تتصدر الرعاية الصحية اليوم المشهد العالمي كضرورة استراتيجية للانتقال من نموذج "الرعاية التفاعلية" الذي يركز على علاج الأمراض، إلى نموذج "الرعاية الاستباقية" الذي يضع الوقاية والتشخيص المبكر في صميم المنظومة الطبية.
هذا التحول لا يهدف فقط إلى تحسين جودة حياة الأفراد، بل يسعى إلى استدامة القطاع الصحي عبر توظيف التقنيات التنبؤية وعلم الجينوم لتعزيز قدرة المجتمعات على مواجهة التحديات الصحية قبل تفاقمها.
في هذا السياق، شهدت "قمة فوربس الشرق الأوسط لقادة الرعاية الصحية" جلسة حوارية أدارتها الأمينة العامة لمؤسسة تحالف الصناعات البحثية الصيدلانية في الخليج (PHRMAG) شهد مهدي، وجمعت الجلسة الرئيس التنفيذي لمستشفى "كابيتال هيلث" - مركز "هيلث شيلد" الطبي الدكتور مشعل القاسمي، والرئيس التنفيذي لشركتي "بينونة لحلول الجينوم" - "بي هايف إكس"، الدكتور عمر نجم، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي في "بيور لاب" أريندام هالدر، واستعرض المشاركون رؤية شاملة لمستقبل القطاع، مؤكدين أن دمج المختبرات المتقدمة مع الرعاية السريرية المتخصصة هو المفتاح لتحقيق رعاية صحية شاملة ومستدامة.
من "أبقراط" إلى الرقمنة تناول الدكتور مشعل القاسمي الأهمية الجوهرية للانتقال بالمنظومة الصحية من مرحلة "الرعاية التفاعلية" التي تكتفي بعلاج الأمراض بعد ظهورها، إلى "الرعاية الاستباقية" القائمة على الوقاية.
وأشار إلى أن جذور هذا المفهوم ليست وليدة اليوم، بل تمتد إلى العصور القديمة، مستحضراً المبدأ المنسوب إلى "أبقراط" بأن "الوقاية خير من العلاج".
كما استعرض تطور الطب الحديث الذي نشأ في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بأسلوب تفاعلي استجابةً لتفشي الأمراض المعدية، مؤكداً أن التحول الراهن نحو الأمراض المزمنة المرتبطة بأسلوب الحياة هو ما يفرض اليوم ضرورة تبني استراتيجيات وقائية جادة.
بناء رعاية استباقية حقيقية يتطلب تضافر منظومة متكاملة تجمع بين مقدمي الرعاية، وصناع السياسات حسب القاسمي الذي استشهد في هذا الصدد بتجربة مكافحة التدخين والتي أثبتت أن تدابير مالية مثل فرض الضرائب كانت الأكثر كفاءة وتأثيراً في تغيير السلوك المجتمعي مقارنة بالوسائل التحذيرية التقليدية، ما يؤكد حاجة القطاع الصحي إلى محفزات هيكلية تدعم الوقاية.
وعلى مستوى الممارسات السريرية، استعرض القاسمي النموذج المطبق في مستشفيات "كابيتال هيلث" لتعزيز الوقاية، والذي يعتمد بشكل أساسي على الفحوصات الدورية الممنهجة، مثل فحوصات الثدي والقولون والبروستات إضافة إلى المراقبة الدقيقة لمؤشر كتلة الجسم لتحديد الفئات الأكثر عرضة للأمراض. هذه الإجراءات تُنفذ بشكل استباقي لاكتشاف المخاطر الصحية في مراحلها الأولى، مع الإقرار بأن هذا التحول المؤسسي يتطلب جهوداً دؤوبة ومستمرة.
تمكين المرضى من خلال التكنولوجيا يلعب دورًا حيويًا حيث تتيح التطبيقات الرقمية الحديثة للأفراد متابعة نتائج فحوصاتهم بشكل مباشر، ما يعزز شعورهم بالمسؤولية تجاه صحتهم. وقد أوضح القاسمي أن هذه الأدوات الرقمية تسهم في تنظيم المواعيد الطبية بشكل استباقي وتلقائي، ما يقلل الاعتماد على التواصل التقليدي ويجعل المريض شريكاً فاعلاً في إدارة رحلته الصحية.
التكنولوجيا لإطالة العمر الصحي تناول الدكتور عمر نجم الدور المحوري للتكنولوجيا في إعادة صياغة الإمكانات البشرية، مؤكداً أن الابتكارات التنبؤية تمتلك القدرة على إحداث تحول جذري في نتائج الرعاية الصحية خلال العقد المقبل. وأوضح د. نجم أن التكنولوجيا لا تقتصر بالضرورة على التعقيد، مشيراً إلى أن أبسط الابتكارات مثل اختراع النظارات الطبية كان لها دور تاريخي في تحسين جودة الحياة والاندماج الاجتماعي.
للذكاء الاصطناعي أثر عميق في تغيير صحة الإنسان بل إنه يعيد تشكيل الاقتصاد والمجتمع والقدرات البشرية. إن الاندماج المستقبلي مع التكنولوجيا سيمكّن البشر من تعزيز أدائهم الجسدي والفكري، ما قد يفضي إلى ظهور "جيل بشري متطور" يستثمر هذه القدرات الفائقة لتحقيق كفاءة غير مسبوقة.
شدد د. نجم على أهمية البيانات الضخمة التي يتم توليدها اليوم، فالحوسبة المتقدمة والخوارزميات التحليلية تتيح معالجة هذه البيانات واستخلاص رؤى تعزز "إطالة العمر الصحي" وتحسين الصحة العامة على نطاق عالمي. أما علوم الجينوم، فهي تفتح الطريق لفهم مسببات الأمراض على.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من فوربس الشرق الأوسط
