ملخص تاريخياً، خرج روبن هود من التقاليد الشفوية كشخصية إرباك لا عدالة مطلقة. لم تصوره القصائد الشعبية في العصور الوسطى كقديس اشتراكي مبكر، بل كمخادع يعمل داخل النظام الإقطاعي وضده في آن.
روبن هود ليس مجرد شخصية سردية، إنه أداة ثقافية. على مدى ما يقرب من سبعة قرون، ظل خارجاً عن القانون في غابة شيروود مرآة أخلاقية لكل عصر يعيد روايته. كان بطلاً شعبياً، وخيالاً قومياً، ومحرضاً طبقياً، وضميراً ليبرالياً، وأحياناً مجرد علامة تجارية فارغة. مسلسل Robin Hood على منصة MGM+ لا يحاول الهروب من هذا العبء، بل يواجهه مباشرة، ويطرح سؤالاً هادئاً وثقيلاً في آن: كيف يبدو التمرد حين تُجرّد الأسطورة من الاستعراض وتُعاد إلى التاريخ والخوف والانقسام الاجتماعي؟
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more هذه ليست حكاية سرقة من الأغنياء لإعطاء الفقراء، بل حكاية كيف تصبح هذه الفكرة ممكنة أصلاً.
تاريخياً، خرج روبن هود من التقاليد الشفوية كشخصية إرباك لا عدالة مطلقة. لم تصوره القصائد الشعبية في العصور الوسطى كقديس اشتراكي مبكر، بل كمخادع يعمل داخل النظام الإقطاعي وضده في آن.
أخلاقيته ظرفية، وعنفه عابر، وولاؤه قبلي. لاحقاً، صقلت السينما هذه الشخصية وحولتها إلى مطلق أخلاقي، بخاصة في القرن العشرين، حين صار روبن هود وعاءً للتفاؤل الديمقراطي.
نسخة الممثل إيرول فلين عام 1938 ظهرت في ظل صعود الفاشية الأوروبية، وقدمت خيالاً مشعاً عن التمرد العادل، حيث الطغيان استعراضي والمقاومة بهيجة. ضحكته كانت موقفاً سياسياً. وخضرة شيروود كانت أيديولوجيا بحد ذاتها، رؤية للحرية بوصفها وفرة.
أما المسلسل الجديد، فينتمي إلى لحظة ثقافية مختلفة جذرياً. نحن في زمن يشك في الأبطال، ويرتاب من الفرح، ومهووس بالأنظمة أكثر من الأشرار. لذلك، يفكك المسلسل التفاؤل الأسطوري ويستبدله ببنية القمع البنيوي. الحكم النورماني ليس شريراً لأنه قاسٍ، بل لأنه طبيعي ومؤسسي. السلطة هنا ليست مسرحية، بل إجرائية، موروثة، ومحميّة بالقانون.
الغابة كفضاء سياسي في هذه النسخة، لم تعد غابة شيروود ملعباً للتمرد، بل مساحة متنازعاً عليها: روحياً واقتصادياً وأيديولوجياً. تركيز المسلسل على تهجير الساكسون يعيد تعريف روبن هود، لا كنَبيل منفي، بل كذات مُستعمَرة. من خلال إبراز الانقسام بين النورمان والساكسون، يربط العمل الأسطورة بسرديات ما بعد الاستعمار: الأرض المسلوبة، الهوية الممحوة، الاستيعاب القسري، والإذلال الثقافي.
رفض "روب" تعلم الفرنسية النورمانية ليس تفصيلاً شخصياً، بل فعل مقاومة. اللغة تصبح مجال سلطة. القانون يتحول إلى أداة محو. حتى الإلهة الغابية "غودا"، التي تحتقرها المسيحية النورمانية، ليست زينة فولكلورية، بل تذكير رمزي بأن أنظمة الاعتقاد المهزومة لا تختفي، بل تُدفع إلى الظل.
هنا، روبن هود هو ناجٍ ثقافي قبل أن يكون خارجاً عن القانون.
السلطة بلا شيطنة أداء شون بين لشريف نوتنغهام أحد أكثر عناصر المسلسل دلالة ثقافية. تقليدياً، كان الشريف تجسيداً للكاريكاتير: جشع، جبان، مثير للسخرية. هنا، هو نقيض ذلك تماماً: كفء، مخلص للتاج، ومخيف بعقلانيته.
هذا الشريف لا يستيقظ كل صباح بنية الشر. هو يطبّق القانون. يحسب. يؤمن بالنظام. وهذا الإيمان هو مصدر خطورته. بهذا المعنى، ينسجم أداؤه مع قلقنا المعاصر من السلطة: أخطر أشكال القوة ليست السادية، بل الإجرائية.
علاقته بابنته بريسيلا تعمّق هذا التعقيد. هي نتاج امتياز وقمع في آن، تمارس التمرد لأنها محمية من عواقبه. جنسيتها ليست تحرراً، بل فائضاً داخل الأمان. تستطيع خرق القواعد لأن القواعد صُممت لحمايتها. التناقض بينها وبين ماريان ليس أخلاقياً فقط، بل طبقي أيضاً.
ماريان وإليانور: النساء داخل الماكينة بينما تعاملت معظم اقتباسات روبن هود مع النساء كملحقات أخلاقية، يضع هذا المسلسل شخصياته النسائية داخل بنية السلطة نفسها. رحلة ماريان إلى بلاط إليانور آكيتان ليست حبكة جانبية، بل توسعة موضوعية. من خلالها، يستكشف العمل كيفية تنقّل النساء داخل أنظمة تستبعدهن لكنها تطالب بولائهن.
إليانور، بأداء كوني نيلسن، ليست مُجملة أو رومانسية. إنها حادة، استراتيجية، بلا أوهام-امرأة تدرك أن البقاء داخل الملكية يتطلب طلاقة في القسوة. وجودها يعيد تعريف المقاومة باعتبارها فعلاً لا يحدث فقط في الغابات والأقواس، بل في القاعات والهمسات.
هذا المثلث - روب في الغابة، ماريان في البلاط، إليانور فوق الاثنين- يرسم خريطة ثقافية للسلطة في العصور الوسطى نادراً ما تلتفت إليها الاقتباسات الأخرى.
بين السينما والمسلسلات يكشف تتبع شخصية روبن هود عبر السينما والمسلسلات أن الفروق.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

