"دار ألكا" العراقية في قلب عاصفة ثقافية.. كتب وعناوين وهمية

قبيل انطلاق الدورة السادسة من معرض العراق الدولي للكتاب، الذي استمر حتى 13 ديسمبر، ظهر الروائي العراقي علي بدر على صفحته في "فيسبوك" مروّجاً لمجموعة كتب صادرة عن "دار ألكا" العراقية، التي كان يعمل مديراً لها قبل عامين، معظمها مصنّف بوصفه "ترجمات" عن لغات أجنبية، كما ورد على أغلفتها.

غير أن هذا الترويج، الذي بدا في ظاهره نشاطاً ثقافياً اعتيادياً، تحوّل بعد انتهاء المعرض إلى واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الوسط الثقافي العراقي والعربي. 

إذ كشف الصحفي العراقي المقيم في لندن، صادق الطائي، في مقال مطوّل، عن شكوك جوهرية تتعلق بحقيقة هذه الكتب، وأصولها، ومشروعية نشرها. ما فتح باباً واسعاً من الأسئلة، حول النزاهة المهنية، وحدود استخدام التقنيات الحديثة في صناعة الكتاب.

مجموعة من الكتب التي أثارت الجدل والصادرة عن دار ألكا - الشرق

بداية الخيط: فحص النصوص والبيانات

يقول الطائي في حديثه لـ"الشرق": "بعد الاطلاع على عدد من إصدارات دار "ألكا"، أجريت فحصاً نصياً وفهرسياً لها، وصلت إلى نتيجة أن الكتب وهمية بالكامل. فلا وجود لمؤلفيها في أي سجل عالمي، ولا تظهر أسماؤهم في قواعد بيانات الجامعات أو الدوريات، ولا حتى في نتائج البحث الأساسية على الإنترنت. وينطبق الأمر نفسه، وفق الطائي، على أسماء المترجمين المذكورة على الأغلفة".

الأخطر من ذلك، كما يصفه، "أن النصوص نفسها تفتقر إلى خصائص الترجمة، لجهة البنية أو الإحالات أو الأسلوب. فهي تبدو أقرب إلى نصوص عامة ومسطّحة، مكتوبة بلغة إنشائية تشبه إلى حد كبير إنتاج نماذج الذكاء الاصطناعي، من دون أي مرجعيات أو مصادر واضحة، ويتم تقديمها للقارئ على أنها "ترجمات لكتب أجنبية".

صادق الطائي - الشرق

ومن بين العناوين التي أثارها الطائي: "عاصفة ستالين، كيف قتل ستالين رفاقه"، "الحسن الصباح قراءة جديدة في السيرة والتاريخ"، "الإمبراطورية الصفوية: كيف غيّرت الشرق الأوسط إلى الأبد"، و"هتلر والنساء"، وهي كتب، أغلبها لم يُعثر لها على أصل أو مؤلف حقيقي.

ولم تتوقف الشبهات عند النصوص والمؤلفين. إذ كشف الطائي أن جميع هذه الكتب تحمل أرقام ISBN غير مسجّلة دولياً، ما يعني عملياً أنها بلا هوية قانونية معترف بها. كما تغيب عنها أي بيانات تخصّ دور نشر أجنبية أصلية، أو تواريخ إصدار واضحة، أو أماكن طباعة معروفة. 

وبمقارنة أجريناها بين أرقام ISBN المثبّتة على أغلفة كتب الدار، تبيّن أن الرقم الواحد مكرّر على غلافين مختلفين، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق؛ إذ إن رقم ISBN يُخصّص قانونياً لكتاب واحد فقط، ولا يجوز استخدامه أو تكراره لأي إصدار آخر.

ردود متباينة: تبرّؤ وتحمّل مشروط للمسؤولية

في مواجهة ما وُصف بـ"تهمة التزوير"، خرج الروائي علي بدر بتوضيح أكد فيه، أنه لم يعد مديراً لدار "ألكا" منذ عامين، وأن شقيقته الأكاديمية فاطمة بدر هي من تدير الدار حالياً. وأوضح أن دوره اقتصر، بحسب قوله، "على الترويج دعماً للمشروع واستمراريته".

وبرّر بدر بعض العناوين المثيرة للجدل بأنها "مستلّة أو مأخوذة من أعمال معروفة دخلت في "الشيوع الأدبي". مشيراً إلى كتب ليان زيغلر وديفيد برايس جونز، وأخرى منشورة على موقع "غوتنبرغ". ومع تأكيده عدم تحمّله مسؤولية مباشرة، تعهّد "بإغلاق الدار وتحمّل المسؤولية كاملة إذا ثبت وجود شبهة قانونية أو أخلاقية".

غير أن هذا الرد لم يكن كافياً لتهدئة السجال، إذ رأى متابعون وناشطون في مجال النشر، أن القضية تمسّ ثقة القارئ وأخلاقيات السوق الثقافي، وتتطلب شفافية أكبر مما طُرح.

اعتراف ضمني بطريقة العمل

من جهتها، قالت مديرة دار "ألكا" فاطمة بدر، "إن الكتب موجودة فعلاً، لكن جرى تغيير عناوينها بما يتلاءم مع متطلبات النشر". أضافت: "هذا الإجراء شائع عالمياً".

أما في ما يخص الذكاء الاصطناعي، فأقرّت "بأن الدار تستقبل المواد عبر البريد الإلكتروني، وتعرضها على مختصّين، ثم تُخضعها لمعالجة بالذكاء الاصطناعي، وتقبل النصوص عندما تكون بشرية بدرجة معقولة".

هذا التصريح اعتبره بعض المنتقدين للدار، إقراراً باتباع آلية هجينة في إنتاج الكتب، تثير التساؤلات حول حدود التأليف والترجمة والمسؤولية الفكرية، ومدى صلاحية استخدام الذكاء الاصطناعي في التقييم الأدبي.

مطالب بلا إجابة

مع تصاعد الجدل، طالب صادق الطائي دار "ألكا" بنشر الأغلفة الأصلية للكتب التي تدّعي ترجمتها، أو الإشارة إلى مصادرها الأجنبية، إلا أن هذا الطلب لم يلقَ أي استجابة.

وعاد علي بدر لاحقاً ليؤكد مجدداً عدم علاقته بالدار، مبرراً الخلل - بحسب روايته - "إلى شاب تولى الأمور الفنية اليومية، وإلى شركة ترجمة واحدة تعاملت معها الدار، وقدّمت نصوصاً بدت متقنة في ظاهرها". 

وأشار إلى أن "عقوداً أُبرمت مع هذه الشركة وتمّ دفع مستحقاتها، قبل أن تُطبع الكتب على عجل مع اقتراب موعد المعرض".

ويخلص بدر إلى أن ما تم.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من الشرق للأخبار

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من الشرق للأخبار

منذ 4 ساعات
منذ 30 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 3 ساعات
بي بي سي عربي منذ 14 ساعة