لم تعد القرارات الطبية تُبنى على الخبرة السريرية وحدها، بل أصبحت نتاج منظومة معقّدة من البيانات، والتقنيات الذكية، والأنظمة الرقمية التي تتداخل في كل مرحلة من مراحل تقديم الخدمة الصحية.

هذا التحوّل لا يغيّر الأدوات فقط، بل يعيد صياغة أدوار المؤسسات الصحية، ويطرح أسئلة جوهرية حول الكفاءة، والمسؤولية، وحدود الأتمتة، ومكان الإنسان في معادلة العلاج.

في هذا الإطار، جمعت قمة فوربس الشرق الأوسط لقادة الرعاية الصحية نخبة من القيادات التنفيذية والطبية في جلسة حوارية ناقشت كيف يعاد تصميم القطاع الصحي في المنطقة مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية، وما يتطلبه ذلك من جاهزية تنظيمية، وبُنى تحتية، ونماذج تشغيل جديدة.

شارك في الجلسة الرئيس التنفيذي لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي الدكتور جورج باسكال هبر، والرئيس التنفيذي لـ ميديك كلينيك الشرق الأوسط هين فان ايك، والرئيس التنفيذي لمجموعة Apex Health جوزيف هازل، والنائب الأول لرئيس مجمع دبي للعلوم مروان عبدالعزيز جناحي، فيما أدار الحوار رئيس الخدمات الطبية في PwC الشرق الأوسط، الدكتور ريتشارد جنكينز.

الذكاء الاصطناعي لكسب الوقت وتعزيز الكفاءة أكد هين فان ايك أن استراتيجية "ميديكلينيك الشرق الأوسط" في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي ترتكز على "مبدأ المسؤولية"، موضحاً أن التحدي الجوهري لا يكمن في سرعة التبني أو التباطؤ فيه، بل في ابتكار توازن دقيق يضمن مواكبة التطور التقني دون المساس بسلامة الأنظمة أو أمن البيانات.

وشدد فان ايك على ضرورة إخضاع حلول الذكاء الاصطناعي لاختبارات صارمة تضمن مواءمتها لخصوصية المنطقة والتركيبة السكانية المحلية، محذراً من الاعتماد الكلي على نماذج طُورت لبيئات خارجية مختلفة، كما نبه إلى ضرورة الابتعاد عن الانبهار بالحلول التقنية التي تفتقر لغايات واضحة، وبدلاً من ذلك البدء بالتحديات الفعلية التي تواجه جودة الخدمة والكفاءة التشغيلية.

وكشف فان ايك أن الأولوية القصوى في "ميديكلينيك" تتمثل في تخفيف العبء الإداري عن كاهل الأطباء والممارسين الصحيين، بهدف استعادة الوقت الذي استنزفته السجلات الصحية الإلكترونية خلال العقدين الماضيين وإعادة توجيهه نحو الرعاية السريرية المباشرة، ما يمنح المريض وقتاً أطول ورعاية أكثر جودة.

وفي هذا السياق، استعرض فان ايك خمس استخدامات عملية للذكاء الاصطناعي تُطبقها المجموعة، تشمل دعم أطباء الأشعة في تسريع قراءة الصور وفرز الحالات الحرجة، وتحسين منظومة الرعاية الأولية عبر تحليل السجلات الصحية مسبقاً، والتنبؤ باحتمالات غياب المرضى عن المواعيد، وصولاً إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة التوثيق السريري وإدارة الإيرادات وغيرها. واختتم بالتأكيد على أن جوهر التحول الرقمي يكمن في تحسين الكفاءة الإدارية للمجموعة لضمان استدامة التميز في تقديم الخدمة الصحية.

الشراكات الاستراتيجية لتعزيز الابتكار أوضح الرئيس التنفيذي لـ "كليفلاند كلينك أبوظبي" جورج باسكال هبر، أن المستشفى يتمتع بميزة تنافسية بفضل انتمائه لمنظومة ذكاء اصطناعي متطورة بالتعاون مع شركتي "G42" و"M42"، مؤكداً أن المسؤولية الأخلاقية للمؤسسة تتجاوز مجرد تبني التطبيقات التقنية لتصل إلى المساهمة الفعلية في تطويرها وتشكيل مستقبل الرعاية الصحية العالمية.

وبيّن هبر أن للذكاء الاصطناعي تأثيراً إيجابياً ملموساً يمتد من تحسين تجربة المرضى في العيادات والمستشفيات، وصولاً إلى المجالات البحثية والإدارية والابتكارات المعقدة.

واستعرض نماذج تطبيقية رائدة تعكس دقة التشخيص وسلامة المرضى في "كليفلاند كلينك"، حيث ساهم الذكاء الاصطناعي في دعم الآلاف من عمليات تنظير القولون بدقة تشخيصية عالية، إلى جانب تفعيل خوارزميات التنبؤ بالجلطات للحد من المخاطر السريرية.

كما لفت هبر إلى توظيف تقنيات الرؤية الحاسوبية لمراقبة المؤشرات الحيوية وتقييم الألم، فضلاً عن دور الذكاء الاصطناعي في دعم الجراحة الروبوتية والجراحات الدقيقة، وهو ما مكن المستشفى من إجراء عمليات "عن بُعد" تعد الأولى من نوعها في المنطقة.

على الصعيد التشغيلي، كشف هبر عن أتمتة المهام الإدارية المتكررة بالكامل عبر تشغيل عشرات الآلاف من "وكلاء الذكاء الاصطناعي" لضمان سلاسة العمليات.

واختتم بالتأكيد على أن الاستثمار في رأس المال البشري وتدريب الكوادر الطبية يظل الأولوية القصوى، لضمان استخدام هذه التقنيات بفعالية واحترافية، مع الحفاظ على جوهر الرعاية الطبية المتمثل في التواصل الإنساني المباشر بين الممارس الصحي والمريض.

أولويات التنفيذ: ضمان نجاح التكنولوجيا الصحية أوضح الرئيس التنفيذي للمجموعة في "Apex Health" ومقرها قطر، جوزيف هازل، أن التوسع السريع للمؤسسة عبر عدة دول يعود إلى شراكات.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه

هذا المحتوى مقدم من فوربس الشرق الأوسط