بغداد / عراق اوبزيرفر
يمثل إعلان وزارة الكهرباء إدخال منصة الغاز العائمة (FSRU) إلى الخدمة في حزيران المقبل نقطة تحول لافتة في مسار ملف الطاقة العراقي، الذي طالما ارتبط بالأزمات الموسمية والانقطاعات القاسية خلال أشهر الصيف. هذه الخطوة، التي توصف بأنها سريعة ومرنة مقارنة بالمشاريع التقليدية، أعادت ملف الغاز إلى واجهة النقاش بوصفه مفتاح الحل الحقيقي لأزمة الكهرباء، لا مجرد إجراء إسعافي مؤقت.
في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي ضياء المحسن أن إعلان وزارة الكهرباء دخول منصة الغاز العائمة (FSRU) الخدمة في حزيران المقبل يمثل تحولاً ستراتيجياً مهماً في ملف الطاقة العراقي، لما تحمله هذه الخطوة من حلول عملية لأزمة الكهرباء المزمنة، لا سيما خلال ذروة الصيف.
وقال المحسن في تصريح لـ عراق أوبزيرفر ، إن المنصة تهدف بالدرجة الأساس إلى معالجة عنق الزجاجة الذي يواجهه العراق سنوياً مع ارتفاع درجات الحرارة، مشيراً إلى أن أبرز نتائجها المتوقعة تتمثل في تعزيز استقرار ساعات تجهيز الكهرباء، عبر تعويض أي نقص مفاجئ في إمدادات الغاز الإيراني، سواء لأسباب فنية أو مالية .
وأوضح أن دخول المنصة سيمكن من تشغيل المحطات الغازية بكامل طاقتها التصميمية، ما يسهم في تقليل ساعات القطع المبرمج خلال فصل الصيف، إلى جانب تنويع مصادر الطاقة، بعد سنوات من الاعتماد شبه الكلي على مصدر واحد لاستيراد الغاز .
وبيّن المحسن أن منصة الغاز العائمة تمنح العراق مرونة أكبر في التعاقد، إذ تتيح له شراء الغاز المسال (LNG) من السوق العالمية، سواء من دول مثل قطر أو الجزائر أو غيرها، الأمر الذي يعزز الموقف التفاوضي للعراق في ما يتعلق بأسعار الغاز وشروط التعاقد.
وأشار إلى أن هذه الخطوة ستسهم كذلك في تقليل الهدر المالي والتشغيلي، موضحاً أن العراق يضطر حالياً إلى تشغيل بعض المحطات بالوقود الثقيل عند انقطاع الغاز، وهو ما يرفع مستويات التلوث ويؤدي إلى تآكل الوحدات التوليدية وتقليل كفاءتها، في حين يوفر الغاز وقوداً أنظف وأقل كلفة من حيث الصيانة والتشغيل .
وأضاف أن المنصات العائمة تمتاز بسرعة تنفيذها مقارنة بالمحطات البرية العملاقة، ما يوفر وقتاً مهماً في مواجهة أزمة الكهرباء خلال الصيف المقبل .
وفي المقابل، حذر المحسن من وجود تحديات قد تحد من التأثير الكامل للمنصة، من بينها الحاجة إلى شبكة نقل كهرباء قوية قادرة على استيعاب زيادة الإنتاج ومنع حالات التحميل الزائد والانقطاعات الفنية، فضلاً عن أن الغاز المسال المستورد غالباً ما يكون أعلى كلفة من الغاز المنقول عبر الأنابيب، ما يتطلب إدارة مالية دقيقة.
وختم المحسن بالقول إن منصة الغاز العائمة تمثل حلاً مؤقتاً وستراتيجياً في آن واحد ، إذ تسد الفجوة الحالية في إمدادات الغاز، ريثما تكتمل مشاريع استثمار الغاز المصاحب والطاقة المتجددة، مثل مشاريع شركة توتال ومشاريع الطاقة الشمسية، التي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للعراق في قطاع الطاقة.
بالمقابل، حددت وزارة الكهرباء، حزيران المقبل موعدا لإدخال المنصة العائمة إلى الخدمة، معلنة إجراءات واسعة لتحديث منظومتي النقل والتوزيع، عبر نصب محطات جديدة واستحداث مغذيات إضافية في عدد من المحافظات.
المتحدث الرسمي باسم الوزارة أحمد موسى العبادي، أوضح، أن الوزارة تواصل تكثيف جهودها الفنية والهندسية الخاصة بأعمال المنصة العائمة، مشيرا إلى أن التوقعات تؤكد دخولها الخدمة في الأول من شهر حزيران من العام المقبل.
وبين العبادي أن المنصة العائمة ستسهم في تجهيز محطات توليد الطاقة الكهربائية بالغاز الطبيعي، بما يدعم تنويع مصادر الطاقة في البلاد ويغطي الحاجة الفعلية لتشغيل المحطات، فضلا عن تجاوز الأزمات الفنية التي شهدتها المواسم السابقة نتيجة شح الوقود.
وأكد أن تنفيذ أعمال المنصة لا يزال مستمرا، لافتا إلى سعي الوزارة لإنجازها بشكل نهائي قبل الدخول بذروة الأحمال الصيفية، بما يضمن استقرار المنظومة الكهربائية خلال أوقات الطلب المرتفع. وذكر أن المنصة العائمة تمثل حلا سريعا لمشكلات الغاز، وتسهم في تزويد المحطات بالوقود بكلفة أقل مقارنة بالمنصات الثابتة، التي تعد مرتفعة التكاليف من الناحية.
بالمحصلة، تمثل منصة الغاز العائمة حلاً مؤقتاً وستراتيجياً في آن واحد. فهي تسد فجوة حرجة في إمدادات الوقود، وتمنح العراق هامش أمان في صيف شديد القسوة، لكنها ليست بديلاً دائماً عن الحل الجذري.
هذا المحتوى مقدم من عراق أوبزيرڤر
