شهدت قاعة آدم حنين بمركز الهناجر للفنون التابع لقطاع المسرح، افتتاح معرض "ملتقى مراسم أبنوب للرسم والتصوير"، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان.
افتتح المعرض كل من الفنان أحمد الشافعي رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية، والفنانة فيفيان البتانوني مدير عام الفنون التشكيلية، بحضور الدكتور بدوي مبروك مدير إدارة ثقافة القرية، والفنانة ولاء فرج مدير إدارة المعارض والمراسم، ونخبة من الفنانين التشكيليين والإعلاميين.
يضم المعرض 27 عملا فنيا متنوعا، بمشاركة 16 فنانا وفنانة من التشكيليين، هم: الدكتور محمد ثابت بداري القوميسير العام، الدكتور إسلام الهواري، د. دينا محمد، فاطمة مجدي، بيشوي زارع، حسام هاشم، كيرلس رجائي، د. محمد سمير محمد، صالح سنوسي، محمود سنوسي، أميرة عطية، منى فتحي، أنيس الزغبي، صابر طه، د. أشرف سيد كمال، أسماء طه، وولاء فرج.
وأكد الفنان أحمد الشافعي، أن المعرض نتاج ملتقى مراسم أبنوب ويأتي في إطار توجه الهيئة العامة لقصور الثقافة نحو الخروج بالفن التشكيلي إلى قلب المحافظات، والانطلاق من البيئات المحلية بوصفها مصدرا ثريا للإلهام البصري والإنساني، مشيرا إلى أن الملتقى أتاح للفنانين معايشة حقيقية للمكان والتفاعل المباشر مع موروثه الثقافي والديني والاجتماعي، وهو ما انعكس بوضوح على تنوع الأعمال المعروضة وصدقها الفني.
وأضاف أن هذه التجربة تؤكد أهمية المراسم الفنية كأحد أدوات اكتشاف الجمال الكامن في البيئات المصرية المختلفة، ودعم حركة الفن التشكيلي خارج نطاق المركزية.
وأوضح الفنان صابر طه أنه شارك بلوحة فنية عبر فيها عن مشهد الجبال والأديرة القديمة المحتضنة في قلب الجبل بمحافظة أسيوط، بما تحمله من تاريخ عريق، مشيرا إلى تجسيده كذلك لطفل يمتطي حصانا، في تعبير رمزي عن رحلة أسيوط وما تحمله من مشاعر وتجارب إنسانية وفنية.
وقالت الفنانة د. دينا محمد محمود، مدرس بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا، إنها شاركت بأربع لوحات مستوحاة من المناطق الأثرية والأسواق الشعبية التي تعبر عن هوية محافظة أسيوط، موضحة أنها اعتمدت على دمج عناصر تاريخية ومعمارية متعددة، من بينها مقابر مير، وأجزاء من الهيكل المعماري للكنيسة بدير المحرق ودير العذراء، إلى جانب مشاهد من الأسواق الأثرية والشعبية بمدينة أسيوط. وأشارت إلى أن أسلوبها الفني يميل إلى المدرسة التأثيرية، معتمدة على ألوان تعكس الحيوية والطاقة داخل العمل الفني.
وأشار الفنان محمد الزغبي إلى أنه قدم عملا فنيا مستوحى من صناعة التل التي تشتهر بها أسيوط، حيث جسد في لوحته المرأة الصعيدية بما تحمله من قوة وحضور واضح في النظرة، مع إبراز المشغولات التراثية مثل الكردان وغيرها من الحلي الشعبية، لافتا إلى توظيف خامات التل المتنوعة وزخارفها المميزة في خلفية العمل، بما يعكس ثراء هذا الفن التراثي.
وقالت الفنانة أسماء طه إن لوحتها استلهمت الرموز الدينية الإسلامية من المعهد الديني الذي يعد أول معهد ديني أُنشئ في مصر في عهد الملك فؤاد، بينما استحضرت في الجانب القبطي عناصر من الأديرة مستخدمة رمز عنقود العنب والنقوش الزخرفية المميزة لها.
وأضافت أنها وظفت رموزا مصرية قديمة من منطقة دير مير، إلى جانب خلفية صحراوية تعبّر عن طبيعة البيئة المحيطة بالمحافظة. وأوضحت أن اللوحة، التي تحمل عنوان "البوابة" استلهمت من أحد الأبواب القديمة بمدينة أسيوط، في دلالة على عراقة الفن المحلي، خاصة فنون المشغولات الخشبية القديمة، كما تضمنت عناصر طبيعية مثل الساقية وأشجار النخيل، في تكوين يعكس روح المكان وأصالته.
وقال الفنان د. أشرف كمال، المخرج بالمركز القومي للسينما، إنه شارك بثلاثة أعمال فنية؛ جسد في الأول صورة فتاة تحتضن ملامح المحافظة كاملة، من جبال وكنائس ومساجد ونهر النيل والصيادين، في محاولة لتكثيف روح أسيوط وهويتها البصرية في عمل واحد.
وأضاف أن لوحته الثانية عبرت عن مصر بوصفها رمزًا لأسيوط، من خلال تصوير رجل وامرأة في ثوب واحد ويد واحدة، دلالة على الكفاح المشترك والسعي نحو بناء الوطن وتحقيق النهضة، مع توظيف نهر النيل والأسماك كرموز للحياة والاستمرارية. وأشار إلى أن اللوحة الثالثة حملت فكرة مصر القوية ذات الجذور الراسخة، معبرا عن صلابة الوطن وقدرته على تجاوز التحديات من خلال حضور نهر النيل.
ومن جهته أوضح الفنان د. محمد سمير، مدرس بكلية التربية النوعية قسم التربية الفنية جامعة أسيوط، أنه قدم في لوحته مزيجا بين الطابع الزراعي الأصيل وروح أبناء البلد، في إطار بسيط وواقعي مع لمسة فانتازية خفيفة، متخذا من الفلاح الصعيدي الأسيوطي بطلًا للعمل، ومحاطا بثمرة الرمان كأحد أبرز المحاصيل التي تشتهر بها المحافظة، خاصة في مركزي منفلوط والبداري، مع خلفية مستلهمة من مشهد العازفين الثلاثة بمقابر يوسف القوصية. وأكد اعتماده على الألوان الترابية لإبراز الإحساس بالعراقة والأصالة، مع إدخال لمسات لونية زاهية لتحقيق توازن بصري.
وأوضحت الفنانة ولاء فرج أن عملها الفني نفذ باستخدام ألوان الأكريليك إلى جانب ورق الذهب، معبرا عن بيئة أبنوب ذات الطابع المسيحي، وما تضمه من كنائس وكاتدرائيات قديمة من أقدم المعالم الدينية بالمحافظة، ومن بينها الكنيسة المعلقة، مع توظيف رموز مسيحية مثل الرمان والسمك والصليب بأسلوب تعبيري معاصر.
وأكدت الفنانة منى فتحي مشاركتها بلوحتين تنتميان إلى المدرسة السريالية، حيث ضمت الأولى ملامح متعددة من أسيوط، من معابد وأماكن أثرية ونهر النيل، بينما عبرت الثانية عن إحساسها الشخصي من خلال توظيف الوجوه الإنسانية كعنصر أساسي للتعبير عن ملامح أبناء المحافظة.
فيما أشار الفنان حسام هاشم، رئيس ومؤسس نادي كاريكاتير الصعيد ورئيس نادي كاريكاتير جامعة أسيوط، إلى أن لوحته جسدت مجموعة من الفنانين المشاركين في ملتقى أبنوب، في محاولة لتوثيق روح الملتقى والعلاقات الإنسانية والفنية التي جمعتهم، مؤكدا أن العمل جاء تعبيرا عن التجربة الجماعية أكثر من كونه تصويرا لمكان بعينه.
وفي ختام الافتتاح جرى تكريم الفنانين المشاركين بتسليمهم شهادات تقدير.
يقام المعرض بإشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية، ويأتي نتاجا لفعاليات "ملتقى مراسم أبنوب للرسم والتصوير" الذي أقيم بمحافظة أسيوط خلال الفترة من 25 أغسطس حتى 4 سبتمبر الماضيين، ونفذته الإدارة العامة للفنون التشكيلية والحرف البيئية بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي بإدارة جمال عبد الناصر وفرع ثقافة أسيوط بإدارة خالد خليل.
وتأتي الفعاليات في إطار سعي الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى تفعيل أماكن جديدة لإقامة المراسم الفنية ودعم الحراك التشكيلي بالمحافظات، عبر اختيار بيئات مصرية متنوعة تتيح للفنانين معايشة المكان والتفاعل مع سكانه، بما يسهم في إنتاج أعمال فنية أصيلة تعكس خصوصية الإنسان والمكان، ومن المقرر أن يستمر المعرض حتى 21 ديسمبر الجاري.
هذا المحتوى مقدم من بوابة دار الهلال
