في خمسينيات القرن العشرين، وتحديداً عام 1959، أُدخل أول روبوت صناعي يُدعى "يونيمايت" (Unimate) إلى خط إنتاج تابع لشركة "جنرال موتورز" (General Motors) في الولايات المتحدة لأداء مهام خطرة مثل التعامل مع المعادن الساخنة، وكان نقطة الانطلاق لعصر الأتمتة الصناعية.
دب الخوف في قلوب البشر من أن تستولي هذه الآلات على وظائفهم، ولفترة طويلة انحصر هذا الخوف في القطاع التصنيعي. لكن الرعب امتد اليوم إلى القطاعات الخدمية، مع التطورات الهائلة والمتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي وظهور تقنيات التعلم الذاتي والنماذج اللغوية والقدرة على تنفيذ مهام أكثر تعقيداً، ما دفع إلى ظهور روبوتات مستقلة قادرة على التفكير والتعلم، واتخاذ القرار دون تدخل بشري.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more يبحث هذا التقرير ما إذا بدأ هذا التحوّل الذي لطالما كان محور أفلام الخيال العلمي مثل "I, Robot" أو "Ex Machina"، بدأ بالخروج من الشاشة إلى أرض الواقع.
الذكاء الاصطناعي والروبوتات.. تزاوج واندماج شهد عام 2025 نقلة نوعية في تكنولوجيا الروبوتات بفضل اندماجها العميق مع نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة. كشفت "إنفيديا" (Nvidia) عن مفهوم "الذكاء الاصطناعي المادي"، الذي يعيد تعريف الروبوتات ككيانات ذكية تتفاعل مع العالم المادي في مختلف القطاعات، من السيارات ذاتية القيادة إلى الروبوتات الصناعية.
قدمت الشركة سلسلة نماذج "كوزموز" (Cosmos) التي تمنح الروبوتات قدرات إدراكية وتحليلية غير مسبوقة، مثل إعادة بناء البيئات رقمياً، والتفكير المتسلسل للتعامل مع المفاجآت، وكل ذلك مدعوم بقاعدة بيانات ضخمة مفتوحة المصدر لتعزيز التدريب والتعلم.
في الوقت نفسه، تشهد شركات ناشئة مثل "إنتيمبوس" (Intempus) محاولات طموحة لتزويد الروبوتات بما يُشبه المشاعر البشرية من خلال محاكاة الاستجابات الفسيولوجية مثل التعرق والقلق والفرح.
كل هذه الجهود تستهدف تطوير روبوتات ذات ذكاء عاطفي، قادرة على التفاعل مع البشر بشكل أكثر طبيعية. ويؤمن مؤسس الشركة، تيدي وارنر، أن إدخال إشارات جسدية بشرية في البرمجة الروبوتية، سيجعل التواصل مع الآلات أكثر سلاسة وأقل غرابة، ما يفتح الباب لعصر جديد من الروبوتات "الواعية" بسياق التفاعل البشري.
على سبيل المثال، طورت شركة "إيناكتيك" (Enactic) اليابانية، روبوتات مشابهة للبشر وقادرة على غسل الأطباق والملابس، ويوظفونها بشكل خاص في دور رعاية المسنين التي تعاني نقصاً في الموظفين، كما هو موضح في الفيديو التالي:
أما على صعيد الهياكل الذكية، فتتنافس شركات كبرى مثل "تسلا" (Tesla) و"فيغر" (Figure) و"إكس 1" (1X) على تقديم روبوتات مستقلة شبيهة بالبشر، بقدرات جسدية فائقة الدقة، ونماذج ذكاء اصطناعي مدربة على كميات هائلة من البيانات الواقعية.
إيلون ماسك هو الأكثر تفاؤلاً بشأن الروبوتات البشرية والذكاء الاصطناعي، إذ يرى أنها قد تُنهي الحاجة إلى العمل خلال 10 أو 20 عاماً.
وخلال مشاركته في منتدى الاستثمار الأميركي - السعودي في نوفمبر، توقّع ماسك أن يصبح العمل "اختيارياً"، أشبه بممارسة الرياضة أو لعب ألعاب الفيديو، موضحاً أن الناس قد يعملون مستقبلاً فقط بدافع المتعة، تماماً كما يزرع البعض الخضراوات في حدائقهم رغم سهولة شرائها.
هل اقتربنا من الاستقلالية الكاملة للروبوتات؟ يرى مارك رايبرت، رائد علوم الروبوتات ومؤسس "بوسطن دايناميكس" (Boston Dynamics)، أننا لم نصل بعد إلى هذه المرحلة، فرغم نجاح الروبوتات في البيئات الصناعية والمهام الخطرة، فإنها لن تحل محل البشر في الوقت الحالي.
علل رايبرت توقعه إلى تحديين، الأول صعوبة التحرك بحرية واستقلالية تامة من دون تحكم من البشر أو إشرافهم، والثاني صعوبة التحكم في الحركة والتحكم باليدين كما يفعل البشر، ما يحد من إنجاز هذه الروبوتات لمجموعة كبيرة من المهام.
أيضاً رجّح رايبرت أن دخول الروبوتات إلى منازل البشر سيستغرق وقتاً أطول مما يُتوقع، وذلك بسبب ارتفاع التكلفة، وعدم نضج معايير الأمان بالشكل الذي يسمح للمستخدمين بالوثوق في وجود روبوت إلى جانب الأطفال داخل المنزل.
وأضاف أن "بشرية الروبوتات" لا تعني فقط الشكل الخارجي، بل يجب أن تشمل أيضاً التعاطف، والإدراك، والفهم، وهي صفات لا تزال بعيدة المنال في النماذج الحالية.
كما شهدت كوريا الجنوبية حادثة مأساوية حيث تسبب روبوت صناعي في مقتل عامل، بعدما فشل في التمييز بينه وبين صناديق المنتجات، فرفعه ووضعه بقوة على خط الإنتاج.
هذه الواقعة ليست الأولى، حيث تشير دراسة نُشرت في "المجلة الأميركية للعلوم الصناعية" إلى وقوع 41 حالة وفاة بسبب الروبوتات في المصانع بين 1992 و2017، 83% منها بسبب روبوتات ثابتة.
كيف يهدد الروبوت الذكي وظيفتك؟ تستثمر الشركات اليوم بشكل متزايد في الروبوتات المستقلة والذكاء الاصطناعي باعتبارها خياراً أكثر جدوى على المدى الطويل، رغم التكلفة الأولية العالية.
هذه التكنولوجيا يمكنها العمل بلا انقطاع، وتتفوق على البشر في غالبية الأوقات في الدقة والسرعة، ما يحد من الأخطاء البشرية، ويخفض التكاليف التشغيلية المرتبطة بالتوظيف البشري كالأجور، والتأمين، والتدريب المستمر.
التطور في أنظمة التعلم الآلي مكن الروبوتات من أداء مهام ليست متكررة فحسب، بل حتى في مهام معقدة مثل تحليل البيانات واتخاذ القرارات في بيئات ديناميكية.
بحسب شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC)، ستتأثر نحو 30% من الوظائف عالمياً بالأتمتة بحلول عام 2030، خاصة في قطاعات النقل والتصنيع والخدمات الروتينية.
وتقدّر "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" (OECD) أن 14% من الوظائف في الدول الأعضاء مهددة بأتمتة تامة، إضافة إلى 32% يمكن أتمتة أجزاء واسعة منها.
الروبوتات تستولي على وول ستريت.. 200 ألف وظيفة في خطر... القصة هنا
تشمل القطاعات الأكثر تأثراً النقل والتخزين، والتصنيع، والخدمات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg
