مع تسارع الاكتشافات العلمية وتنامي الاستثمار في الابتكار الصحي، لا يزال التحدي الأكبر يتمثل في القدرة على تحويل هذه المعرفة إلى ممارسات علاجية ملموسة تصل إلى المرضى وتُحسّن جودة الرعاية. فالفجوة بين ما يُنتَج في المختبرات وما يُطبَّق داخل الأنظمة الصحية ما زالت قائمة، وتفرض على صناع القرار والباحثين إعادة التفكير في آليات العمل المشترك، واستدامة الحلول.

من هذا المنطلق، ناقشت إحدى الجلسات الحوارية في "قمة فوربس الشرق الأوسط لقادة الرعاية الصحية" كيف يمكن للبحث والابتكار والتعاون مع القطاع الصناعي أن يشكّل منظومة متكاملة قادرة على إحداث أثر فعلي يضع المريض في قلب التطوير الصحي.

شاركت في الجلسة نائب الرئيس التنفيذي للمعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية (GLIDE) د.فريدة الحوسني، و مديرة قسم إدارة الجودة ومكافحة العدوى في مستشفى الإرسالية الأميركية د. جميلة السلمان، والمديرة التنفيذية لقسم الأبحاث في "بيورهيلث"بينديا كاريابا، فيما أدارت الجلسة المديرة الإقليمية للشؤون التنظيمية والمكتب العلمي في Ipsen د. فاطمة أبو زنط.

دور الصحة الرقمية في ردم الفجوة بين البحث والتطبيق أكدت د.فريدة الحوسني أن التفوق النوعي الذي تعيشه أبوظبي في مجال حلول الصحة الرقمية يبرز الفجوة القائمة مع مناطق عديدة حول العالم، فبينما هذه الابتكارات هي واقع بديهي في العاصمة الإماراتية لا تزال تواجه تحديات كثيرة في الانتشار عالمياً.

وأشارت إلى تفاوت ملموس في دعم البحث العلمي الكفيل بتحويل الابتكارات إلى فوائد، محذرة من أن سهولة الوصول للخدمات الرقمية محلياً تقابلها عوائق تقنية وتمويلية في الخارج، ما يضع المجتمع الدولي أمام تحدٍ حقيقي لتعميم الاستفادة من قطاع الصحة الرقمية.

أشارت الحوسني إلى التفاوت العالمي في القطاع الصحي، حيث يفتقر واحد من كل أربعة أشخاص حول العالم إلى مياه الشرب الآمنة. وتساءلت كيف يمكن في مثل هذه البيئات المفتقرة للأساسيات النظر إلى توفير حلول الصحة الرقمية؟ وأوضحت أن ما تتمتع به أبوظبي ودولة الإمارات بشكل عام من سهولة في الوصول إلى الحلول الرقمية هو "امتياز" استثنائي، لكنها أكدت أن التحدي الحقيقي لا يكمن في ابتكار الحلول داخل المختبرات فحسب، بل في القدرة على نقل هذه المخرجات من حيز البحث إلى الواقع الميداني.

وفي إطار سعي منظمة "غلايد" (GLIDE) للقضاء على الأمراض المعدية، أشارت الحوسني إلى أن الرقمنة تمثل أداة محورية لتقريب الحلول من احتياجات الناس مع مراعاة أن "النموذج الواحد لا يناسب الجميع". وحذرت من أن غياب التكيف مع خصوصيات المجتمعات المختلفة يؤدي إلى تخلّف الفئات الأكثر فقراً عن الركب الصحي العالمي.

وكشفت عن استراتيجية "غلايد" في الاستثمار بالبحث العلمي، لاسيما "البحوث التشغيلية وبحوث التنفيذ". وسلطت الضوء على "جائزة فالكون" كمبادرة رئيسية لدعم الباحثين ووزارات الصحة لبناء أدلة علمية تنبع من أولوياتهم الميدانية، بعيداً عن الحلول النظرية التي قد لا تصمد أمام ضعف البنية التحتية في بعض الدول.

واختتمت الحوسني بالتشديد على فهم الاحتياجات الحقيقية للمجتمعات، مؤكدة أن الحلول الرقمية المصممة بذكاء قد تُحدث فرقاً حاسماً حتى في البيئات الفقيرة، شريطة أن تُبنى على أسس واقعية تضمن عدم ترك أي إنسان خلف الركب.

من الوعي بالبحث إلى التطبيق داخل المستشفيات استعرضت د. جميلة السلمان رؤية متكاملة حول انتقال القطاع الصحي من مرحلة "الوعي بالبحث" إلى "التطبيق الفعلي" داخل أروقة المستشفيات. ولفتت إلى أن امتلاك أبحاث قوية وابتكارات متقدمة لا يضمن تلقائياً القدرة على تطبيقها داخل المستشفيات، سواء في مؤسسة بعينها أو في المنطقة بشكل عام، وحتى في الحالات التي تتوافر فيها الأدلة العلمية القاطعة على فاعلية تلك الحلول، ذلك أن العائق الحقيقي يبرز في التنفيذ داخل النظام الصحي والذي يُعد من أكثر الأنظمة تعقيداً من منظور الإدارة وتحقيق النتائج.

شددت السلمان في طرحها على أن أي تحول ناجح لا بد أن يقوم على مرتكزات أساسية تنطلق من "قيادة ذات رؤية واضحة" وقادرة على إحداث تغيير جذري في الثقافة المؤسسية، مع توفير الموارد والتدريب اللازمين لتمكين الفرق من التنفيذ. ونبهت إلى أن تغيير هذه الثقافة داخل المنظومات الصحية عملية معقدة تستغرق سنوات طويلة، ولا يمكن اختزالها في أسابيع أو أشهر، بل يجب أن.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه

هذا المحتوى مقدم من فوربس الشرق الأوسط