حفل شاي غير التاريخ

حفل شاي غير التاريخ! جو 24 :

في أمسية باردة من ديسمبر عام 1773، تمايلت في ميناء بوسطن ثلاث سفن تجارية تحمل صناديق شاي تبدو عادية، لكنها كانت عمليا، ورقة مساومة في لعبة سياسية كبرى توشك أن تغيّر مصير قارة.

في غضون ساعات قليلة، ستغوص هذه الشحنة التي يُعد ثمنها ثروة في قاع مياه البحر الباردة، وسينعطف التاريخ بشكل حاد في سلسلة أحداث مثيرة عُرفت باسم "حفلة شاي بوسطن"، ذلك الاحتجاج الذي شكل نقطة اللاعودة في علاقة المستعمرات الأمريكية بالتاج البريطاني، وأشعل شرارة ثورة غيرت وجه أمريكا الشمالية إلى الأبد.

في السادس عشر من ديسمبر، تجمع الآلاف من سكان بوسطن الغاضبين حول دار الاجتماعات الجنوبية القديمة، بينما كانت السفن الثلاث "دارتموث وإليانور وبيفر" ترسو في الميناء تحت سماء شتوية. كانوا يحتجون على قانون الشاي الذي صدر في مايو من ذلك العام، وهو القانون الذي منح شركة الهند الشرقية البريطانية احتكارا لاستيراد الشاي إلى المستعمرات دون دفع رسوم جمركية، ما سمح لها ببيع الشاي بسعر أقل حتى من الشاي المهرب الذي اعتاد التجار المحليون تداوله. لم يكن الأمر مجرد ضريبة جديدة، بل كان محاولة صريحة من بريطانيا لتأكيد سلطتها المطلقة على المستعمرات المزدهرة، واستعراضا لقدرتها من خلال فرض إرادتها الاقتصادية.

لكن القصة لم تبدأ في تلك الليلة فقط، فجذورها تمتد إلى سنوات من التوتر المتصاعد. بحلول عام 1760، كانت المستعمرات البريطانية الثلاث عشرة في أمريكا الشمالية قد نضجت وأصبحت تتمتع بهوية خاصة ومصالح اقتصادية وسياسية متميزة. ذاقت عمليا طعم الاستقلال الذاتي، وامتلكت مجالسها التشريعية واقتصادها الناشئ، والأهم من ذلك، أنها اتسبت فهمها الخاص للعدالة والحقوق. وكان الشعار الذي اجتاح الأفق السياسي هو "لا ضرائب من دون تمثيل"، وهو تعبير عن غضب المستعمرين من فرض برلمان بعيد في لندن ضرائب عليهم دون أن يكون لهم أدنى تمثيل فيه.

بعد حرب السنوات السبع المكلفة، وجدت بريطانيا نفسها غارقة في الديون، فالتفت إلى مستعمراتها كمصدر للدخل. رغم إلغاء معظم الضرائب المثيرة للجدل لاحقا تحت ضغط المقاومة المستمرة، تمسك البريطانيون بضريبة الشاي كرمز لهيمنتهم. لكن الأزمة بلغت ذروتها في عام 1773 عندما أوشكت شركة الهند الشرقية البريطانية العملاقة على الإفلاس، فسارع رئيس الوزراء البريطاني لورد نورث إلى إصدار قانون الشاي لإنقاذها، معتقدا أنه سيضرب عصفورين بحجر واحد، إنقاذ الشركة وإجبار المستعمرين على القبول الضمني بحق البرلمان في فرض الضرائب عبر شراء الشاي الرخيص.

رفض سكان المستعمرات هذا المنطق جملة وتفصيلا. رأوا في القانون ضربة مزدوجة، فهو من ناحية يضر بمصالح التجار والمهربين المحليين الذين بنوا ثرواتهم على التجارة، ومن ناحية أخرى يضع سابقة خطيرة بمنح شركة احتكارا قد يمتد ليشمل سلعا أخرى.

حين رفض الحاكم.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من جو ٢٤

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من جو ٢٤

منذ 6 ساعات
منذ 20 دقيقة
منذ 7 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 4 ساعات
خبرني منذ 17 ساعة
قناة رؤيا منذ 3 ساعات
خبرني منذ 7 ساعات
خبرني منذ 17 ساعة
خبرني منذ 20 ساعة
موقع الوكيل الإخباري منذ 16 ساعة
خبرني منذ 15 ساعة
خبرني منذ 16 ساعة