الفيلم السعودي “المجهولة".. بين طموح النوع و تقريرية التنفيذ

بمقدمة واعدة ومتماسكة، يدخل فيلم المجهولة للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مباشرة إلى حقل السرد البوليسي بمعلومة عن جثة فتاة مجهولة في منطقة برية مقفرة، وموظفة  تدعى نوال، تؤدي دورها الممثلة ميلا الزهراني.

تعمل نوال في رقمنة الأرشيف بقسم الشرطة، تتشبث بالتحقيق في ظروف وفاة وملابسات جريمة قتل الفتاة، وحفظها في ثلاجة الموتى، ويساعدها في ذلك اهتمامها بمشاهدة المحتويات المصورة التي تسرد  القصص الجنائية بطريقة مشوقة ومسلية.

المعالجة الأساسية للفيلم تعتمد على صدمة الموت المنسي لكائن مجهول، فتتحول شخصية نوال إلى فاعل أساسي في السرد، وفي هذا الجانب يعد الفيلم امتداداً لخط المنصور في تصوير النساء العاديات، وهن يتجاوزن حدود الممكن الاجتماعي، حتى لو ظل اعتراف المنظومة التي تعمل بها منقوصاً، وهو أيضاً يتشابك مع الخط الدرامي في اختياراتها للموضوعات عن كيفية استخدام القيود البيروقراطية والذكورية كعنصر درامي، كما هي الحال في العديد من الأفلام العربية التي تناولت قصة مجتمع ذكوري يعطي الأولوية لمظهر الشرف على حياة النساء، والأعراف السائدة في تمثيل جرائم قتلهن، وهذه أرضية خصبة تفتح باباً لإلقاء الضوء على أفراد وعائلات داخل مجتمع يقيس قيمة الإنسان بمعايير الهوية الجندرية، والنسب والأدوار.

لكن هذا البُعد يبقى سطحياً داخل الفيلم.

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً

هيفاء المنصور تقدم فيلمها "المجهولة" بمهرجان تورونتو

أعلنت إدارة مهرجان تورونتو السينمائي الدولي عن اختيار الفيلم الجديد للمخرجة السعودية هيفاء المنصور "المجهولة" ليعرض ضمن برنامج Centrepiece في دورته الخمسين.

الأداء: إلى متى؟

يتبنى الأداء التمثيلي صيغة الهدوء المطبق، لكن المشكلة ليست في الرغبة في الهدوء نفسها، بل في غياب التناغم بين الأسلوب المباشر، وسخونة الحدث.

الدراما البوليسية تحتاج إلى نبرة داخلية تُظهر تفاعل الشخصية مع الحياكة السردية، في "المجهولة" كانت هناك حالة أدائية باردة كونت فراغاً لا طاقة فيه، وتحولت الجمل القصيرة إلى فراغات لا تنقل التوتر، ولا تعكس تحولات العاطفة.

ليس مطلوباً مقدار الانفعال كمقياس لقوة الأداء، بل بقدرة الممثل على حمل وتيرة الفيلم خاصة عند لحظة اكتشاف معلومة جديدة، أو لحظة صدام مع مسؤول، لحظة خيبة أو استفاقة، كل ذلك يحتاج ما يشبه التدرج، بدلاً من تكرار النبرة ذاتها مع جميع الشخصيات، مثل شقيقة الفتاة، وتعاطي الشرطي المحقق مع  نوال.

بشكل عام، يتولد إحساس بأن الشخصية لا تتطور، لا بشكل ذهني ولا انفعالي، فتُبقى المشاهد في خط مستقيم على إيقاعٍ واحد رغم محاولة المخرجة إدراج المعلومة داخل زمن سردي محسوب، والطبيعي أن تستند إلى غموض قابل للتأويل، وهذه النقلة بدأت متينة عندما أتاحت مساحة أوسع للمجاز والتخفي، ثم ترهلت لاحقاً في إدارة هذا الغموض من ممثلين لم يسند إليهم وضوحاً شعورياً كافياً، فبقيت انفعالتهم متصنعة، ومعلّقة في فراغ سردي غير مبرر.

السيناريو على الطريقة المعلوماتية

لا نستطيع أن نتحدث عن الفيلم دون ربطه بمشروعات المخرجة السابقة، والتي كانت تتحرك شخصياتها داخل سياق اجتماعي واضح، ويمنح تحولاتها معنى أكثر شاعرية مثل "وجدة" و "المرشحة المثالية"، غير أن المسار في “المجهولة” لا تتبدى فيه معالم مدروسة لتطور الشخصية أو توتر الشخصيات حولها، هذا الانفصال يدخل من بوابة السيناريو أولاً.

طموح المنصور في صناعة عمل سعودي بوليسي في إطار تشويقي أمر في غاية الأهمية، خاصة أنها اختارت محركاً نفسياً دوافعه ظاهرة على مستوى تأسيس شخصية نوال؛ فقد ابنتها، محاولتها التعويض، الرغبة في العدالة، لكنها لا تتبلور بصريًا بشكل ناضج على الشاشة، ولا تتحول هذه الدوافع إلى مسار تنمو فيه الشخصية، كما لم يتم نسج علاقة ذكية بين ما تبحث عنه وما تخشاه، هنا يفقد العمل لحظة التوتر الحقيقية بين تركيبة الشخصيات والموضوع.

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً

المخرجة هيفاء المنصور: تكريمي في "البحر الأحمر السينمائي" دافع للمرأة السعودية

أعربت المخرجة السعودية هيفاء المنصور، عن سعادتها.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من الشرق للأخبار

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من الشرق للأخبار

منذ 5 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 21 ساعة
قناة العربية منذ 3 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 20 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 3 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 13 ساعة