لماذا لا يفوز محمد صلاح وأشرف حكيمي بالجوائز العالمية؟

منذ نشأة الجوائز الفردية الكبرى في كرة القدم، مثل جائزة الكرة الذهبية (Ballon d'Or) وجائزة ذا بيست (The Best) من الفيفا، ظل الأداء في البطولات الكبرى معيارًا حاسمًا في تحديد هوية الفائزين؛ وهو ما يفسر جزئيًا استمرار غياب محمد صلاح وأشرف حكيمي عن منصات التتويج، رغم تألقهما الفردي اللافت ومساهماتهما البارزة مع أنديتهما.

في موسم 2024-2025، تجلى هذا التأثير بوضوح مع تتويج عثمان ديمبيلي بجائزة ذا بيست والكرة الذهبية معًا، بعد قيادته باريس سان جيرمان لتحقيق ثلاثية تاريخية شملت دوري أبطال أوروبا، الدوري الفرنسي، وكأس فرنسا، إضافة إلى بلوغ نهائي كأس العالم للأندية؛ لم يكن هذا الإنجاز مجرد تتويج جماعي، بل كان ديمبيلي عنصرًا حاسمًا في كل محطة، حيث سجل وصنع أهدافًا حاسمة في الأدوار الإقصائية لدوري الأبطال، وبرز في المباراة النهائية.

أما محمد صلاح، فرغم موسمه الاستثنائي مع ليفربول، حيث قاد الفريق للفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز وسجل وصنع أرقامًا قياسية، إلا أن خروج ليفربول المبكر من دوري أبطال أوروبا، وغياب الفريق عن كأس العالم للأندية، قلص من فرصه في المنافسة على الجوائز الفردية. فالتألق المحلي، مهما بلغ، لا يعادل في نظر المصوتين التألق في البطولات القارية والعالمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمباريات الحسم والنهائيات.

أشرف حكيمي بدوره استفاد من سطوة باريس سان جيرمان على الألقاب، حيث أسهم بشكل مباشر في التتويج الأوروبي وسجل أهدافًا حاسمة في الأدوار النهائية، لكن مركزه الدفاعي، حد من بريقه مقارنة بزملائه في الخط الأمامي.

تاريخيًا، ظل الفوز بدوري أبطال أوروبا أو كأس العالم بمثابة "تذكرة ذهبية" للفوز بالجوائز الفردية، كما حدث مع لوكا مودريتش (2018)، فابيو كانافارو (2006)، وكريم بنزيما (2022)، حيث تزامن تتويجهم الجماعي مع ذروة أدائهم الفردي. أما اللاعبون الذين يكتفون بالتألق المحلي أو القاري من دون تتويج أوروبي أو عالمي، فيجدون أنفسهم غالبًا في مراكز متأخرة في التصويت، مهما بلغت أرقامهم الفردية.

دور الأندية الأوروبية في الترويج الإعلامي تلعب الأندية الكبرى دورًا محوريًا في تعزيز فرص لاعبيها للفوز بالجوائز الفردية، ليس فقط عبر توفير بيئة تنافسية عالية، بل أيضًا من خلال القوة الإعلامية والمؤسسية التي تمتلكها على الساحة الدولية. في موسم 2024-25، فرض باريس سان جيرمان هيمنته على المشهد الأوروبي والعالمي، ليس فقط بالألقاب، بل أيضًا عبر السيطرة على قوائم المرشحين للكرة الذهبية، حيث حضر 6 من لاعبيه في القائمة النهائية، بينهم ديمبيلي، حكيمي، فيتينيا، مينديز، كفاراتسخيليا، ودوناروما، ما يعكس قدرة النادي على تسويق لاعبيه عالميًا ومنحهم منصة إعلامية ضخمة لدعم ترشيحاتهم.

في المقابل، يعاني لاعبو الأندية الأقل حضورًا على الساحة الأوروبية من ضعف الترويج الإعلامي، حتى مع تحقيق أرقام فردية مميزة. فمحمد صلاح ورغم مكانة ليفربول الكبيرة يواجه تحديًا في منافسة الأندية المسيطرة على البطولات القارية، عندما يغيب فريقه عن الأدوار النهائية؛ في حين استفاد حكيمي من قوة باريس سان جيرمان المؤسسية، لكنه يظل في الظل مقارنة بزملائه الهجوميين بسبب مركزه الدفاعي، ما يوضح أن الهيمنة المؤسسية والدور الإعلامي للنادي يلعبان دورًا حاسمًا في فرص الفوز بالجوائز الفردية.

التحيز في عملية التصويت تعتمد جوائز "ذا بيست" والكرة الذهبية على آليات تصويت تبدو ديمقراطية، لكنها تتأثر بتحيزات ثقافية وجغرافية ومؤسسية واضحة.

يتم منح جائزة "ذا بيست" عبر تصويت أربع فئات متساوية الوزن: مدربو المنتخبات، قادة المنتخبات، الصحفيون، والجماهير، مع توزيع نقاط محدد لكل اختيار، لكن الدراسات أظهرت ميل المصوتين لاختيار لاعبين من نفس بلدهم أو قارتهم أو الدوري الذي يتابعونه، في حين تتأثر أصوات الجماهير بشعبية اللاعبين أكثر من أدائهم الفعلي، ما يجعل العدالة النظرية في التصويت محدودة وتضع نجومًا بارزين مثل محمد صلاح وأشرف حكيمي أحيانًا في موقف صعب رغم مستواهم الفني المميز.

الأفضل في العالم.. كيف يتم التصويت على جائزة ذا بيست ؟ اقرأ المزيد تطرح معايير التصويت في الجوائز الفردية الكبرى تحديًا بين الاستمرارية طوال الموسم ولحظات التألق الحاسمة في البطولات الكبرى؛ فبينما يعتبر الحفاظ على مستوى ثابت من الأداء إنجازًا بارزًا، يميل المصوتون إلى مكافأة اللاعبين الذين يتألقون في المباريات النهائية أو الأدوار الإقصائية لدوري الأبطال أو كأس العالم، ما يمنح الأفضلية أحيانًا للاعبين الأقل استمرارية، ولكن الأكثر تأثيرًا في اللحظات الحاسمة.

يمثل صلاح نموذجًا للاستمرارية، حيث حافظ على أرقامه التهديفية وصناعته للأهداف في الدوري الإنجليزي على مدار عدة مواسم متتالية، لكنه غالبًا ما يفقد النقاط في المنافسة على الجوائز، بسبب غيابه عن اللحظات الحاسمة في دوري الأبطال. بالمقابل، لاعبون مثل ديمبيلي يبرزون في الأدوار النهائية، ما يمنحهم الأفضلية رغم تراجع الأداء في فترات أخرى، بينما حكيمي، ورغم جمعه بين الاستمرارية والتألق في لحظات الذروة، يظل محدود البريق مقارنة بزملائه الهجوميين بسبب مركزه الدفاعي.

مركز اللاعب وتأثيره.. مهاجم مقابل جناح مقابل ظهير يعد مركز اللاعب في أرض الملعب عاملًا حاسمًا في فرصه للفوز بالجوائز الفردية، حيث هيمن تاريخيًا المهاجمون وصناع اللعب على الجوائز الكبرى، بينما نادرًا ما تمنح للمدافعين أو حراس المرمى.

صلاح، الذي يلعب في مركز الجناح الهجومي، يحظى بميزة تسجيل وصناعة الأهداف، ويظل محط أنظار الإعلام والجماهير، لكن المنافسة مع المهاجمين وصناع اللعب الأكثر حسمًا في المباريات النهائية، إلى جانب غياب التتويج القاري أو العالمي، تحد من فرصه في الفوز بالجوائز الكبرى.

أما أشرف حكيمي، فيلعب كظهير أيمن هجومي، وهو مركز تقليدي أقل حظًا في الجوائز الفردية، رغم تطور دوره ليصبح أكثر تأثيرًا هجوميًا ودفاعيًا. ورغم أرقامه المميزة ومساهماته الكبيرة، يظل موقعه الدفاعي عقبة أمام تتويجه، خاصة في ظل تحيز المصوتين للمهاجمين وصناع اللعب. ويؤكد التاريخ صعوبة تتويج المدافعين أو الحراس، حيث لم يفز بالكرة الذهبية سوى أربعة منهم فقط: فرانس بيكنباور، ماتياس زامر، فابيو كانافارو، وليف ياشين.

صلاح وحكيمي بلغة الأرقام.. تفوق على عثمان ديمبيلي! اللاعب المباريات الأهداف التمريرات الحاسمة الألقاب محمد صلاح 52 34 23 الدوري الإنجليزي + هداف البريميرليغ بـ29 هدفًا أشرف حكيمي 55 11 16 الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، كأس الرابطة الفرنسية، السوبر الفرنسي، دوري أبطال أوروبا، السوبر الأوروبي عثمان ديمبيلي 49 33 15 الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، كأس الرابطة الفرنسية، السوبر الفرنسي، دوري أبطال أوروبا، السوبر الأوروبي رغم أن الأداء الفردي الاستثنائي للثنائي محمد صلاح وأشرف حكيمي يتفوق رقميًا على ديمبيلي، لكنه لا ينعكس بالضرورة على الجوائز العالمية، ما يبرز وجود معايير خفية أخرى مثل التسويق والشعبية والمكانة الأوروبية للاعب.

البعد الاقتصادي.. اللاعب كعلامة تجارية الجوائز الفردية الكبرى لم تعد مجرد تقدير للأداء الفني، بل تحولت إلى أداة تسويقية واقتصادية، حيث يصبح اللاعب الفائز بلقب "ذا بيست" أو الكرة الذهبية وجهًا إعلانيًا للفيفا وصناعة كرة القدم لمدة عام كامل، وربما تميل القرارات في الغرف المغلقة وتوجيهات الرعاة نحو اللاعبين ذوي "القابلية التسويقية الأكبر"، في الأسواق ذات القوة الشرائية العالية، مثل أوروبا وأمريكا الشمالية وشرق آسيا، ما يمنح بعض النجوم أفضلية واضحة بغض النظر عن الأداء الفردي على أرض الملعب.

رغم الشعبية الكبيرة صلاح وحكيمي في الشرق الأوسط وأفريقيا، تعد هذه الأسواق أقل تأثيرًا في ميزانيات الشركات الراعية الكبرى مقارنة بالسوق الأوروبي، فوز لاعب مثل ديمبيلي كنجم فرنسي في ناد كبير مثل باريس سان جيرمان، يضمن تدفقًا للإعلانات وعقود الرعاية، بما يخدم أصحاب المصالح وبالتالي، كثيرًا ما تضحى الجدارة الفنية بمصالح اقتصادية وتسويقية، حيث ينظر إلى منح الجوائز للاعب عربي على أنه مخاطرة تسويقية، لا تخدم المستفيدين من الأمور التجارية.

في السنوات التي لم يمنح فيها صلاح الكرة الذهبية، مثل 2018 حين فاز بالجائزة مودريتش، بدا أن الأداء الاستثنائي لصلاح لم يكن كافيًا أمام الحسابات الاقتصادية والتسويقية، ورغم أن المصري الذي قاد ليفربول لمستويات قياسية، ظل اسمه يتصدر النقاشات الإعلامية والجماهيرية، لكنه لم يتحصل على التقدير الذي يستحقه. وفي 2019، رغم قيادته لليفربول لتحقيق لقب دوري الأبطال، ذهبت الكرة الذهبية لميسي، ما جعل حديث الجماهير دائمًا عن صلاح، وأهمية دوره الفني والجماهيري.

ومع أداء صلاح الأسطوري عام 2025، عاد اسمه ليشغل كل العناوين، ليس فقط لمستواه داخل الملعب، بل أيضًا لقيمته التسويقية والجماهيرية، ورغم أنه بات قوة لا يستهان بها في أوروبا، لكن الاعتبارات الاقتصادية المرتبطة بالجوائز جعلته يواجه منافسة شديدة من نجوم تتوافق مصالحهم التجارية مع اختيارات الجوائز.


هذا المحتوى مقدم من winwin

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من winwin

منذ 3 ساعات
منذ ساعة
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
منذ ساعتين
إرم سبورت منذ 5 ساعات
قناة العربية - رياضة منذ ساعتين
قناة العربية - رياضة منذ 21 ساعة
إرم سبورت منذ 8 ساعات
ملاعب منذ ساعتين
إرم سبورت منذ 7 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط - رياضة منذ ساعتين
يلاكورة منذ 23 ساعة