التحول الرقمي والبيانات لتحقيق "عُمان 2040"

سعيد محمد راشد الكلباني

التحول الرقمي يمنحنا السرعة، لكن البيانات تمنحنا الاتجاه. والأتمتة تحرر الأيادي، لكن البيانات تحرر العقول. بهاتين العبارتين يمكن تلخيص الفارق الجوهري بين ما نمارسه اليوم من تحديث تقني متسارع، وما نحتاجه كحقيقة وواقع فعلي من نضج إداري؛ وذلك لأنَّ المشهد العالمي يظهر بوضوح أن واقعنا المعاصر لا يعاني من غياب أو بطء الأدوات، بقدر ما يعاني من ارتباك الاتجاه وربما غيابه.

يشهد التحول الرقمي الحكومي في السلطنة تقدمًا ملموسًا بخطى تتسم بالثقة والرؤية الواضحة؛ حيث بلغ الأداء العام للبرنامج حوالي 80% حتى مايو من 2025، وكجزء من البرنامج وصلت نسبة رقمنه الخدمات الحكومية إلى 74% منعكسة على تبسيط الإجراءات بنسبة وصلت 96%. وكنتائج فعليه على التقدم تم إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الحكومية الإلكترونية متضمنة 30 خدمة رقمية جديدة. وهذه الأرقام وغيرها تضع السلطنة في موقع متقدم نسبيًا على مستوى المنطقة من حيث وضوح الرؤية وجودة التخطيط وفعالية التنفيذ والتقييم.

غير أنَّ التموضع المبشر تقنيًا على أهميته يأتي في عاصفة الاقتصاد الرقمي المتسارع المثار القائم على لغة الأرقام النشطة التي لا تحابي أحداً، فارضة واقعًا صارمًا لا يمكن فيه تجاهل الدراسات والتقارير الإحصائية محليا وعالميا. وتشير دراسات متقاطعة لماكينزي وجارتنر إلى أن المؤسسات التي تعتمد على البيانات في قراراتها الاستراتيجية تحقق معدلات إنتاجية أعلى بنسبة تتراوح بين 5% و6%، مع احتمالية نمو أرباحها بأكثر من 20% مُقارنة بغيرها التي تعتمد على الحدس أو الخبرة دون بيانات. وفي مقابل ذلك، إذا كان الاعتماد على البيانات يُحقق الربح وسوؤها يؤدي للخسارة، فإن تجاهلها يكون أثره سلبياً مركباً بين تفويت فرص التحسين، ووضع المؤسسة في مسار محفوف بالمخاطر الخفية أو حتى الواضحة، ولكن غير مفهومة التكوين والحل.

من وجهة نظر شخصية مستنبطة من مناقشات وسياقات كثيرة تتلخص في أن البعض يتعامل مع التحول الرقمي بصفته مشروعًا متكاملًا يتكون من أنظمة مترابطة ومنصات وأتمتة. لكن، ماذا بعد هذا المشروع؟ وهل التحول الرقمي غاية؟!

الحقيقة التي لا ينبغي إغفالها هي أن التحول الرقمي أداة تمكينية، تبدأ برقمنة العمليات ولا تنتهي هناك؛ لأن أثرها الحقيقي يتحقق عند الانتقال إلى رقمنة القرار ونماذج العمل؛ فالقيمة لا تنشأ من الأتمتة ذاتها، وإنما من القرارات التي تبنى على البيانات التي أفرزتها هذه الأتمتة.

ورغم تبني بعض المؤسسات للتحول الرقمي وقطعها لشوط طويل فيه بمبادرات مليونية، إلّا أن التحول وقع في تحدي قيمة الأثر الذي تتلخص نتيجته في غياب توظيف البيانات في قرارات تصنع الفرق الفعلي على مستوى الأفراد والكفاءة وجودة الأداء؛ وذلك عادة عائد إلى انحصار التوجه في التفكير التشغيلي الذي يركز على سرعة الإنجاز وكفاءة التنفيذ، دون الانتقال إلى تفكير استراتيجي يبحث عن المعنى وتحديد الاتجاه. وعند هذا يتحول التحول الرقمي من أداة تمكينية إلى غاية بحد ذاته، وتضيع في جنبات ذلك حقيقته ودوره الجوهري.

وفي ذات السياق، ولكن من منظور الضبط وتمكين التحول الرقمي وتعظيم فائدته وحل المشكلات، فإنَّ الأمل الذي ننشده هو أن تتحول مؤسساتنا إلى ما يعرف بالرواد الرقميين (Digital Vanguards).....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الرؤية العمانية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الرؤية العمانية

منذ 9 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 8 ساعات
صحيفة الرؤية العمانية منذ 20 ساعة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 9 ساعات
عُمان نيوز منذ 16 ساعة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 9 ساعات
إذاعة الوصال منذ 8 ساعات
صحيفة الرؤية العمانية منذ 14 ساعة
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 12 ساعة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 8 ساعات