم بشكل كامل.

عملية اختيار الأمين العام

تنتهي ولاية الأمين العام أنطونيو غوتيريش الثانية بنهاية العام المقبل، وقد بدأت بالفعل عملية الاختيار الرسمية. في تشرين الثاني/ نوفمبر، أطلق رئيسا الجمعية العامة ومجلس الأمن العملية معا، تماشيا مع قرار الجمعية العامة 79/327، الذي يؤكد على الشفافية والشمولية.

بموجب الإجراء المتبع، يتم ترشيح المرشحين من قبل الدول الأعضاء أو المجموعات، ويُطلب منهم تقديم بيان رؤية وسيرة ذاتية وإفصاحات عن تمويل حملاتهم الانتخابية.

يعقد رئيس الجمعية العامة حوارات تفاعلية تُبثّ علنا مع جميع المرشحين، مع الحرص على التواصل الوثيق مع الدول الأعضاء طوال العملية.

حتى منتصف كانون الأول/ديسمبر، لم تُرشّح الأرجنتين سوى رافائيل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية النووية التابعة للأمم المتحدة.

ضغوط غير مسبوقة

أبلغت أنجالي دايال- الأستاذة المشاركة في العلوم السياسية الدولية بجامعة فوردهام - مجلس الأمن أن الأمين العام القادم سيتولى منصبه في وقتٍ يشهد ضغوطا غير مسبوقة، من بينها أزمة تمويل متفاقمة تُقلّص بالفعل قدرة الأمم المتحدة على تقديم الخدمات الأساسية.

وقالت: "لن يؤدي ذلك إلى تقليص حجم هذه المنظمة فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تقليص العمل الذي لا يمكن إلا للأمم المتحدة القيام به على نطاق واسع"، مشيرة إلى انخفاض معدلات التطعيم، وتراجع المساعدات الإنسانية، وتضاؤل جهود إزالة الألغام، في حين تتزايد الاحتياجات العالمية.

وأضافت دايال أن التاريخ يُظهر أنه حتى في فترات الانقسام الحاد، كان المجلس قادرا على اختيار قادة يُعززون السلام والتعاون.

استذكرت الجمود الطويل الذي سبق اختيار خافيير بيريز دي كوييار عام 1981، وانتقادات يو ثانت، ومع ذلك فقد نجحا ببراعة في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية، وحل النزاعات في كمبوديا ونيكاراغوا، والمساعدة في إنهاء أزمة الصواريخ الكوبية.

الحوار أفضل من الحرب

وقالت إن هذه الأمثلة تؤكد أن نفوذ الأمين العام لا يكمن في القوة المادية بقدر ما يكمن في القدرة على صياغة الأفكار والروايات والتعاون طويل الأمد، "لجعل قاعات المؤتمرات دائما أكثر جاذبية من ساحة المعركة".

أما بالنسبة للسيد بان، فإن هذه المسؤولية تقع في نهاية المطاف على عاتق المجلس نفسه. وقال إن إصلاح استخدام حق النقض وتجديد الدعم لقيادة الأمم المتحدة أمران أساسيان لكي تظل المنظمة ذات صلة في القرن الحادي والعشرين.

لمن فاتتهم متابعة البث الحي للجلسة، يمكنهم مشاهدتها على موقع البث الشبكي للأمم المتحدة، مع توفر ترجمة فورية إلى اللغة العربية.


هذا المحتوى مقدم من أخبار الأمم المتحدة

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من أخبار الأمم المتحدة

منذ 5 ساعات
منذ ساعة
قناة العربية منذ 10 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 3 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 22 ساعة
بي بي سي عربي منذ 7 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 16 ساعة
قناة العربية منذ 4 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 4 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 7 ساعات