مقال بقلم أندرو باتورين، مدير التسويق في Tumodo
تدخل رحلات الأعمال في شركات دول مجلس التعاون الخليجي مرحلة نمو جديدة، في وقت تواجه فيه هذه الشركات ضغوطًا متزايدة لضبط التكاليف وإدارة السيولة بكفاءة أعلى.
ويظهر هذا النمو بوضوح في قطاع الطيران، إذ تشير التوقعات إلى ارتفاع الطاقة الاستيعابية لشركات الطيران في الشرق الأوسط بنسبة 8.5% في ديسمبر الجاري مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، ما يعكس عودة قوية للطلب على السفر الإقليمي ورحلات العمل. ومن المرجّح أن تقود السعودية هذا النمو بزيادة متوقعة تبلغ 8.5%، تليها الإمارات بنسبة 6.8%.
لكن هذا التعافي لا يخلو من تحديات للشركات. فبالنسبة للمؤسسات التي تعمل عبر المنطقة، تعيد هذه الطفرة طرح معضلة مألوفة: رحلات العمل عادت لتلعب دورًا محوريًا في النمو وبناء العلاقات، بينما تتزايد في المقابل كلفتها وتأثيرها المباشر على السيولة.
هنا يبرز جوهر التغيير. فالمسألة لم تعد تتعلق بالسفر نفسه، بل بكيفية إدارته. وبدل الاكتفاء بسياسات تقييدية أو رقابة لاحقة على الإنفاق، يتجه عدد متزايد من الشركات إلى شراكات في مجال التكنولوجيا المالية (Fintech) واستخدام تحليلات تنبؤية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لإدارة السفر بصورة أكثر استراتيجية.
السفر كقرار مالي لا بند تشغيلي
مع زيادة الاعتماد على رحلات العمل، لم تعد رحلات العمل داخل الشركات مسألة تشغيلية روتينية، بل قرارًا يؤثر بشكل مباشر على الميزانية. فارتفاع أسعار التذاكر وتقلبات المواسم وتكرار الاضطرابات غير المتوقعة كلها عوامل كشفت محدودية فعالية أساليب خفض التكاليف التقليدية.
وعلى أرض الواقع، غالبًا ما تنحصر هذه الأساليب في إجراءات مباشرة مثل تشديد إجراءات الموافقات أو فرض قواعد حجز صارمة تؤدي إلى تراجع رضا الموظفين من دون أن تحقق وفورات حقيقية أو مستدامة.
أمام هذا الواقع، بدأت الشركات في البحث عن بدائل مختلفة. وهنا يبرز اتجاهان جديدان في إدارة السفر: الأول يركّز على توقيت وآلية الدفع، بينما يعيد الثاني التفكير في طريقة اتخاذ قرارات السفر نفسها من الأساس.
مواءمة إنفاق السفر مع التدفقات النقدية عبر التكنولوجيا المالية
أحد أبرز التحولات في إدارة رحلات العمل هو التوسع في استخدام حلول الدفع المعتمدة على التكنولوجيا المالية (Fintech)، وعلى رأسها نماذج «اشترِ الآن وادفع لاحقًا» (BNPL) المصممة خصيصًا لسفر الشركات. ورغم ارتباط هذه النماذج تقليديًا بالاستهلاك الفردي، فإنها بدأت تجد طريقها بشكل متزايد إلى بيئة الأعمال في دول الخليج وخارجها.
في كثير من الشركات، تظهر تكاليف السفر قبل تحقيق الإيرادات، خصوصًا في القطاعات ذات الدورات الموسمية أو التي تعتمد على مدفوعات مؤجلة من العملاء. وهنا تتيح نماذج BNPL وسيلة عملية لتخفيف هذا الخلل. فعلى سبيل المثال، يمكن توزيع تكلفة رحلة طيران بقيمة 1,200 دولار على أقساط زمنية، بدل سدادها دفعة واحدة، ما يمنح الشركات مرونة أكبر في إدارة السيولة، خاصة عندما تتأخر الإيرادات عدة أشهر بعد الحجز.
والأهم أن هذا النهج لا يفرض على الشركات التضحية بجودة السفر. فلا يُجبر الموظفون على اختيار مواعيد غير مناسبة أو خيارات أقل جودة لمجرد خفض الإنفاق الفوري. وبدلًا من ذلك، تستطيع الشركات الحفاظ على معايير السفر المعتادة، مع إدارة السيولة بشكل أكثر كفاءة.
وعلى نطاق أوسع، تسهم الشراكات بين شركات التكنولوجيا المالية ومنصات السفر في إعادة تشكيل منظومة السفر المؤسسي ككل. إذ تتيح هذه الشراكات لمزودي خدمات الدفع الوصول بشكل أعمق إلى عملاء الشركات، بينما تمكّن منصات السفر من تقديم خيارات دفع أكثر مرونة واستدامة. وبهذا، تصبح القرارات المالية جزءًا من عملية الحجز نفسها، لا مجرد إجراء إداري مؤجل في الخلفية.
وبالنسبة للموظفين، يجعل ذلك عملية الحجز أسهل وأكثر اتساقًا. أما بالنسبة للشركات، فيعني حوكمة أقوى للسفر، من دون تعقيد الإجراءات أو إبطاء التخطيط.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من ومضة
