دخلت جماهير منتخبي السنغال وكوت ديفوار دائرة الجدل السياسي المصاحب لبطولة كأس العالم 2026، بعدما وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارا رئاسيا جديدا وسّع من نطاق قيود السفر المفروضة على عدد من الدول، ليشمل للمرة الأولى بلدين إفريقيين ضمنا بالفعل المشاركة في البطولة العالمية المقبلة.
وأعلنت الإدارة الأميركية، الثلاثاء الماضي، إضافة السنغال وكوت ديفوار إلى قائمة الدول الخاضعة لقيود دخول جزئية إلى الولايات المتحدة، ضمن ما وصفه البيت الأبيض بـ"قيود محدودة على السفر والدخول"، وهي الفئة الأقل تشددا مقارنة ببقية الدول المدرجة على القائمة التي ارتفع عددها إلى 39 دولة عقب القرار الجديد.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه النسخة المقبلة من كأس العالم، المقررة صيف 2026، مشاركة البلدين الإفريقيين، ما يضع جماهيرهما أمام واقع معقد قد يحرم آلاف المشجعين من السفر لدعم منتخباتهم من المدرجات، رغم التأهل الرسمي إلى الحدث الكروي الأهم في العالم.
أسباب القرار الأميركي
وبرّر البيت الأبيض إدراج السنغال وكوت ديفوار ضمن قيود السفر بارتفاع نسب تجاوز مدة الإقامة القانونية لحاملي تأشيرات الزيارة من نوعي (B1 وB2)، وهي التأشيرات التي يحتاجها المشجعون الراغبون في حضور مباريات كأس العالم داخل الولايات المتحدة.
وبحسب بيانات وزارة الأمن الداخلي الأميركية، بلغت نسبة تجاوز مدة الإقامة نحو 4% في حالة السنغال، بينما وصلت إلى حوالي 8% بالنسبة لكوت ديفوار، وهي أرقام اعتبرتها الإدارة الأميركية مبررا كافيا لفرض قيود إضافية، وإن كانت جزئية مقارنة بدول أخرى.
استثناء اللاعبين والدبلوماسيين من القيود
ورغم المخاوف المتزايدة بشأن مصير الجماهير، نصّ القرار الرئاسي بشكل واضح على استثناء فئات محددة من هذه القيود، على رأسها الرياضيون المشاركون في البطولات الدولية، إضافة إلى الدبلوماسيين والأفراد الذين ترى السلطات الأميركية أن دخولهم يخدم "المصالح الوطنية للولايات المتحدة".
ويعني ذلك أن لاعبي منتخبي السنغال وكوت ديفوار، إلى جانب الأجهزة الفنية والإدارية، سيتمكنون من دخول الأراضي الأميركية دون عوائق، في حين تبقى الجماهير الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، وسط غموض بشأن آليات التطبيق العملي للقرار.
دول أخرى تخضع لقيود أشد
ولا تقتصر القيود الأميركية على البلدين الإفريقيين، إذ تشمل قائمة الحظر الموسعة دولتين أخريين تأهلتا بالفعل إلى كأس العالم 2026، هما هايتي وإيران، واللتان تخضعان لأشد درجات القيود المفروضة على السفر والدخول إلى الولايات المتحدة.
وتعكس هذه المعطيات حجم التداخل بين السياسة والرياضة في نسخة مونديالية توصف منذ الآن بأنها من أكثر النسخ إثارة للجدل خارج المستطيل الأخضر.
مجموعات قوية تنتظر المنتخبين الإفريقيين
وعلى الصعيد الرياضي، أوقعت قرعة كأس العالم 2026 منتخب كوت ديفوار في المجموعة الـ5، إلى جانب منتخبات ألمانيا وكوراساو والإكوادور، في مجموعة تبدو تنافسية وتعد بمواجهات قوية منذ الدور الأول.
في المقابل، حلّ منتخب السنغال في المجموعة الـ9، رفقة فرنسا والنرويج، إضافة إلى منتخب أوروبي سيتأهل عبر الملحق، كما سيكون "أسود التيرانغا" أحد آخر منافسي منتخب الولايات المتحدة في المباريات الودية التحضيرية، حيث يلتقي المنتخبان في 31 مايو بمدينة شارلوت في ولاية كارولاينا الشمالية، قبل أيام قليلة من انطلاق المونديال.
نظام تسريع التأشيرات.. حل جزئي أم تعقيد إضافي؟
وفي محاولة لاحتواء الانتقادات، كشفت لجنة تنظيم كأس العالم التابعة لإدارة ترامب، برئاسة أندرو جولياني، في وقت سابق من ديسمبر الجاري، عن نظام خاص لتسريع إجراءات التأشيرات الخاصة بزوار كأس العالم.
ويعتمد النظام، الذي جرى تطويره بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، على منح حاملي تذاكر المونديال أولوية في مواعيد مقابلات التأشيرات، ضمن ما يُعرف بنظام جدولة المواعيد المفضل.
غير أن الغموض لا يزال يحيط بكيفية تطبيق هذا النظام على مواطني الدول الخاضعة لقيود السفر، مثل السنغال وكوت ديفوار، في ظل غياب توضيحات رسمية حول ما إذا كانت هذه الآلية ستخفف فعليا من أثر القرار الرئاسي أم ستبقى حبرا على ورق.
وتضاف أزمة قيود السفر إلى سلسلة من القضايا الجدلية التي تطارد كأس العالم 2026، والذي تستضيفه كل من الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، بداية من سياسات الهجرة والحدود، مرورا بالانتقادات الموجهة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم بشأن إدارة البطولة.
وكانت "فيفا" قد واجهت مؤخرا انتقادات حادة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار التذاكر، نتيجة اعتماد نظام التسعير الديناميكي، وهو ما زاد من مخاوف الجماهير بشأن إمكانية الوصول إلى المباريات، سواء من الناحية المالية أو القانونية.(ترجمات)۔۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
