نبوية موسى.. رائدة تعليم الفتيات في مصر

في زمنٍ كان تعليم الفتاة يُعد خروجًا عن المألوف، وُلدت نبوية موسى لتكسر القيود الاجتماعية وتفتح أبواب المعرفة أمام أجيال من الفتيات، لم تكن رحلتها نحو التعليم سهلة، لكنها آمنت بأن النهضة الحقيقية لا تقوم إلا بعقل مستنير، وأن المرأة شريك أصيل في بناء المجتمع لا تابع له، من بيتها الصغير بدأت الحكاية، وبالإصرار والشجاعة صنعت مسارًا استثنائيًا جعل اسمها يقترن بريادة تعليم الفتيات في مصر، لتصبح واحدة من أبرز رموز التنوير والتمكين النسائي في تاريخها الحديث.

وُلدت نبوية موسى في مثل هذا اليوم 17 ديسمبر عام 1886م، بدأت بتلقي تعليمها في منزلها، بداية من تعلم القراءة والكتابة في طفولتها، حيث ساعدها شقيقها الأكبر على ذلك، بالإضافة لمساعدتها لتتعلم اللغة الإنجليزية، كما تعلمت بنفسها مبادئ الحساب.

كانت شغوفة ومحبة للعلم والتعليم، وأرادت استكمال تعليمها، وفي الثالثة عشرة من عمرها، طلبت من عائلتها، أن تستكمل تعليمها، إلا أن رغبتها جاءت بالرفض، ولم تجد أي دعم أو تشجيع، أو ترحيب بالأمر، بل تلقت ردود فعل غريبة، وقالوا: "عيب، مش أصول بنات العائلات، سفور وقلة حياء، كما قال لها عمها البنت للغزل مش للخط".

ولكنها لم تستمع لإحباط، ولم تيأس، وقامت بالتنكر في زي خادمة وتقمّصت دور أم تسأل عن تعليم ابنتها، للالتحاق بمدرسة السنية للبنات، بالرغم من معارضة أهلها، فقيل لها في المدرسة إنه يجب تقديم طلب موقّع بختم ولي الأمر، فسرقت ختم والدتها.

تحملت موسى نفقة تعليمها بالكامل، حتى أنها بيعت أسوارًا لها، ثم تقدمت للحصول على شهادة البكالوريا "الثانوية العامة"، ونجحت في الامتحان، وحصلت على الشهادة سنة 1907، وكانت أول فتاة مصرية تحصل على تلك الشهادة.

بدأت نبوية موسى تكتب المقالات الصحفية التي تتناول قضايا تعليمية واجتماعية أدبية، وألفت كتاباً مدرسياً بعنوان "ثمرة الحياة في تعليم الفتاة"، قررته نظارة المعارف للمطالعة العربية في مدارسها.

عُينت موسى في وزارة المعارف، ثم تركتها وتولت نظارة المدرسة المحمدية الابتدائية للبنات بالفيوم 1909، وهي مدرسة أنشأتها مديرية الفيوم، وكانت أول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية، ونجحت في نشر تعليم البنات في الفيوم فزاد الإقبال على المدرسة.

نادت بضرورة تشجيع التعليم الأهالي للفتيات، مبررة ذلك بأن الأمة لا تستطيع النهوض ما لم تكن فئاتها كافة نشطة منتجة، ولا يمكن للمرأة أن تصبح نشطة وهي معزولة عن أعمال الدنيا ومحرومة من فرص التعليم.

وأسست نبوية موسى بنفسها إحدى المدارس الأهلية للبنات عام 1920، عُرفت باسم "مدرسة البنات الأشراف"، واكتسبت شهرة كبيرة وسمعة طيبة، كما زادت مصروفاتها عن مصروفات المدارس الحكومية مما أدى إلى زيادة الإقبال عليها من الطالبات.

وإلى جانب إدارتها للمدارس التي اكتسبت سمعة طيبة، قامت بإنشاء مطبعة ومجلة أسبوعية نسائية باسم الفتاة، صدر العدد الأول منها في سنة 1937، ومن هنا زاد حب الناس لها، بسبب اهتمامها بالمرأة وتعليمها.

ولنبوية موسى العديد من المؤلفات، منها: كتاب مدرسي بعنوان «ثمرة الحياة في تعليم الفتاة»، و«المرأة والعمل»، و«تاريخي بقلمي» من منشورات المرأة والذاكرة، بالإضافة إلى العديد من المقالات التي تناولت قضايا تعليمية واجتماعية وأدبية، نُشرت في صحف عصرها، ظلت تدعم المرأة وتنادي بأهمية تعليمها، حتى رحلت نبوية موسى في 30 أبريل 1951 تاركة إنجازًا عظيمًا وكبيرًا، واستحقت بجدارة لقب رائدة تعليم الفتيات المصريات.


هذا المحتوى مقدم من بوابة دار الهلال

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة دار الهلال

منذ 56 دقيقة
منذ ساعتين
منذ 56 دقيقة
منذ 56 دقيقة
منذ 56 دقيقة
منذ 56 دقيقة
صحيفة الوطن المصرية منذ 5 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 12 ساعة
بوابة الأهرام منذ 17 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 13 ساعة
موقع صدى البلد منذ 17 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 7 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 11 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 9 ساعات