في مشهد الاقتصاد العالمي المعاصر، حيث تتسارع دورات التغيير وتتداخل الأسواق بعضها ببعض، لم تعد التساؤلات التقليدية حول آليات «الصمود» كافية لضمان البقاء. لقد تجاوزنا مرحلة البحث عن الاستقرار النسبي لنقف أمام تحد وجودي واستراتيجي أعمق «كيف تمتلك منظماتنا القدرة على إعادة التموضع والنهوض المستمر في بيئة لا تعرف السكون؟». نحن نعمل اليوم ضمن منظومة عالمية تتسم بالتعقيد واللايقين؛ حيث تتقاطع التحولات التقنية الجذرية مع المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية، مما يجعل «المرونة» تنتقل من خانة المهارات الناعمة لتصبح ضرورة تشغيلية حتمية، وشرطا أساسيا للاستدامة.
وعند تفكيك ثنائية (الصلابة والمرونة)، نجد أن الرهان القديم على «الصلابة» والثبات المؤسسي - رغم أهميته تاريخيا في حفظ المكتسبات - قد بات يشكل خطرا استراتيجيا في بيئات العمل الديناميكية. فالصلابة التي تمنح القادة شعورا مؤقتا بالسيطرة، غالبا ما تحجب عنهم رؤية التحولات القادمة، وتجعل المنظمات رهينة لنماذج عمل سابقة لم تعد تملك صلاحية الاستمرار. هذا الجمود يحول المؤسسات تدريجيا إلى كيانات تعاني مما يمكن تسميته بـ«الهشاشة المؤجلة»؛ حيث تبدو متماسكة الهيكل من الخارج، بينما تتآكل قدرتها التنافسية من الداخل لعدم قدرتها على مجاراة إيقاع العصر ولغته الجديدة.
وهنا يحضرني قول المفكر ألفين توفلر «إن الأميين في القرن الحادي والعشرين لن يكونوا أولئك الذين لا يقرؤون ويكتبون، بل أولئك الذين لا يستطيعون التعلم، ونبذ ما تعلموه، وإعادة التعلم من جديد». هذا الاقتباس يلخص جوهر «المرونة» التي نقصدها؛ فهي ليست مجرد رد فعل دفاعي وقت الأزمات، بل هي «رشاقة فكرية» وقدرة استباقية على التخلي عن المسلمات القديمة لصالح فرص المستقبل، وتطوير «كفاءة متأصلة» للمؤسسة تمكنها من التكيف السريع مع المعطيات المستحدثة.
ويكتسب هذا المفهوم أهمية استثنائية عند إسقاطه بتمعن على.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة مكة
