محمد بنعليلو يترأس بالدوحة الاجتماع السنوي لشبكة نزاهة الأعمال بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا

وقد شكل هذا الاجتماع الإقليمي، المنعقد على هامش أشغال الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، محطة بالغة الأهمية لتدارس التحولات العميقة التي تعرفها بيئة الأعمال على الصعيدين الإقليمي والدولي، في سياق تتقاطع فيه رهانات التنافس الاقتصادي، وسلاسل القيمة العابرة للحدود، مع متطلبات الشفافية ومعايير الثقة، التي أصبحت تشكل عنصرا حاسما في الولوج إلى الأسواق والتمويل والشراكات الاستراتيجية.

وفي كلمته الافتتاحية بالمناسبة، أكد محمد بنعليلو أن سلاسل القيمة لم تعد مجرد مسارات لوجستية أو ترتيبات تقنية، بل أضحت "هياكل ثقة" قابلة للقياس، حيث لم يعد تقييم الفاعلين الاقتصاديين يتم فقط على أساس قدراتهم الإنتاجية، بل أيضا على مدى احترامهم لقواعد النزاهة والشفافية في علاقاتهم التعاقدية والتجارية. مبرزا في هذا السياق أن نزاهة الأعمال أصبحت شرطا بنيويا للاستثمار المستدام، ولمواكبة التحولات الجارية في منطق الأسواق والتمويل الدولي.

كما شدد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها على أن الفساد يمثل في جوهره فشلا في أنظمة السوق وتشويها للحوافز الاقتصادية، حين تصبح الممارسات غير المشروعة وسيلة لتحقيق أفضلية تنافسية على حساب المقاولات التي تستثمر في الامتثال واحترام قواعد النزاهة، معتبرا أن تحقيق العدالة التنافسية يظل رهينا بإصلاح نقاط التماس الأكثر عرضة لمخاطر الفساد.

وفي معرض حديثه عن تقييم مخاطر نزاهة الأعمال، أوضح بنعليلو أن هذا التقييم لم يعد إجراء شكليا أو وثيقة امتثال موجهة للمدققين، بل أصبح لغة مشتركة بين الفاعل العمومي والسوق، وآلية عملية لتحويل مبادئ النزاهة إلى قرارات قابلة للقياس، تقوم على تشخيص مكامن الهشاشة، وتقدير احتمال وقوع المخاطر وأثرها، وتحديد الضوابط الكفيلة بالوقاية والكشف والتدخل في الوقت المناسب.

وفي السياق ذاته، أكد أن العمل الجماعي في مجال نزاهة الأعمال لا ينبغي أن يظل تعاونا رمزيا أو تنسيقا ظرفيا، بل يجب أن يشكل أداة فعلية لإعادة التوازن إلى السوق، من خلال توحيد المعايير، وبناء آليات مشتركة للإبلاغ والحماية، واعتماد بروتوكولات شفافة في المعاملات، بما يسهم في تقليص ما وصفه بـ«ميزة الفساد» وإرساء حد أدنى مشترك يجعل النزاهة قاعدة عامة للسوق لا استثناء فيه.

ودعا محمد بنعليلو إلى توجيه الجهود الجماعية نحو تحويل النقاشات إلى حلول عملية تراعي خصوصيات السياقات الوطنية دون تبرير الاختلالات، في منطقة تعرف ديناميات اقتصادية متسارعة وفرصا واعدة، إلى جانب تحديات بنيوية وتفاوت قدرات الامتثال، وحساسيات اقتصادية، مما يفرض حسب رئيس الهيئة الجمع بين الصرامة في المبادئ والذكاء في الأدوات، ويضمن نجاعة السياسات العمومية ويعزز ثقة الفاعلين الاقتصاديين.

واختتم كلمته بالتأكيد على أن النزاهة ليست كلفة إضافية على المقاولة أو على الاقتصاد، بل استثمارا استراتيجيا في الثقة، وأن هذه الأخيرة تشكل رأسمالا اقتصاديا حقيقيا يرتبط بالتمويل، وباستدامة المقاولات، وبقدرة الاقتصادات على الصمود والتنافس. وخلص إلى أن تعزيز نزاهة الأعمال، من خلال حسن تدبير المخاطر وبناء عمل جماعي فعال، لا يحمي المؤسسات فحسب، بل يسهم في تحسين شروط التنافسية وفتح آفاق تنموية أكثر عدالة واستقرارا في المنطقة.


هذا المحتوى مقدم من جريدة كفى

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من جريدة كفى

منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
هسبريس منذ ساعة
2M.ma منذ 9 ساعات
هسبريس منذ 10 ساعات
هسبريس منذ ساعة
صحيفة الأسبوع الصحفي منذ 4 ساعات
آش نيوز منذ 24 دقيقة
2M.ma منذ 10 ساعات
هسبريس منذ ساعة